مع إطلالة العام الجديد تتسابق قنوات التلفزة الفضائية منها والأرضية على تخصيص فقرات مطولة لتوقعات السنة الجديدة وتقديم الفلكيات خبيرات الأبراج أو قراءة الطالع في ظاهرة ترتبط بإستغلال المناسبة الإجتماعية لدواعي التسويق ، إضافة إلى أن الإنسان يفضل طي صفحة الماضي ويتطلع الى الآتي الغائب راجيا" تحقيق أحلامه وأمانيه والوصول الى السعادة والنجاح.

موهبة روحانية ومقدرة ربانية

وفيما يختلف البعض على تسمية مقدمات هذه الفقرات، بين عالمات فلك او خبيرات روحانيات او قارئات ابراج وطالع او اختصاصيات في تفسير الاحلام وقراءة الفنجان او الكف ، إلا أن المهم هو أن مقدمات هذه الفقرات(التي غالبا" ما تكون صباحية) تحولن الى نجمات حيث وصلن إلى نجومية هائلة حتى أصبحن الوجوه الإعلامية العربية الأكثر شهرة من الفنانين و المطربين و حتى الصحافيين والمذيعين ، وإن كان ما يجمعها هو أنها في الغالب وجوه أنثوية فإن كل واحدة تعتبر نفسها متميزة وصاحبة علم وإبنة الإختصاص تدرك أعماقه وتغوص في أسراره وأنها تمتلك موهبة روحانية ومقدرة ربانية على سبر أغوار الفلك , وعليه ترفض عالمة الفلك مقارنتها مع خبيرة التنجيم .

 الأكثر مبيعا" بين الكتب

 واحتلت كل واحدة منهن مكانة خاصة بها على احدى الشاشات, ولهن جمهور عربي عريض يترقب اطلالتهن، ليستفسر عن حظه عند كل إشراقة شمس ويعرف طالعه و ليسأل عن استمراره في علاقته مع خطيبته مثلاً , أو يحدد الخطوات اللازمة لانجاز مشروع او تأجيله بانتظار سكون فورة الكواكب المعاكسة , أما كتاب توقعات الأبراج لسنة 2006 ، فقد احتل مرتبة متقدمة بين الكتب (العلمية) الأكثر مبيعاً للعام الحالي والعدد إلى إزدياد.

 فنجان جمعيات النسوان

في مجتمعنا يقتصر الأمر على قراءة بعض النسوة لفنجان القهوة في زيارات وجمعيات النسوان أو قراءة الكف والودع وتبييض الفنجان من قبل بعض الريفيات أو فتح كبار السن الفال في ورق اللعب والذي وصل إلى أجهزة الحاسوب أيضا". 

 تسلية وربح

وتقول أوساط الفضائيات المروجة لهذا النوع من الإعلام إن الناس مهما نفوا او تظاهروا باللامبالاة يميلون الى حب معرفة المستقبل , فهذا شعور غريزي ، ولا يوجد سبب لعدم ارضاء المشاهدين ، فالمسألة لا تتعلق بمبادئ وممنوعات ويمكن اعتبار مثل هذه الاطلالة السنوية تسلية لمن يريد، او هي نوع من التوقعات التي لا تؤذي احداً وتعود على المحطة بالربح.

 إحباط إقتصادي وإجتماعي

لكن اختصاصيو علم النفس يعتبرون ان الامر يتعلق بالاحباط الذي يعاني منه المواطن في الدول العربية ، فالمعروف ان الاقبال على الماورائيات وعلم الغيب يرتبط بالازمات الاقتصادية والاجتماعية ، رغم أن الاقبال على المنجمين والعرافين لا يقتصر على الدول العربية ، حيث تنتشر هذه الظاهرة في أوروبا وأميركا.

 منجمات بعدد النجوم

 وفيما يعتبرها البعض مجرد تسلية فإن نسبة كبيرة من متتبعي هذه البرامج تعتمد عليها في حياتها اليومية . وفي النهاية فالفلكيات هن مصدر ربح سواء من خلال بيع الكتب بالنسبة لناشريها، أو الاتصالات التي ترد لوسائل الاعلام المرئي والمسموع، التي تتبنى كل منها إحدى الفلكيات، ومع إزدياد الطلب عليهن لا يسعنا سوى توقع زيادة عددهن.