لطالما آمنا وعرفنا وأيقنا أننا ولبنان والأردن وفلسطين شعباً واحداً مع اختلاف حكوماتنا، قضايانا واحدة مع اختلاف رؤانا، همومنا واحدة مع اختلاف وجهات نظرنا وأخيراً آلامنا واحدة...

اختلفت أسماء الدول التي ننتمي إليها ولكن عاداتنا وتقاليدنا واحدة، بالرغم من تعدد أدياننا وعلى اختلاف طوائفنا لكننا نتشارك أعرافاً وتقاليداً طالما عَرف بها أهل الحل والترحال بلاد الشام

نؤمن بأخطاء الماضي، ولكن كفى...

إن وزر ما وصلنا إليه اليوم من افتراق وتخلف وجهل هو وزرنا، والخطأ هو خطؤنا، لا زال كثير من العرب يتباكون عن غدر الاستعمار بنا وتفريقه لنا ولكنهم يتناسون أن عوامل الفرقة موجودة أصلاً ولولاها لما استطاع الاستعمار أن يفرقنا، عرفوا بوجودها ولم يعملوا على قبرها، والفتنة حيّة بيننا ولم يعملوا على قتلها!!

لبنان هو سورية وسورية هي لبنان شاء اللبنانيون أم أبى السوريون، أوافق الأردنيون أم رفض الفلسطينيون، كلنا ننتمي إلى هذه الأرض الشريفة الطاهرة مهد الحضارة والإنسانية والتأريخ...

إن الممارسات العنصرية الفاشية الهتلرية التي يقوم بها كثير من اللبنانيون بحق السوريون لن تلبث إلا أن تعود عليهم جميعهم البريء منهم والمذنب وهنا نشير إليهم لا كطوائف وأحزاب فحسب ... بل وأفراداً يعيشون بين ظهرانينا وفي المغترب أيضاً!

وإن كان السوريون يعرفون أن ردّات الفعل غير مناسبة ولكن لا بدّ أن يأتي اليوم الذي ستكون فيه ردة الفعل السورية على ما يصيب السوريون من أشقائهم... صعبة!

العنصرية الأوروبية التي نتج عنها النازيين والفاشيين وأمثالهم لم تأتي من فراغ بل كانت نتيجة الهزيمة العسكرية والمعنوية في الحرب العالمية الأولى ثم الهزائم المتكررة للشيوعية في ألمانيا وايطالية ولا سيما بين أعوام 1919 – 1926 وأزمة الكساد العالمي بين 1929 - 1933التي خلقت حقداً على الغرب والشيوعيين سوية...

أما الفاشية الجديدة في لبنان التي يتزعمها جنبلاط بحزبه الاشتراكي والجميّل بالكتائب وجعجع بالقوات وإن عرف أن سببها شخصيّ بحت فإنها لا تبرر أبداً تعريض طوائفهم ومصالح بلدهم لبنان للخطر ورميه في بحر لجاج من التناقضات قد يعيده إلى أسوأ مما مر به!!

من غير أن ننكر الدور السوري السلبي الذي لعبه النظام في إحباط نفسية اللبنانيين من خلال أجهزة أمنها ومخابراتها المصابة بالفساد بسبب البيئة اللبنانية المشجعة على ذلك من خلال نظام متآكل بسبب الحرب الأهلية والنظام السياسي المبني على مصالح شخصية بشكل أساسي ثم طائفية ضيقة على حساب الشعب والوطن!!

إن العمال السوريين العاملين في لبنان ليسوا هم المجرمين الذين يجب أن يعاقبوا إن كانوا يبحثون عن لقمة عيش لأولادهم، وحين تتغاضى الحكومة السورية أو اللبنانية عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين فإن هذا لن يعني أبداً أن أصواتنا ستخنق ولن تجد لها صدى في إحقاق الحق

أليس العمال السوريون هم من ساعد أشقاءهم اللبنانيون في بناء بيروت المهدمة، بيروت التي خربتها أيادي اللبنانيون ناكري الجميل والمعروف أولاً تجاه لبنان وقبل كل شيء آخر!

أليس الفلسطينيون كشعب هم الذين أسهموا في إعلاء وبناء راية لبنان وترسيخ جذور الأرز في جبله!!

أهكذا نعاملهم، حصاراً وتضييقاً وخنقاً، ومؤخراً قتلاً وتهجيراً... ليبرز متلحفون بالثقافة وهم أبعد ما يكونون عن الإنسانية وأقرب إلى الحيوانية يدعون إلى قتل الفلسطيني والسوري وأذكر على سبيل المثال لا الحصر المتثاقف الأحمق الخرف سعيد عقل، إتيان صقر، مي المرّ، أمين ناجي و فؤاد أفرام البستاني وغيرهم ممن تجب محاكمتهم على ما ارتكبته أياديهم وكلماتهم من جرائم بحق الإنسانية!!!

عندما يطل الأحمق الخرف سعيد عقل منتخياً مؤيداً بشراسة للجيش الإسرائيلي إبان الاجتياح الإسرائيلي لبلاده مؤكداً أن مكان الفلسطينيين الحقيقي هو باطن الأرض، فإن هذا الغبي لا يملك أن يكون فوقها، عندما يصف الجيش الإسرائيلي بجيش الخلاص خجلاً من عدم تعاون اللبنانيين مع الغزاة عندها تجب محاكمة أمثاله بالخيانة!!!

وعندما يكتب شربل خليل في مجلة النجوى داعياً اللبنانيين إلى مقاطعة كل ما هو سوري وطرد العمالة السورية وعدم توظيفها... ما هذه العنجهية والحماقة!!!

هؤلاء من أشعل وقود الحرب الأهلية ودفعوا المتطرفين إلى قتل الفلسطينيين، وهنا لن ننفي مسؤولية فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى تجاه حرب لبنان ولكننا ننصف المدنيين الذين سقطوا أمام مدرعات الكراهية العنصرية تارة باسم المسيح وتارة باسم الله!!

ليست العنصرية فقط هي الوبال التي ألم ببعض اللبنانيين بل إن شعور الاستعلاء والهوس بالتحضر الذي أصابهم وهم يعتقدون بأنهم حملة الشعلة الحضارية دون أن يذكروا لنا صناعتهم المتقدمة وكيف استطاعوا اختراع القنبلة الذرية أو اكتشاف الجينات الإنسانية حتى وصل الكثيرون إلى قناعة بأن بيروت هي "باري" الشرق (كناية عن مدينة باريس) أو أن لبنان هو سويسرا الوطن العربي!!!

بل هو في أحسن أحواله طنجة شرق المتوسط كما وصفها صقر أبو فخر، تسيطر عليها عصابات المافيا وترتكز فيها تجارة السلاح والحشيش والسمسرة والمواخير وبيوت البغاء، يا للفخر!!!

ماذا يريد أن يقاطع اللبنانيون، أصالة نصري، صباح فخري، فريد الأطرش، أسمهان ، ميادة الحناوي، فيروز، فهد بلان، صبري مدلل، نزار قباني، دريد لحام، منى واصف، أنور وجدي، ماري منيب، ورد الخال، شادي جميل، نور مهنا، أدونيس، محمد الماغوط، جورج وسوف، نجاة الصغيرة، ماري جبران، شمس البارودي

هل نشي آل الجميل أنهم في الأصل من قرية بحفوفا قرب دمشق، وهل نشي آل إدة أنهم من إزرع في محافظة درعا، وأن الرئيس أميل إدة ولد في دمشق، أما آل تويني فهم ينتمون إلى عشيرة بدوية هي المساعيد في جبل الدروز ومنه نزحوا إلى قرية عناز في وادي النصارى والتحقوا مؤخراً بلبنان، موريس صحناوي الوزير في الحكومة هو من باب توما في دمشق، والوزير الآخر عدنان عضوم هو إدلبي!!

البطرك مار نصر الله بطرس صفير هو نفسه من قرية الصفرا من حوران، البطرك يوحنا الحلو أيضاً كان من عين حليا وكن من عائلته الرئيس شارل حلو، والنائب والوزير بيار الحلو، وفرج الله الحلو، يوسف خطار الحلو!!

عائلة الزغبي، زيدان (منها المؤرخ جرجي زيدان)، واكيم (منها نجاح واكيم)، نفاع ، نوفل، هزيم ملحمة، مدلج، بدين، غندور وفاضل من حوران

المرّ من صافيتا

غانم وباخوس من النبك

أبو كسم من حمص

غرة من الجولان

فرحة و زكا و نصر الله و شلهوب و ماضي من إزرع

محفوظ من جبلة

صفير من بلدة الصفرا

ورد، عفيش من دير الزور

معلولي من معلولا

أبو حيدر ويارد من صلخد في السويداء

معلوف من قرية داما في السويداء

عون من جبل العرب

غريّب من السويداء

عويس، يونس، هدايا، مغبغب، فرحات وبحلق من حلب

معراوي من معرة النعمان

أبو فاضل، أو ملحم، أبو معشر والصليبي من عين حليا (ومنها المؤرخ كمال صليبي)

نقّاش، مصابني من دمشق

وهذا غيض من فيض العوائل اللبنانية

 أما عن أعلام لبنان، فإن النهضة الأدبية في لبنان مدينة إلى عبد الله زاخر، أبو الكتاب العربي وهو حلبي أصله من مدينة حماة وهو مؤسس أول مطبعة عربية في دير مار يوحنا الصايغ، في الخنشارة، وفي مصر المحروسة كان لمكتبة الخانجي والبابي شأن كبير في النهضة الثقافية المصرية حيث أسسها حلبيان هم خليل وجورج الصايغ!

أما الأمراء اللبنانيون كلهم تقريباً من أصول سورية، فآل أبي اللمع من الجبل الأعلى في حلب، وآل أرسلان من معرة النعمان، وآل الحرفوش هم من الجولان، وآل البستاني هم من مدينة جبلة ولمع منهم كثيرون منهم المعلم بطرس البستاني وسليم البستاني وسليمان البستاني والمطران عبد الله البستاني وجاؤوا في الأصل إلى بقرقاشا ثم إلى دير القمر فالدبيّة فالدلهمية!!

وحتى آل الجنبلاط هم من كلس من أعمال مدينة حلب!

كما لاحظنا فإن سهل حوران لعب دوراً هاماً في تركيبة لبنان البشرية وتحديداً إزرع، وحتى عين حليا في سهل الزبداني رفدت لبنان بالكثير من العائلات التي هاجرت لأسباب مختلفة وانتقلت –حتى لا نقول هاجرت- إلى الجبل وبعلبك وبيروت وطرابلس وجبيل وكسروان وغيرهم

فعلام كل تلك الضجة حول السوريين، ولم الشقاقات وصنع الخرافات وترسيخ الهوة بين السوريين واللبنانيين...

هل سيفهم المجرمون قتلة المستضعفين من العمال من عصابات جنبلاط وجعجع والجميل، أنهم إنما يقتلون أخوة لهم وأن أيديهم غمست بدماء الأبرياء

قصارى القول، إن لبنان ابن محيطه ينمو ويزدهر بأشقاءه، بانتمائه إلى محيطه لا بسلخه عنها، فمهما حاول الكثيرون ربطه بفرنسا، إلا أن فرنسا وأوروبة لن تنظر إليه إلا من عين المصلحة، فلا رابط ديني ولا عرقي ولا تاريخي ولا قومي بينهما

فلبنان يعتاش على "العربان" وهي التسمية المحببة للبنانيين لوصف الخليجيين، ولولا ما ينفقه العربان على أرض لبنان وما يوفرونه للبنانيين من فرص عمل وما يقدمونه للبنان من مساعدات تخطت بعشرات الأضعاف بل وبمئات الأضعاف ما قدمته أوروبا وأمريكا!!!

ومع ذلك، تقف أحد المرجعيات السنية في إحدى خطب الجمعة بوقاحة متسائلة أين العرب؟

في وقت كان أحد "زعماء الطوائف" يسوق المساعدات الغذائية إلى مستودعاته لا إلى بطون الرعية!

ولنا كلام آخر