تهيب المواطن عبد الله وترقب قدوم رمضــــان !! وقد تهيب قدومه
بسبب موجة الحر ، وطول فترة الصوم التي جاءت في اطول نهارات السنة ، وترقب قدومه
لأنه يحب رمضان ، فهو شهر الخير والبركة والاحســــان .
يمسك عبد الله نفسه عن الطعام والشراب عند أذان الامساك ،ويذهب
الى الصلاة في المسجد القريب من بيته لصلاة الصبح ، وأحيانا يتكاسل فيقضيها في
المنزل ، يقرأ عبد الله بعضا من الذكر الحكيم حتى تكاد تغمض عيناه ، فإذا به غارق
في فراشه حتى موعد رنات منبهه المزعجة قبل موعد ذهابه الى وظيفته بربع ساعة على
الأكثر !.. ينسحب من فراشه متثاقلا ، يصطدم بالحيط مرة ، وبكرسي قريب مرة أخرى ،
يذهب باتجاه الحمام ، يقضي حاجته ويرتدي ثيابه ، ثم يغادر الى حيث عمله ، وكل من في
البيت نيام ! وبينما ينتظر عبد الله الميكرو، يكون قد اسند ذاته الى عمود كهرباء أو
شجرة كينا مرات ، وتثاءب عشرات المرات أيضا ! وعندما يصل مكان عمله ،يقطع المسافة
بين باب الدائرة ومكتبه بأكثر من نصف ساعة !! وفي كل مرة ، يتخانق عبد الله مع
مراقب الدوام بسبب تأخره ، لكن الخلاف ينقضي ، ورمضان كــريــم !!
عبد الله يجلس على مكتبه بدون فنجان قهوة أو شاي أو كأس ماء على
الأقل ! يتفرفد على مكتبه ببطء ظاهر ، تصبح الساعة العاشرة ، ويبدأ توافد المراجعين
.
عبد الله ، ينرفز عند أي خلاف مهما كان بسيطا ، وأغلب من يراجعه
يقول له غالبا : أخي ، تعا بكـــره !!
لكن البعض يلح عليه ، يذهبون الى مديره يشتكون ، يبتكر عبد الله
ألف حيلة وحجة ، ويعتقد أنه تخلص من مراجعه ، ولكن أحيانا لا ينجح ...
عبد الله ينام احيانا فوق مكتبه ، وأحيانا يشخر ، وقد يسير
معاملة على الأقل ، أو لا يفعل ، لكنه يصلي الظهر في المكتب !! وما ان يأتي وقت
الانصراف ، حتى يصير عبد الله في منزله مثل لمح البصر !!
تقول له أمه : عبد الله نريد بعض الأغراض من أجل الافطار . فيرد
عبد الله : امي ، انا تعبان ، هلكان ، عطشــــان .. وينادي أخاه الأصغر منه طالبا
منه تلبية طلبات البيت .
عبد الله ، يشلح ثيابه ، وتبقى جواربه في بعض الأحيان عالقة
نصفها بقدميه ، يرمي عبد الله نفسه فوق سريره ويغط في نوم عميق . يفيق عبد الله
عندما تنقطع الكهرباء وتتوقف المروحة او المكيف عن العمل ، ويظل يتقلب في فراشه ،
يجــزه العرق ، ويغالبه نعاس شديد ، فلا يستطيع ان ينام من شدة الحر ، حتى اذا جاءت
الكهرباء ، يفغو مجددا ! وأحيانا يوقظه أذان صلاة العصر ، فيؤديها مسرعا ، أو لا
يفعل ؟! ثم يعود الى نومه العميق !!
عبد الله ، عبد الله . تناديه أمه ، قم ، قم يا بني ، لقد أذن
المغرب ..يفرك عبد الله عينيه ، ويستيقظ دون وعي ، ويذهب مباشرة الى مائدة الافطار
، تزعجه طنطنات الموسيقا قبل الأذان ، وتمر لحظاتها كأنها دهر ، وما أن يؤذن المؤذن
، حتى يلصق عبد الله قنينـة الماء البارد على فمه ، حتى يكرعها كلها !! ، ثم يهجم
على كأس العصير ، وكأس العرقسوس ، والتمر هندي ، وزبدية الشوربة ، وصحن الفتوش
وأقراص الكبة والبرك ، ثم صينية المحاشي !!
يظل عبد الله يدك فمه بالطعام والشراب حتى يكاد ينفجر بطنه ،
وبعد كل ذلك يأتي الحلو والفواكه ... يصلي عبد الله المغرب ، وقد يصلي التراويح أو
لا يفعل ، فإذا ما تعدت الساعة وقت العشاء ، وجاء وقت متابعة المسلسلات ، تجده ينط
من محطة الى محطة ، وهو يبحث عن مسلسل أو برنامج يسليه ، ويتسلى بين الفينة والأخرى
بصحن فواكه ، او موالح أو كأس من شراب بارد ، وأحيانا بإبريق شاي اكرك عجم مع
اركيـــلة !!
وفي السحور ، لا ينسى عبد الله أن يستكمل برنامجه اليومي ببعض
الطعام ، هذا ان بقي ثمة فراغ في معدته ، ويختمها بكرع المزيد من الماء البارد
مخافة العطش في النهار القائظ الطويــــل ، حتى يحين موعد الامساك من جديـــد !!
عبد الله ، الذي يكرر برنامجه هذا كل يوم ، يعتقد مطلقا ، بأنه
يطبــق رمضـــان على حبتــه ، وأصوله !!!!