syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
سوريا... ثم سوريا... ثم سوريا ...بقلم : د.م.

عندما تقتتل دولتان عدوتان.. تحاول كل منهما تحقيق أكبر قدر من المكاسب على الأرض على حساب  الأرواح والممتلكات المادية ليكون موقفها أقوى في مفاوضات ما بعد الحرب... ورغم كل مافي هذه  الفكرة من قسوة إلا أنها أصبحت عرفاً لأن البشر بعقولهم المريضة والمنحرفة اعتبروها قانون حرب... لا طائل من الخوض في هذا لأن وجود الحروب بحد ذاته هو دليل على قصور عقل البشر...


ما أردت أن أقوله الآن هو أنه على مر التاريخ أصبح طبيعياً أن نرى جيشاً يقتل أكبر عدد من  المدنيين الأبرياء ليكون موقف دولته أقوى في المفاوضات... ولكن إذا نظرنا إلى ما يحدث في سوريا  فالوضع أكثر قماءة و أشد قذارة ... فإن افترضنا أن النظام مجرم وأردنا تبديله... هل نبدله بأناس  يستعينون بالإسلاميين وبالأمريكيين والأتراك والأوروبيين لقتل أكبر عدد منا ليسيطروا على الأرض ثم  يفاوضوا... هل نقبل بأناس يعتبروننا عدداً كلما قتلوا منه أكثر يكون أفضل لأن كفتهم تصبح هي  الراجحة في كفة المفاوضات ويصبح لديهم فرصة أكبر للفوز بالكرسي.... نعم الكرسي..

 

 فلا تتوهموا  ان أحداً يفاوض لإعطائنا حقوقاً أكثر فنحن ينتهي دورنا كطرف في المعادلة ما إن ينتهي الاقتتال ويبدأ  كل طرف بإحصاء غنائمه.... هل نقبل بمن يستعين، أو على الأقل يتعامى عن ممارسات الإسلاميين  في سوريا لأن هذا في مصلحته متعامياً عن كل الآثار السلبية التي تخلفها هكذا ممارسات... هل نسلم مستقبلنا لأناس أعماهم طمعهم وغرورهم فظنوا إنهم قادرون على تحجيم الإسلاميين بعد أن يصلوا إلى  مآربهم... هل نأتمن على حياتنا أناساً يتجاهلون التاريخ ولم يتعلموا منه إن الإسلاميين كالمارد تخرجه  بسهولة من فانوسه ويمكنه أن يلبي لك أمنية أو ثلاثة ولكنه بعد أن يرى قوته يرفض العودة إلى فانوسه  الضيق المظلم... ويتمرد عليك ويبدأ بلعب لعبة جديدة لصالحه هو...

 

هل نسلم حياتنا لأناس يريدون موتنا… أليس هذا ماقاله الائتلاف الوطني... إنه لا يريد الذهاب إلى  المفاوضات إلا اذا كان مسيطراً على الأرض.. قالها في وقت كان الجيش النظامي هو المسيطر فيه  نسبياً... فكلامه كان يعني أنه يطلب من الدول" وخاصة المملكة" الداعمة له أن يمدوه بجيوش من  المرتزقة وبأطنان من السلاح ليقتل أكبر عدد ممكن من أبناء بلده ويوجه المفاوضات بما يرضي  المملكة راعيته...

 

في عالم السياسة والمحادثات القذرة في الكواليس هو أمر عادي جداً أن يقرر المتآمرون على سوريا  ومن جندوهم لتحقيق مصالحهم (تحت مسميات مختلفة ليس لهم منها إلا نصف الاسم فهم جيش  وائتلاف ولكني لا أرى أثراً للحرية أو الوطنية!!!)... هو أمر عادي أن يقرروا فيما بينهم ألّا يذهبوا  إلى المفاوضات إلى إذا سيطروا على الأرض ولكن أن يقولوا هذا في مؤتمر صحفي وعلى العلن فهذا  لعمري استخفاف ما بعده استخفاف بالدم السوري وبكل السوريين.....

 

ستقولون لي إنه سيقتل أفراداً من الجيش فقط… سأوافقكم الرأي هو يطلب العون ليتمكن من الانتصار  على الجيش بقتل أكبر عدد ممكن من عناصره ولكن من هم عناصر الجيش؟ أليسوا هم أبناء هذا  الوطن وخيرة شبابه الذين يقاتلون دفاعاً عنه ؟ أليسوا أناساً بسطاء سرقت أحلامهم و طاقاتهم في حرب  لا تبقي ولا تذر بدل من أن تستخدم في إعمار البلاد؟!!!!!

 

وإن افترضنا إن كل ما يحدث وراءه نية طيبة وهدفه المواطن السوري أولاً وأخيراً... ألم يفكروا ماذا  سيحل بكل هذه الأسلحة بعد نهاية الحرب؟ هل سمحت لهم عقولهم الصغيرة أن يظنوا أنه بإمكانهم  استردادها من الجماعات المتقاتلة بعد نهاية الحرب... أليس لديهم أدنى معرفة بطبيعة أمراء الحرب الذين كل منهم يحاول بعد الحرب إنشاء إمارته... لو أن طرفاً واحداً من الأطراف المتقاتلة يهتم لأمر سوريا ولشعب سوريا لذهب الجميع إلى المفاوضات  لإنهاء الأزمة بأسرع وقت ممكن... ولكن كل مشغول بمصالحه ولا أحد يفكر فينا..

 

بالله عليكم هل صدقتم أن المملكة تدعم المعارضة لأجلنا ولتحقيق الديمقراطية في بلدنا.. إذا كان فعلاً  هدفها هو الديمقراطية كان أحرى بها قبل أن تروج للديمقراطية في سوريا أن تطبق الديمقراطية في  أرجائها، أوليس الأقربون أولى بالمعروف...

 

أرجوكم يا أبناء بلدي لاتكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار.... ولا تسمحوا لأحد أن يستخدمكم  كورقة مفاوضات لخدمة أسياده...إن أشد ما يؤسف له في الثورات العربية أنها وعلى عكس كل ثورات العالم فرضت على الشعوب  العربية فرضاً... فالثورة بالعرف المتعارف عليه هي حركة نابعة من الشعب تجبر السلطات على  الخضوع لها... ولكن ثورات الخريف العربي ( حتى تسميتها بالخريف هي ظلم له لأنه وإن كان يعني  نهاية الصيف ولكن تبقى له جماليته.... بينما الثورات العربية فلا جمال فيها البتة) أقول إن ثورات  "الخريف" العربي فقد تم فرضها على الشعوب وأجبرت هذه الشعوب على الخضوع لها.... العرب  الذين منذ الأزل اتقفوا على ألا يتفقوا كسروا القاعدة هذه المرة واتفقوا على شعار ثورة واحد " الشعب  يريد إسقاط النظام" توحد الشعار رغم اختلاف النظم واختلاف الشعوب التي رفعته فكيف لنا أن نصدق  أن هذا نابع من الشعب؟؟!!!!!!!

 

كل الشعوب العربية أرادت فجأة إسقاط "النظام" وكلها اتفقت أيضاً على جهلها بما تريده بعد إسقاط "النظام" ...... وبما إن الخبر الجيد لا يأتي وحيداً ( تماماً كما المصيية) فقد اتفق العرب على شيء آخر  وهو أن تمويل جميع "الثورات" العربية هو خليجي وقطري تحديداً....... أليس شيئاً يدعو إلى التساؤل،  أين هو الشعب من هكذا ثورات وأين هي منه؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!

 

فمنذ بداية "الثورة" في سوريا لا أحد يسمع الشعب ولا أحد يرى معاناته وإنما نرى على الشاشات  المدعومة بالنفط العربي أناساً ممولين بالنفط العربي يدّعون احترام الشعب والدم السوري...ويصورون للناس معاناة السوريين كما طلب , منهم أن يفعلوا, النفط العربي.....

أعلم أن كلامي لن يسلم من نار انتقادات فئة كبيرة من القراء... ستقولون لي هذا الكلام صحيح بالنسبة  للجيش النظامي أيضاً... ولكنني أستبق وأقول لكم إن مهمة أي جيش في العالم هي حماية الشعب والبلد من التدخل الأجنبي.... و ما يسمى بالثورات العربية ما هي إلّا شكل جديد للتدخل الأجنبي.... ستقولون لي النظام يستعين بالروس والإيرانيين وغيرهم... سأقول لكم إنه من الغباء عدم رؤية الحقيقة  كماهي فسوريا، رغم حبنا الشديد لها، ما هي إلا بلد صغير نامٍ... ليس لديه القدرة للدفاع عن نفسه  لوحده وهو بحاجة إلى حلفاء استراتيجيين...

 

وأنا كما كل مواطن سوري يعشق سوريا إذا كان لي حق  اختيار الحليف فسأختار من له تاريخ أنظف نسبياً... لن أختار الأم الحنون لاسرائيل... لن أختار من قصف هيروشيما بالقنبلة النووية... لن أختار من اجتاح العراق الشقيقة ودمرها بناءً على كذبة... لن  أختار من رعى الإرهاب خلال عقود ثم اتخذه حجة لمحاربة العرب والإسلام...لن أختار من يدعي  احترام حقوق الإنسان والحريات ويسمح لنفسه بالتجسس على المواطنيين من أصول أجنبية.... لن  أختار من إن يرى على جواز سفر اسم محمد أو عبد الله ( اللهم إن لم يكن ممهوراً بختم النفط) فإنه  يسمح لنفسه باحتجاز صاحبه في المطار ساعات طويلة للاستجواب... هذا إن كان قد أعطاه ڤيزا  تسمح له بوصول المطار... لن أختار من يتهمنا بعدم احترام الانسان وهو يدير سجن غوانتانمو...

 

 لن أختار من يدفع مليارات لتمويل حرب ولا يدفع آلاف لبناء مدرسة....لن أختار من أنفق الملايين  بعد أحداث أيلول لتجييش العالم ضد "الإرهاب" أو بالأصح الاسلام ولم ينفق دولاراً واحداً لعلاج  المتضررين نفسياً من الانفجار مما اضطرهم للذهاب والاستطباب في كوبا أو كندا.... لن أختار من  يضطهد المقيمين غير الشرعيين في بلده ثم يطلب منهم أن يتطوعوا في جيشه ويذهبوا ليقاتلوا شعب  العراق الأعزل مقابل إعطائهم الجنسية.... لن أختار من يتجسس على حلفائه ومواطنيه ثم يعلن بوقاحة  إنه مضطر لذلك لحماية أمنه وينكر هذه الممارسات على الآخرين...

 

لا يمكنني هنا أن أحصر كل  أسباب عدم اختياري لهذا الطرف ولكني بالتأكيد لن أختار من يشوه صورة نبينا عليه الصلاة والسلام  ومن يجيش الناس ضد ديننا الحنيف.... والأهم إنني لا يمكن أن أختار من اختاروا طواعية أن يكونوا  عبيداً لهذا الطرف.. ووظفوا اموالهم ونفطهم لخدمته وراحته... أجل روسيا وإيران ليسا ملاكين  ولكن عندما تضطر للتعاقد مع "الشيطان" فاختر الشيطان الأقل شيطنةً...

 

ودمتم...

2013-08-26
التعليقات
د.م.
2013-08-27 11:11:07
الصديق سامر أديب
يا سيدي أنا لم أكون فكرتي عن أمريكا من الاعلام السوري وإنما من الواقع ومن الاعلام الغربي الذي ورغم محاولته لتصوير أمريكا كملاك فلا يمكنه إخفاء الحقيقة كاملة.... وهو يحاول دائماً تشويه صورة روسيا وإيران وهكذا هو الاعلام في كل مكان... فلا تتهم الاعلام السوري فقط... ربما عيب الاعلام السوري انه لا يتقن فنون الكذب كالأخرين بعد ولهذا فهو سهل اكتشاف الثغرات في عرضهم للأمور.... يمكن لازم يروحو يعملو دورات تدريبية بأمريكا منشان يصير كذبون أكثر اقناعاً وما بقا حدا يشكك فيه...

سوريا
سامر أديب
2013-08-27 01:20:49
تعليق 1
يخلص المقال في نهايته إلى آنه (أجل روسيا وإيران ليسا ملاكين ولكن عندما تضطر للتعاقد مع "الشيطان" فاختر الشيطان الأقل شيطنةً.) صدقني يا أخي أنك لا أنت ولا النظام لم تختارا شيئا، والظروف الدولية هي التي اختارت لكم شيطانكم والذي تسميه الأقل شيطنة ، القصة وما فيها أن أي دولة تدعم النظام السوري تصبح أوتوماتيكيا دولة بطلة وعظيمة في نظر الإعلام السوري ، والدولة التي تعادي النظام السوري تصبح أوتوماتيكياً دولة شريرة وذات تاريخ شيطاني أسود في نظر هذا الإعلام

سوريا
محمدعصام الحلواني
2013-08-26 18:55:24
الأستاذ المحترم : د . م
رغم اختلافي مع حضرتك بالتوصيف لبعض المسميات وبالتحليل في بعض المواقع . إلا أني أشد على يدك الشريفة التي ترى الحق وتشير إليه بالتلميح والتصريح . تقبل مروري

سوريا