يزدحم البث التلفزيوني بالساعات العديدة من البرامج المتنوعة و نتيجة الوضع القائم في بلدنا يطغى جانب البرامج السياسية على مدار اليوم منها ما هو مفيد تقدم الخبر و المعلومة و التحليل و تقف على أسباب الظواهر التي ينزف و يعاني منها الوطن و تحاول أن تطرح الحلول بشكل عقلاني وعملي و منها ما هو ارتجالي خطابي مؤدلج الهدف منها إثبات وجهة نظر معينة دون الأخذ في الأسباب التي أدت إلى الظاهرة أو المشكلة.
يجب أن تغطي البرامج كل جوانب الواقع وتحاكي مختلف شرائج المجتمع و يبرر لإعلامنا إفراد مساحة كبيرة للبرامج السياسية نتيجة الأزمة التي يمر بها بلدنا الغالي لأن الإعلام يعتبر الوسيلة الأولى للحسم و الخط الدفاعي الأول في خضم الأزمات حيث يقول المفكر الأمريكي جون مايند المتخصص في مجال الإعلام و العلاقات العامة المعارك تحسم أولاً إعلامياً و من ثم دبلوماسياً و من ثم عسكرياً ( في العام 2003 بغداد سقطت إعلامياً قبل أن تسقط عسكرياً خلال الغزو الأمريكي للعراق الشقيق) و لا يبرر لإعلامنا إفراد مساحة معينة لبعض البرامج الهابطة التي تؤدي إلى إنحطاط في الذوق العام للمتلقي و تنمي لديه القيم الاستهلاكية و بعض البرامج التي أصبحت قدر في إعلامنا و من المفروض أن تخصص تلك المساحة لمخاطبة الإنسان السوري المرهق و المتعب و المحبط من تداعيات الأزمة و لا بد أن يكون لأطفال سوريا النصيب الأكبر من ذلك التوجه.
في زمن الإعلام العولمي 75% من المعلومات التي يحصل عليها المتلقي تتم من خلال الصور وخلال الأزمة السورية بالإضافة إلى فضائياتنا المحلية تصدر الخبر السوري النشرات الإخبارية لمعظم الفضائيات العربية والغربية لذلك كان هناك كم كبير من الضخ الإعلامي من خلال الصور و المواد الفلمية التي لا نستطيع أن نحكم بمدى مصداقيتها فالقاعدة الإعلامية تقول الصورة لا يمكن تكذيبها لكن يمكن تزيفها ومن هنا يمكن استثمار تلك الصور في قلب و خلط الحقائق لدى المتلقي بحسب سياسة المحطة و الهدف الذي تروج له.
في هذا الإطار ممكن أن يكون لتلك الصور نتائج كارثية على أطفالنا إذا لم يتم التعامل معها بشكل علمي و نفسي مدروس لما تحتويه من مشاهد عنف و قتل و دمار و تقطيع أوصال تنمي روح العدائية ورفض الآخر و تتعامل مع قتل الروح البشرية على إنه أمر بسيط و اعتيادي و خاصة إنها مرفقة بصيحة الله أكبر والله و الدين بريء من هذه الأفعال بالأضافة إن تلك الصور تشرعن ثقافة التعصب و التطرف من خلال التسويق الممنهج لها الذي يتنافى مع أخلاقيات و أدبيات الإعلام.
فخطورة تلك الصور تكمن في التشوه النفسي و الفكري الذي يمكن أن يعاني منه أطفالنا فهي تعمل على القضاء على المنظومة الأخلاقية لدى أطفالنا و تزكي قيم العنف و التطرف و الحقد بدلاً من قيم الخير و التسامح و الغفران.
أطفالنا هم المستقبل والأمل وعماد الوطن هم رجال سوريا القادمون لذلك يتوجب على إعلامنا تخصيص مساحة للبرامج الموجهة إلى أطفالنا تشرح وتقدم الإجابات لتساؤلاتهم الكثيرة لا بد من تخصيص برامج تزكي القيم الإيجابية و الخلاقة وتؤسس لثقافة الوسطية و الاعتدال التي يحتاجها المجتمع السوري أكثر من اي وقت مضى لا بد من استضافة مختصين نفسيين و اجتماعين لتخفيف الآثار السلبية في نفوس أطفالنا حتى يخرجوا من حالة الرهاب النفسي و العصبي و الخوف الشديد الذي ينتابهم لا بد من التوجه إليهم ببعض البرامج الترفيهية التي تساعد في زرع البسمة على شفاههم لا بد من تظافر جهود الإعلام و الأسرة و المدرسة و كافة الفعاليات في بلدنا من أجل تخفيف وطىء ما يحدث في نفوس أطفالنا لا بد من بناء الطفل السوري على المفاهيم و القيم الإنسانية الخلاقة حتى ينشىء جيل معافى أخلاقيا و فكريا و نفسيا.
شكرا من القلب لمقالتك التي تضيء على جانب الصحة النفسية لاطفالنا من هول ما يجري في واقعنا السوري و هذا الجانب مهمل في شتى اشكال وسائل اعلامنارغم اهميته و خطره على مستقبل سوري لما غرست من مفاهيم و صور تعزز العنف و التطرف لايمكن ان تزول من نفوس اطفالنا بسهولة مع الزمن.مقالتك تلامس قضية جوهرية و ملحة في واقعنا السوري يجب التعامل معها بسرعة كبيرةو الا خسرنا جيل كامل.
معك حق الكثير من اطفالنا بحالة هلع و خوف شديد و لا احد يعير هذا الجانب اي اهمية لا الدولة و لا المجمتع اوافقك الرأي اصبح لدينا جيل مشوه فكريا و ثقافيا و اختطلت لديه المفاهيم و لا بد من تظافر جهود كل الموسسات من اعلام و تربية و مجتمع من اجل تصحيح الصورة و العمل على انقاذ جيل كامل من خطر التشوه النفسي و الفكري لما فيه خير البلد .... الكاتب المحترم شكرا لموضوعك المهم
الاستاذ الكاتب شكرا لتطرقك لهذا الموضوع المهم بس مع كل اسف اعلامنا اعلام تطبيل و تزمير يعني بغنيلها و بدقلها ورح يبقى هيك.
أطفالنا هم ذلك الأمل الذي نرسمه على المستقبل المجهول والذي نعلق عليه أمانينا ولابد كما ذكرت أن نراعي مدى خطورة الجانب الإعلامي ومدى تأثيره على نشئتهم ..سلم قلمك أستاذ تمار ودمت صدى أصواتنا
لقد كتبت ما كان يجول في صدري من بداية الأزمة. نعم لقد قمت أنا بعمل ذاتي بأن حاولت أن أمنع أطفالي من رؤية المناظر المقززة من قتل وتقطيع وحقد ، لكني وجدت نفسي ضمن قطيع من الجهلة الذين يحرضون أطفالهم على رؤيتها وتأجيج الحقد ضد الطرف الآخر الذي باتوا يتعبرونه العدو الأول في العالم، فهل بعد ذلك يمكن أن نبني وطنا؟؟؟ هل تعتقد أن هؤلاء الأطفال سيكبرون ونفسيتهم سليمة؟ هل يمكن أن يكونوا بشرا أسوياء؟