لن يكون هنالك الكثير من الأصدقاء لسوريا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لمناقشة أزمة لبنان والذي يعيش لأسبوعه السادس دون رئيس يحكمه. فمعظم الحكومات العربية تلوم سوريا لتدخلها السياسي في لبنان مستخدمة أنصارها لتعطيل انتخابات رئيس للبلاد؛ ومن المتوقع لاجتماع القاهرة أن يتناول دعوة دمشق وكفها عن هذا.  

     ومن الناحية الدبلوماسية, أمضت سوريا أسبوعا لم يكن بالمريح. فها هو الرئيس بوش يقدم على القيام بجولة يمر فيها على معظم دول الشرق الأوسط دون أن تكون سوريا ضمن مخططاته, وكان يوم الجمعة الماضية قد دعا إلى ضرورة وجود "رسالة واضحة للسوريين. . . أن عزلتهم ستبقى, وأن الجميع سينظر إليهم كأمة تمنع الشعب اللبناني عن تحقيق رغباته." وقد جاءت تصريحات بوش بعد أيام من قوله أن "صبره قد نفذ" مع الرئيس السوري بشار الأسد, ومن شأنها أن تؤثر على العلاقات السورية-الأمريكية والتي كان من المفترض أن تتحسن خاصة بعد حضور سوريا إلى مؤتمر أنابولس.

     وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي, خسرت سوريا صديقا آخر ألا وهو الرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي والذي أعلن عن قطع باريس اتصالاتها مع دمشق ما لم تساعد سوريا وتسهل إجراء انتخابات رئاسية في لبنان. وقد أوقف عمل المبعوثين الفرنسيين العاملين على الوساطة الدبلوماسية بين البلدين بإنذار سركوزي. فقد تنقل مسؤولون فرنسيون بين دمشق وبيروت لمحاولة التوصل إلى صلح سياسي وإحداث صفقة مساومة بين الفئات اللبنانية المتعارضة. وأثر فرنسا معروف في كل من سوريا ولبنان نظرا للبعد التاريخي الذي يجمع ثلاثتهم مما يحعل دورها أكبر حتى من دور الوسيط الأكبر للمحادثات وهو الولايات المتحدة.

     ويأتي خلاف سركوزي مع سوريا تتمة لخلاف خلفه جاك شيراك والذي تحول من أقوى أصدقاء الأسد في الغرب إلى أحد أكثر منتقدي الرئيس الشاب. فقد كانت باريس 1998 أولى محطات زيارة الأسد ضمن نطاق رسمي وذلك قبيل توليه منصب الرئاسة بعامين؛ كما كان شيراك رئيس الدولة الغربية الوحيد الذي حضر مراسم دفن والده الرئيس السابق حافظ الأسد في عام 2000. وقد أرسل أحد أقرب أصدقائه للعمل كسفير في دمشق, كما كان قد أرسل فريقا من الفنيين لتعزيز جهود الأسد في الإصلاح.  

     وقد كان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أحد أبرز النشطاء في العلاقة السورية-الفرنسية والذي ساعد عل تحسين وتوطيد العلاقات بينهما. وكان الأمل من ذلك أن تبعد دمشق قبضتها عن لبنان التي طالما تحكمت به. وبعد أن اغتيل الحريري عام 2003 انضم شيراك إلى نظيره الأمريكي بعد أن نفذ صبره وبدأ يطالب بسحب القوات السورية من لبنان؛ وذلك بعد توجيه أسبع الاتهام نحو دمشق كمسؤول عن اتيال الحريري. فتم تجميد العلاقات السورية-الفرنسية جراء هذه الأحداث.

     وحين بدأ سركوزي بمد أواصر علاقات مع سوريا, وجد نفسه مضطرا إلى أن يقطع علاقاته هو الآخر معها بعد أن رأى أن جهوده لا بد وأن تبوء بالفشل. وقال أندرو تبلر محرر مجلة سيريا توداي الصادرة في دمشق: "لقد بدا من الواضح أن سركوزي غاضب من سوريا وأنه يشعر وكأن جهوده قد احرقت فيها. وقد يعني هذا أنه لم يعد هناك من بلد أوروبي سيحاول إنشاء علاقات مع سوريا بعد اليوم ولمدة من الزمن."

     ولكن يجدر الذكر بأنه رغم تجميد علاقات سوريا بغيرها من البلدان, والإصرار على عزلها وإبقائها في هذه العزلة, سيؤثر هذا أيضا على لبنان والوضع فيه, بل أنه لن يعد بأي حل لأزمته عن قريب.

بقلم نيكلس بلانفورد - صحيفة تايم بالتعاون مع سي إن إن

ترجمة طريف الحوري - سيريانيوز