هرطقة نفسية
المازوخية . والسادية . وجلد النفس ...
وجهان لعملة واحدة : السادو – ماسوشية .
التفريط والإفراط ضفتي نقيض . نقيض يجري بنا جري نهر جارف .
السمو والدنو : الإسفاف والعلو : المحبة والغلو : مفاعيل تتحكم بتفاصيل حياتنا ..
طوبى لمن علم ماهية النقيضين . فاتخذ سربا بين المجازين . وكان من الوسطية . وعلى مسافة واحدة من الحدين .
تذهب الأقليات الدينية والعرقية إلى تمثل الطقوس والعادات والممارسات الشعبية . الصوفية والروحية والمادية وغيرها . إلى ناحية التطرف . فتارة تجد سمة طائفة ما . جلد النفس وبعنف . وقد تجد في عرق ما من الأعراق . تماهيا في الانفلات الأخلاقي حتى مبلغ الشذوذ الإنساني .
ومرة تجد المرونة والتساهل في قضايا تمت بصلة إلى الدين . وإلى غيره من الأعراف والقوانين . يبلغ درجة التسيب والذوبان والتمييع للفكر الإنساني . الذي يعتمد ضوابط خلقية من نوع ما ومصدر ما .
أعداء الوسطية كثر وأنصارها قليل .
الفكر الوسط .يوجد حلول للمعضلات . ويقرب وجهات النظر . ويساوي بين المتناقضات حتى حد الإمتزاج . و يشكل فكر وليد من فكرين متناقضين . و يكون هو الشذوذ المنطقي الوحيد في نظرية تنافر الضدين واستحالة جمعهما .
لذاك كان أعداء الوسطية كثر . إذ أن التماهي والتناهي . هما صدفتين لكتاب الوسطية .
مثال : يعتمد تحصيل الثروة . وتحصيل اللذة . على السرعة . فلو قضى الإنسان عمره كله يعمل بنظام وبشكل منطقي . فإن هذا سيكفل فقط عيشه بكرامته . ولن يحصل على الغنى المادي بأي شكل من الأشكال . لذلك كانت السرعة ضرورية . ومن هنا من هذه الضرورة قيد الإنسان الجشع نفسه بقوانين شاذة تسرع عملية الكسب . بغض النظر عن حجم الأذى الحاصل لعدد كبير من الناس بسبب هذا السلوك وهذا الإفراط . والمبالغة .
كيف نرقى بالفكر العام إلى مرتبة الوسطية ونبذ التطرف والتسيب .
لا شك أن العملية التربوية النفسية تحتاج إلى تضافر الجهود كافة في البيت والمدرسة والعمل . وهذا جانب مغفل من التربية . فالطفل ( شفيفة ) تتعرض لأنواع وأنماط مختلفة من السلوكيات المحيطة به . فيشف من هنا خصلة سيئة . ومن هناك حسنة . ومن هنا سيئة وهكذا . وهنا يأتي دور التربية والتوجيه ووضع ثوابت للطفل تصون شخصيته من الاهتزازات . وتزيد من صقلها مع التجارب .
الاستعدادات و الكوامن :
لا شك أن كل واحد منا يتعرض لضغوط الحياة . ولعملية الطحن والعجن والخبز. يوميا عشرات المرات . وهنا يظهر دور الكوامن النفسية . فإن كانت معدة ومدربة لتحمل أعباء الحياة وللصدمات . ثبت صاحبها أمام المشكلات الكبيرة والصغيرة . وإلا فإنه سيهوي عند أول منعطف . ويرتكب الحماقات والجرائم . ويركن إلى أسرع الحلول دون النظر إلى العواقب .
كيف تعلم أنك تملك كوامن إيجابية في نفسك .. ؟ .
المطبات والاختبارات الصعبة هي أروع كاشف عن الكوامن الإيجابية أو السلبية . ونوع الاستجابة هي التي تحدد نوع الكوامن في نفس الشخص .
ثم هناك تجربة وهي تجربة العشرة أسئلة .
ضع نمطا من الأسئلة العامة . أو فاطلب من أحد أصدقائك أن يعد قائمة من عشرة أسئلة عامة . تتحدث عن الخيارات . بين . وبين . في حوادث قد تتعرض لها . ثم وزع هذه الأسئلة على أكبر عدد ممكن من أصدقائك وخذ نسخة لنفسك . وفي النهاية انتخب الإجابات المتوافقة في تبويب خاص . والإجابات المتنافرة في تبويب أخر . وأنظر إلى أي الفريقين تنتمي . ويكون الاختبار دقيقا لوكان نمط الأسئلة مستمد من الثوابت الفكرية والاجتماعية . فلن يتوافق المجتمع مثلا على قبول جريمة القتل .
ماذا لو كنت من الفريق المريض المصاب بالتفريط أو الإفراط .
الحل بسيط . ليس هناك حد للوقوف عنده في مسألة تهذيب النفس . فأنت مستعد لقبول المنطق حتى لو خالف معتقدك . و حتى لو كان عمرك مائة عام .
درب نفسك على كسر جليد النفس . وتقبل الفكر الأخر . على أقل تقدير على مستوى الاستماع له . وتقبل وجوده إلى جانبك .
أنبذ جميع الأفكار التي تدعو إلى شطب وإلغاء الأخر . حتى لو كان مصدرها معتقدك . فلا بد وأنها من عوامل التحريف في معتقدك وليست أصلا من أصوله .
قواعد عامة ..
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول جريمة القتل .
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول سرقة أموال الآخرين .
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول مصادرة حرية الآخرين .
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول الاعتداء على الآخرين بأي شكل وتحت أي ظرف .
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول شطب وجود أي فكر إنساني له أتباعه أو أي معتقد أو أي عرق أو أي فلسفة فكرية .
لن تتوافق البشرية على تشريع وقبول تعميم فكر واحد على كل البشر . التنوع ضروري .
تقبل الفكر الأخر ... بيت القصيد والحلقة المفقودة في مسألة تهذيب النفس، فلو تنبه أي منا إلى عطيم تلك المسالة لطوينا الكثير الكثير مما آلت إليه أمورنا في هذا العصر...عزفت على الوتر الحساس وكشفت الكثير من خفايا نفوسنا وأزيدك في القصيد بيتاً أستشفه مما وردنا عن رسولنا الكريم حينما قال نحن أمة نألف ونؤتلف والباقي من عندكم أخي العزيز الحلواني!!!
أستاذ عصام إن البيئة التي يعيش فيها الإنسان تلعب دوراً كبيراً في الخبرة التي يكتسبها وفي تنمية قدراته وميوله وأفكاره وهي إما أن تكون سلبية أو إيجابية ولكن لا بد أن يؤثر ويتأثر بالمجتمع الذي يعيش فيه فالموضوع طويل وشيق الحديث فيه ولكني أكتفي بهذا القدر ودمت بألف خير .