2015-02-08 10:29:46
الأردن والإرهاب و«داعش».. ما العمل؟! .. صحيفة الوطن السورية

مأمون الحسيني
كل ما يدب على الأرض في الأردن بعد جريمة إحراق الطيار معاذ الكساسبة على يد تنظيم «داعش»، يتيح للنظام السياسي في عمَان التقاط هذه اللحظة التاريخية، والإفادة من التحشيد الشعبي للتخلص من أنشوطة الضغوط الأميركية والإسرائيلية والسعودية، والتعاطي بإيجابية مع مقترحات التنسيق والتعاون العسكري والأمني مع كل من سورية والعراق لمواجهة «داعش» واستئصاله، ولاسيما بعد تبلور إجماع شعبي كاسح ضد الإرهاب والإرهابيين،


وتعاظم نفوذ القوى المؤيدة لسورية والحل السياسي فيها. كما يوفر له (للنظام)، من جهة ثانية، توجيه ضربة قاسية لقوى الإسلام السياسي الحاضنة للإرهاب في الداخل الأردني، من إخوان مسلمين وسلفية جهادية وغيرها، وإجراء إصلاحات اجتماعية وثقافية جذرية، وبالأخص في المناهج التربوية الماضوية والإعلام المعلَب والخطاب الديني التكفيري المتكلس.
غير أن هذا الضروري الواجب الوجود لمواجهة إرهاب «داعش» ونظرائه، والذي تتطلبه المصلحة الوطنية الأردنية، شيء، وما يقوم به النظام من مناورات شكلية وحركات بهلوانية، من نمط إعدام الإرهابية العراقية ساجدة الريشاوي وزميلها، وما قيل عن شن غارات جوية على مواقع «داعش»، وإطلاق سراح أحد مؤسسي تنظيم «القاعدة» المدعو أبو محمد المقدسي بذريعة رفضه ممارسات تنظيم البغدادي، لامتصاص الزخم الشعبي المتصاعد ضد الإرهاب وداعميه، شيء آخر تماما لا علاقة له بمحاربة الإرهاب ولا مناهضته، ولا حتى الحد من خطورته الجاثمة وراء الأبواب. إذ لم يطف على سطح المشهد الأردني الصاخب حتى الآن ما يشير إلى إمكانية توجه النظام نحو بلورة «خريطة طريق» للدفاع عن أمن الأردن وشعبه في مواجهة الإرهاب، والتي تتطلب، أولا، مغادرة المربع الذي يتموضع فيه حتى الآن، ووقف المساهمة الفعَالة في العدوان الإرهابي المسلح ضد سورية،
ما يواصل نظام عمَان فعله حتى الآن في سورية، وعلى رغم رسائل رأس هذا النظام الموجهة لدمشق، والتي تتحدث عن ضرورة التعاون لمكافحة الإرهاب، وعن تعرضه لـ»ضغوط كبيرة» من واشنطن والعواصم الأوروبية والخليجية، يتجاوز السماح بإدخال مختلف أنواع الأسلحة إلى سورية، وتسهيل تهريب الإرهابيين العرب والأجانب إلى الأراضي السورية، وفتح الأراضي الأردنية أمام مجموعات الإرهاب المختلفة لإقامة معسكرات تدريب وتأهيل، إلى استضافة غرفة عمليات أميركية- سعودية، وبالتنسيق مع الإسرائيليين، لإدارة مجموعات الإرهاب في الجنوب السوري، ولاسيما في شرق درعا وجنوبها بعد تزويدها بالأسلحة الثقيلة من قواعد الاستخبارات الأردنية. أما ما يثير الاستغراب والقلق في آن، فهو تكاتف الدعوات المتصاعدة من صلب نظام عمَان لاستغلال مقتل الطيار الكساسبة ومضاعفة التورط في سورية، مع مضي السلطات في برنامج واشنطن لتدريب آلاف الإرهابيين في الأردن تحت مسمى «معارضة معتدلة»، بعد تلويح الإدارة الأميركية بجزرة زيادة مساعداتها العسكرية للأردن.
ولكن، هل يمكن المضي قدما في هذا العبث بأمن سورية والعراق، وقبل وبعد ذلك بأمن الأردن الذي لم تعد تنطلي على أبنائه أكذوبة التفريق بين «المعارضة المسلحة المعتدلة» والتنظيمات الإرهابية؟ وهل ثمة مساحة متبقية للخيارات الرمادية التي كانت متاحة أمام حكَام المملكة الهاشمية للتعاطي والتكيَف مع الوقائع الداخلية والخارجية المستجدة؟ وأية «شرعية تبقى للنظام الذي لم يكتف بوأد أحلام الأردنيين الوطنية والقومية والاجتماعية والاقتصادية، ودفعهم إلى مستنقع التبعية لمشاريع أميركا وإسرائيل في المنطقة، وطعن الشقيق السوري في الظهر، وإنما استدعى «داعش» وإرهابه الأممي إلى عتبات بيوتهم؟.. الإجابة الحاسمة هناك في عمَان وبقية مدن وبلدات وقرى الأردن الشقيق.
 


copy rights © syria-news 2010