syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
يؤسفني حقاً أنك رحلت ... بقلم : ريم الأتاسي

يؤسفني حقاً أنك رحلت، وتركت لي من الحزن، ما سيبكيني ربما لأشهر، وربما لسنين عدة..

 لك أن تتخيل منظري والدموع تجري من عيوني، عندما سنتكلم عبر الهاتف، سأضحك حتى أوهمك بأنني على ما يرام، وسأتجنب الرد على سؤالك عن أحوالي، لأنني سأعتبره اختباراً نفسياً..

سأكون دوماً بصحة جيدة، وعندما سأمرض سأكون بغاية السعادة، حيث أنها ستكون الفرصة لأجدك مجدداً بقربي..


إنه حكم الحب على المحبين، أن يدعهم يعشقون بأمل وبلا أمل، يذلهم حتى الندم، ويجعلهم يعتصرون في كل ذكرى فراق لهم مع من أحبوا من الألم..

إنه حكم الأيام يا عزيز.. أن تفرق العشاق، لكنني لست حتى عشيقتك، أجل أنا أحببتك، لكنك لم تستطع فعل ذلك، وأعلم بانك بذلت الكثير من الجهد لتفعل ذلك، لكن الحب يأتي دفعة واحدة، أو لا يأتي، إنه ذو قانون ، ولا قانون له أو عليه..

 

إنك حاكم ظالم يا قلبي، أطعت حبه حتى نزفت شوقاً، لن أموت بعدك، فقد علمنا الزمان أن ننسى، وأن نقسو على ذاتنا قبل أن نقسو على الآخرين..

 

فلتعلم يا عزيز، أنني سأكون بغاية القوة والأناقة عندما ألتقيك، وسأطلب منك مراقصتي أن استحيت أن تطلب ذلك، لأنني أحب بحضارية مبالغ فيها، فكما فرقنا الوقت، هو كفيل حتى ينسينا.. أو هذا ما أحب تصوره، فلا تطلب مني ألا أفعل..

 

قصتنا كانت أقصر من أن تروى، ومشاعرنا تهان عندما توصف، لذلك فأنا سأختار الصمت، كما ستختار أنت الابتسام، فلا تعتقد يوماً أن المواساة تنفع من طعن بسهم الحب، ومات قلبه، ولا تطلب مني أن أبحث عن حب جديد، فهذا قلبي، وهذه أشعاري، وهذه كراساتي، لا شيء سيتغير فحبك ورحيلك، كرهك ونسيانك، شيء يخص مدونتي فقط.. يخص وحدتي، كما تخص دموعي عيناي..

 

قد أكون قاسية يا عزيز، لكنني لست متعلقة بالخرافات ولا الأساطير، وكلام الماضي يبكيني، ونكتة الحاضر لا تسعدني، فأنت سعيد لمجرد أنك سعيد، والسعادة سر لا يمكن لأحد أن يعبث بمقاديره، فمن يعبث بالسحر، يراهن على المجهول..

 

أكمل مشوارك ولا تنظر كثيراً إلى الخلف، فما فعلته لم يكن جريمة لا تغتفر، ولا إساءة إلى الحب، ولا خيانة، كان عطفاً على قلب مشوب بالأحزان، ملأت عالمه يوماً بالحب، رغم أنك لم تستطع أن تحبه، لم تستطع أن تتأقلم مع ساديته، وعنفوانه، فهذا طبع البشر، يخافون من الأشياء الغريبة، ولا يستطيعون التأقلم معها!

 

لم نتفق يوماً على نوع الموسيقا التي نحب سماعها، ولا على الطعام، ولا على الأماكن، ولا على أي شيء، ومع هذا فلم يحاول أحدنا أن يعتاد أمر الآخر ، بل كنا نجذب بعضنا بكل قسوة وعنف إلى ما نرغب فيه، حتى كسرنا الجسر الذي كاد ان يصل بيننا وسقطنا، لكني وحدي من ارتطمت بصخور الفراق، فحظك كان أطيب.. فقد وقعت في جنة الحب!

 

أخيراً يا عزيز.. سأطوي هذه الأوراق وسأحرقها، هذه الصديقة الوفية، التي تكتم الأسرار، قد أكون تكلمت عن عمد، لكن قلبي بائس جداً، والقلوب لا تهوى الاحتراق بنيران الفراق.. فسامحني على كل ما حاولت أن أمنحك إياه من حب، وعطف واشتياق، فجريمة أن تحب من لا يعرف الحب قصصاها الإعدام، لكنك يا عزيز اتقنت فن الحب، وأصبحت المعلم الأول فيه، فقضيتي ستسقط مع التقادم، مع مرور السنين، وستكون أنت الفائز الوحيد في هذه المعركة، ومن يدري قد أقع في غرام المحامي، وأعوم في بحر العشق من جديد!!

 

2013-08-02
التعليقات
مكرم حنا
2013-11-06 18:43:01
أحسست بانتمائي إلى الوطن
أعلم أن هذه الخواطر إنسانية اللمسة ولكنني شعرت أنني أقرأ لشخص سوري أصيل لما تضمنته من قيم نبيلة وإسلوب يتميز به السوريون. بتنا نحُن إلى أصولنا, إلى عراقتنا, إلى أنفسنا

سوريا
قارئ جاهل
2013-08-03 16:52:44
شكراً
ما بقدر صنف حالي على أني شخص متذوق للأدب.. وعادة بكره الخواطر والأشعار وبعتبرها مبتذلة وحتى ما بحاول اقراها.. فتحت هي المقالة بالغلط وقلت بقرا منها أول سطرين.. كتير شدتني واستمتعت فيها وحسيت أنه كل المشاعر اللي فيها وصلتني بدون تكلف ومبالغة. شكراً ريم

سوريا
محمد عصام الحلواني
2013-08-02 10:20:20
الأستاذة المحترمة ريم الأتاسي
لم أقرا رسالة مودة تحمل كل هذا التضاد والأمشاج المختلطة من الصور التراكمية التي تضج بالحب تارة وبالغضب تارة أخرى وبالحرب اللطيفة تارة ثالثة . وقد أبدعت في تحليل نفس الحبيب وسبر اغواره واكتشاف ما يفكر به حتى .. ولقد وصفت فكان الوصف جميلا رقراقا . طوبىلمن تحبينه في هذه الرسالة فلقد فاز بامرأة ليست كالنساء . بل فاز بكل النساء دفعة واحدة . أرجو أن تتقبلي مروري

سوريا
حميدو العتيق
2013-08-02 08:39:23
يؤسفني حقاً أنك رحلت ... بقلم : ريم الأتاسي
لفتني في ما قرأت بقلمك و من عل لسانك و مما كتبتي مستعينتةً بعقلك أكثر من إحساسك و قلبك ، لفتني كلمة واحدة و هي ( التقادم ) و كأني أرى أمامي طالبة حقوق أو محامية، تبوح بإحساسيها ليس كذباً و لكن لا تبدو لي حقيقية .

سوريا