هذه
القصة وقعت بالفعل ومنذ فترة قريبة جداً وأشخاصها حقيقيون... وقمنا فقط بتبديل
الأسماء احتراماً للإنسانية ولحقوق اللاعبين.
ـ
أفكر دوماً بمخترع هذه الأداة المسماة موبايل، والذي نسميه جوّال، مع أنه لا يتجول
إلا برفقة صاحبه
ـ
البارحة نسيته في البيت فظل في مكانه يرفض التجول حتى عدت لاصطحابه .... أليس من
المعيب أن لا يمنح مخترع هذه الأداة جائزة نوبل للفيزياء لعشر سنين متتالية؟
ـ
هل لديك شيء مساء اليوم؟
ـ
لا أبداً... لماذا؟
ـ
أفكرر بالمرور لإصطحابك
ـ
أفكر بالسبب
ـ
أفكر بأن يبقى الأمر مفاجأة
ـ
لا أحب المفاجآت
ـ
حسناً سنذهب لمحل صياغة يملكه صديق لي لنستلم الاسوارة الذهبية التي أوصيت عليها
وتحوي أول حرف من أسمينا و مرصعة بالماس.
ـ
بكير
ـ
لا أبداً سنقضي عطلة العيد معاً في أنطاليا ـ تركيا وسنكون أسعد عروسين وأحلى
زوجين... أرى أنك لست سعيدة بهذا الخبر؟
ـ
لا بل سعيدة وسعيدة جداً... كنت أفكر فقط بارتفاع سعر الذهب... الذهب الذي وضع نفسه
خارج امكانياتنا فكيف بالماس وهو بالتأكيد خارج أحلامنا... وأفكر بالطريقة التي
استطعت فيها تأمين قيمة هذه الاسوارة التي تقول عنها أنها مرصعة بالماس.
ـ
لا تفكري لأن التفكير لا يفيد... سأمر في السادسة هل يناسبك هذا؟
ـ
الوقت حرج لماذا لا تترك الأمر لفترة ما بعد الافطار؟
ـ
الموعد مع الصائغ هو بعد الافطار، والموعد مع من أحب هو على الافطار فلقد حجزت في
أحد المطاعم.
ـ
وتعيدني بعد ذلك الى البيت.
ـ
والصائغ؟
ـ
بعد الذهاب الى الصائغ.
ـ
ألا تريدين مشاهدة البيت الذي استأجرته لنبدأ فيه حياتنا الجديدة؟
ـ
سأراه بعد أن تبدأ حياتنا الجديدة.
ـ
أراك تتحفظين على هذه العبارة ـ حياتنا الجديدة ـ هل تخفين شيء؟
ـ
أبداً والدليل على ذلك أنني لم افرض عليك عرس ولا صالة ولا معازيم ولا أي شروط
بالمطلق... المسألة كتب كتاب وعرس بسيط... أهلي وأهلك... وضيافة بسيطة... وتنتهي
الأمور.... وسأخرج معك كل يوم فلم العجلة؟
ـ
أعتقد أنك كنت تخرجين معه؟
ـ
نعم وكما أخرج معك الآن... مع فارق واحد وهو... أنه كان زوجي حسب الشرع... على
الرغم من اننا لم نكن زوجين... كتب كتاب لا غير... وأنا الآن مطلقته على الرغم من
أنني عازبة ولم أعرف رجل في حياتي على الاطلاق... هل من المفروض في كل مرة أن أعيد
على مسامعك نفس الموشح؟
ـ
لا لا سامحيني... لن اتطرق الى هذا الموضوع مرة أخرى أبداً... هل أحضر لإصطحابك في
السادسة.
ـ
نعم أنا بانتظارك.
**** **** **** ****
ـ
عدت للتدخين؟
ـ
سيجارة واحدة بعد الافطار تساوي وزنها ذهباً... خذي جربي واحدة
ـ
لم أفعل في السابق ولن أفعل اليوم ولن أفعل في المستقبل
ـ
يجب أن نسير على خطى متوازية لنكون متفقين ومتساوين في كل شيء
ـ
إذاً لا تشعلها ونفذ وعدك لي
ـ
حسناً هل نذهب الى محل الصائغ
ـ
نعم فلقد تأخر بنا الوقت.
**** **** **** ***
ـ
رائعة لا أصدق عيناي
ـ
كأنها في يد
ـ
في يد من
ـ
في يد من هي أجمل من كل جميلات العالم... هل تسمحين لي أن أقبل اليد التي تحملها؟
ـ
لماذا؟
ـ
لأنها أعطت جمالاً ومعنى لهذه الحلية.
ـ
إفعل
ـ
اتركيها في يدك لأراها
ـ
لن ترى شيئاً في هذا العتم إلاّ اذا أدرت مصباح السقف في سيارتك.
ـ
لا لا أتركيني قليلاً
ـ
لا بد أنك دفعت المبلغ المرقوم من أجل شرائها
ـ
كل حلي العالم ليست أغلى منك... ولا من عيناك الزرقاوتين... ولا من شفتاك
الورديتين... وشعرك الذهبي... سأنجب منك ست صبيان وست بنات طوال... مثلك في خطوة
متواضعة لتحسين النسل ورفع مؤشر الجمال... قولي أنك موافقة
ـ
اتركني الآن ها هي أمي تقف في شرفة منزلنا... و تنظر باتجاهنا... هي تعرف سيارتك.
ـ
سبق لها أن تعرضت لنفس الموقف في ألمانيا عندما أحبت والدك.
**** **** **** ****
ـ
مئة ألف... هل تعتقد بأنني سأشتري كل السوق؟
ـ
قليل... وإن أحببت هناك مئة ألف أخرى... اشتري كل ما يحلو لك... اعتني بالملابس
الداخلية الشفافة... وأريد بدلة رقص شرقي... أحب اللون التركوازي... يلائم لون
عينيك... هل توافقيني؟
ـ
وماذا أشتري لك؟
ـ
عندي كل شيء... لدي طقم سموكن سيلزمنا في تركيا لأن برنامج الرحلة يتضمن الأقامة في
فنادق 5 نجوم، ولدي طقم آخر، واشتريت ستة قمصان وستة بناطلين مع المستلزمات، وأربعة
أزواج أحذية، واشتريت بيجامة واحدة عرايسي، لن يلزمني واحدة أخرى لأني لن أستعملها
إلاّ فيما ندر... واشتريت دزينة من الملابس الداخلية...
ـ
سأشتري لك كولونيا لما بعد الحلاقة تليق بأحلى مدير مالي... وعطرك المفضل للسهرة...
الماء الوحشي يا لها من تسمية تافهة... فهل هناك ماء وحشي وآخر أنسي؟
ـ
ليس الماء الوحشي بل الماء المتوحش... وهذه هي طبيعتي وطريقتي التي لا بد أن تعجبك
بعد الزواج.
ـ
كيف ذلك والمدير المالي رقة وأرقام وحسابات؟؟؟ سأنزل مع صديقتي قبل ظهر الغد لشراء
ما يلزم.
ـ
سأكون في الهجرة والجوازات لأستلم جوازات السفر... اتصلي بي لأصحبك لا أريد أن
تحملي أي شيء فقط اجمعي مشترياتك في مكان واحد.
ـ
لا تخشى شيئاً مع صديقتي سيارة... وقد يصحبنا كارل المصارع... والمواقف المأجورة
مؤمنة... وهناك محلات تقبل بإرسال مشتريات زبائنها الى منازلهم... لم تعد هناك
صعوبة تذكر في أي شيء.
**** **** **** ****
ـ
تذاكر الرحلة معي وبطاقتي الطائرة والأوراق الثبوتية جاهزة يجب أن نذهب لإحضار
طلبية الأفطار... أشعر ببعض الحرج أن أكون ضيفكم على الافطار... لقد تعمدت ان يكون
ذلك في حضور أهلك... لقد أوصيت على طعام خفيف من أجل والدك... أنا في شوق لوضع
اللمسات النهائية... هذا الحلم سيتحول الى حقيقة... سنمضي ليلتنا الأولى في
الشيراتون وسنتوجه في صباح اليوم التالي الى المطار... والى تركيا جنة الله على
الأرض... ها قد وصلنا... سأذهب لإحضار الطلبية... سأتركك في السيارة... لن أتأخر.
أمام مقبض السرعة كشف موبايل ثانٍ عن نفسه، وكان على الوضع الصامت، ولكن شاشته
الملونة التي أضاءت فجأة لفتت نظري، وأضاءت طويلا فنظرت اليها وانا مترددة وفضلت
عدم الرد واختفت الشاشة وأضاءت من جديد وبشكل مُلِحْ... فرفعته بيدي ولم يكن هناك
أي اسم... وكنت سأجيب لولا أن الموبايل صمت من جديد، فاستخرجت الرقم ونقلته الى
موبايلي وكان رقم ثابت مسبوق برمز دمشق.
وعاد ومعه من يحمل صرر الطعام التي تم وضعها في الصندوق الخلفي للسيارة وانطلقنا،
ومضت ثوان سطعت بعدها شاشة الموبيل الثاني من جديد فأمسكه بيده اليمنى وقربه الى
وجهه وفصله ثم أطفأه وأعاده الى مكانه... لا بد انه صار الآن خارج التغطية
**** **** **** ****
كان الجوّ متوتراً ورتيباً... تحدث أخي عن هوايته ـ المصارعة ـ وتحدث عن السفر...
فلقد تم قبوله في ألمانيا بعد أن تعهده خالي ليتابع دراسته هناك خاصة وأن مجموعه لا
يخوله هنا إلاّ دخول الحمّام كما كان يردد ويعيد دون أن يتمكن من اضحاك أحد سوى
خطيبي.
كانت والدتي باسلوبها المتعالي ولهجتها ذات الغنة الأعجمية تتحدث عن الفيلسوفان
فيخته ونتشه والديالكتيك الماركسي وأشياء أخرى ذات صلة تعتبر كلها في آخر سلّم
الأولويات لكل الحاضرين بإستثناء والدي.
أما والدي فكان متعباً كالعادة ويبرهن لنا في كل لحظة أن الحياة غالية فلقد كان
مستهتراً في كل شيء... الى أن تعرض لنوبة قلبية كادت أن تكون قاتلة لولا طبيب قلبية
مشهور تخرج من ألمانيا وكان يدرس مع والدي هناك في نفس الفترة وقد تكفل وحتى اللحظة
ببذل أقصى العناية لإبقاء والدي على قيد الحياة وتجاوب والدي مع ارشادات الطبيب
واستطاع تخفيض وزنه الى درجة الهزال فأفطر على نصف كأس من الماء وأكل حبة تمر واحدة
ولقمتين بالعدد ونصف كأس من اللبن وتوقف... فألحَّ عليه خطيبي ليتلقى زورة شديدة من
أمي أما أختي فلقد كان الريموت كونترول في يدها لترفع به صوت التلفزيون إن تجرأ أحد
على رفع صوته.
كان الجوّ متوتراً ولم نتمكن من الاتفاق على شيء... أعرب عن تذمره فقلت له: الوقت
غير مناسب... وإذا كان القاضي راضي وهو بالغ وراشد فما الذي تطلبه من البقية...
ودعته حتى الباب ووقفنا طويلاً وهمهمت والدتي بالألمانية ما يفيد بأن هذه الوقفة
الطويلة على الباب غير لائقة أمام الجيران... سألني ماذا قالت لك أمك؟ قلت: تسألني
عن سبب مغادرتك لطالما أن الكلام لم ينتهي بعد؟
**** **** **** ****
ـ
في المسألة أمر غريب فإذا كنت تعتبرين أختك الصغرى بلهاء فمن البلاهة أيضاً أن
تستمري في استشارتها وازعاجها ومحادثتها في أمر لا يعنيها؟
ـ
من لي غيرك يا حبيبتي لأسأله فأنا كما تعرفين بصدد اتخاذ خطوة قد تسعدني أو تبقيني
شقية مدى الحياة... أنا مقدمة على الزواج... وهذه هي المحاولة الثانية بالنسبة لي
فإن فشلت هي الأخرى فسأكون في دائرة الاتهام... فما رأيك؟
ـ
ان مسألة البلاهة هي شعور واتهام متبادل فيما بيننا فأنا أنظر لك بمثل ما تنظرين لي
يا شقيقتي الكبرى... والسؤال الذي لا تحتاج الاجابة عليه الى نبوغ أو عبقرية هو
التالي: هل يوجد في الكون فتاة تقبل على الارتباط بإنسان لا تعرف عنه شيء؟؟؟ ابحثي
عن الجواب لتعرفي أن ما هو فيك تضعينه في غيرك وانظري الى الساعة الموضوعة على
الكومودينا خاصتك واكتشفي شيئين الأول وهو الأنانية وحب التملك وهذه الخصلة تلازمك
منذ الصغر فأنت التي صادرت الساعة ووضعتيها في مواجهتك مع العلم بأنها هدية عيد
ميلادي وهي من عمّار وهو لا يعلم بأنها صارت من مصادراتك! والشيء الثاني هو شهادة
هذه الساعة التي تقترب عقاربها من الثالثة صباحاً لتقول لك نامي ايتها البلهاء ودعي
أختك وشأنها... لأنه ليس من اللائق ان تستثمري مسألة تجاور سريرينا لتتحفيني كل يوم
بتفاهاتك التي لا تنتهي.
**** **** **** ****
ـ
أمي !!! كيف تتركيني نائمة حتى الآن!!! انها الثانية عشرة!!!
ـ
هل طلبتِ مني ايقاظك ولم أفعل؟ وإن كنت قد طلبتي فهل سبق لي أن طلبت منك أن توقظيني
ولو لمرة واحدة في عمري!!!
ـ
آسفة لست أنا الذي سألك... ولكن هل اتصل رئيف؟
ـ
لا أعرف من الذي اتصل ولكني اضطررت في النهاية الى اقفال موبايلك المزعج.
ألمانية الطباع حادة ولن تتغير... نهضت لأغسل وجهي وأفرش أسناني وأمسكت موبايلي
بيدي وفتحته دون أن اهتم بالمكالمات الفائته فلقد كنت ابحث عن رقم بالذات يحوي في
بدايته رمز دمشق وعثرت عليه فأتصلت وردت عليّ فتاة صغيرة.
ـ
آلو صباح الخير
ـ
صباح الخير؟؟؟ قولي ظهر الخير أو مساء الخير؟؟؟
ـ
هل انتِ غاضبة ايتها الحلوة
ـ
كثيراً وكثيراً جداً ... لقد انتصف النهار الآن وبقي بضعة ساعات ويغادر الناس
المسبح... أنت فعلت ذلك قصداً... ولقد منعتني أمي من الاتصال بك فلقد كنت (سأورجيكي
شغلك)
ـ
ـ من على الهاتف يا لولو
ـ
خالتي كارولين
ـ
مهلاً يا حبيبتي لقد حدث خطأ فأنا لست خالتك كارولين
ـ
طيب ولكن من أنتِ
ـ
قبل أن أفصح لكِ عن اسمي هل لي بمعرفة اسمك ايتها الحلوة.
ـ
أنا لمياء وأسمي الدلع هو لولو... خالتي كارولين تناديني لولو... وكانت قد وعدتنا
بالامس انها ستحضر لأخذنا الى المسبح أنا ووائل ولكنها لم تحضر ولم تتصل حتى هذه
اللحظة.
ـ
ولماذا لم تتصلي بها أنتِ... فربما هناك شيء منعها من الحضور.
ـ
لا أجرؤ على فعل ذلك لكي لا أغضب أبي أو أمي فنحن ننتظر ان تتصل هي بنا ولا يمكننا
أن نتصل نحن بها أبداً.
ـ
ـ مع من تتحدثين يا لولو؟؟؟
ـ
مع سيدة لا أعرفها ولم تقبل بأن تفصح عن اسمها.
ـ
ـ من أنت يا سيدتي
ـ
مرحباً في الواقع أنا كنت من سيسأل هذا السؤال
ـ
كيف ذلك وأنت المتصلة... ألست أنت المتصلة؟؟؟
ـ
نعم أنا المتصلة
ـ
حسناً حسناً... عندما تقررين الافصاح عن اسمك فنحن مستعدين لسماعك... ولكن لم يكن
جديراً بك استنطاق طفلة عمرها خمس سنين... الى اللقاء.
ـ
ألو
ـ
أرجوك سيدتي لا تقفلي الخط في وجهي أنا رانيا وأريد ان أتحدث مع حضرتك في أمر
هام... اسمحي لي ببضعة دقائق أرجوكي؟
ـ
أنا آسفة فعلاً... أرجو أن تجدي العذر لي... ففي البيت مريضين... حماتي وابني...
ولقد تحولت بدون ارادتي الى امرأة عصبية وناشفة مع كل الناس... آسفة من جديد أرجو
أن تقبلي اعتذاري... كيف يمكنني مساعدتك؟؟؟
ـ
لقد جاءت مكالمة من رقمكم الى موبايل انسان يهمني وانا أريد أن أعرف سبب هذا
الاتصال؟؟؟
ـ
اسمعي يا حبيبتي أنا إمرأة شريفة ومتزوجة ولم أتصل بأحد يهمك أو لا يهمك وهذا في
الحقيقة لا يهمني أنا لا من قريب ولا من بعيد... فلدي ما أفقدني الاهتمام بكل شيء
في هذه الدنيا التافهة وهو مرض ابني والآن مرض حماتي... حيث لا معين لي... فأرجوا
أن تتركي الناس وشأنهم؟
ـ
انتظري أرجوك لا تغلقي الخط... البارحة وبالتحديد قبل الافطار بقليل جاءت مكالمة
منكم الى موبايل شخص يهمني وكان هو خارج السيارة ورن الموبايل طويلاً ولم أتجرأ على
الاجابة لأني لست صاحبة الموبايل... وانقطع الطلب ثم تم الاتصال من جديد وترددت في
الاجابة وعندما التقطت الموبايل توقف الطلب من جديد... وبعد قليل كان صاحب الموبايل
قد عاد الى السيارة فتم اتصال ثالث والتقط صاحب الموبايل موبايله وجعله خارج
الخدمة... هل يدلك هذا الكلام على شيء؟؟؟
ـ
حسناً حسناً فهمت... الآن فهمت... هل تسمحين لي بسؤال؟؟؟
ـ
تفضلي
ـ
من أي جماعة أنتِ وبمعنى أدق لمن تتبعين... لأبو راشد أم لجماعة أم النور أم الشيخة
حسنا و ما هي تسعيرتك... وهل تعملين عل أساس الساعة أم الليلة؟؟؟
وهل قصّر زوجي رئيف في العناية بك ودفع أتعابك؟؟؟
ـ
أرجو عفوك يا أم وائل فأنا والله العظيم لا علاقة لي بكل ما ذكرتِ... أنا فتاة
شريفة ومن عائلة شريفة أقسم لك
ـ
محشومة يا ست رانيا لقد صدقتك... هل تريدين شيء آخر.
ـ
انتظري أرجوك يا سيدتي... لقد خدعني رئيف وطلب الزواج مني... وقد اقترب موعد زفافنا
وأنا لم أجح في أن أعرف عنه أي شيء... فهو لم يقل لي بأنه متزوج وعنده أولاد... كان
شديد التهذيب وكريم يغدق عليّ الهدايا والمال... وأختي الصغيرة تقول عني أنني بلهاء
لأنني مقدمة على الزواج من رجل لا أعرف عنه شيئاً.
ـ
حسناً انقلي هذا العنوان وتعالي فأنا بإنتظارك لتعرفي كل شيء
ـ
شكراً لك مسافة الطريق... هل تمانعين إن أحضرت شقيقي معي؟
ـ
لا أمانع أبداً وأتمنى أن تحضري معك كل أفراد عائلتك ليكونوا شهوداً على ما سأريك
اياه وما ستسمعينه مني.
**** **** **** ****
ـ أهلاً تفضلي
ـ
هذا شقيقي كارل أصرت أمي على أن تسميه على اسم والدها... وهذه السيدة أم وائل...
وهذه لا بد أن تكون لولو الجميلة... لقد أحضرت لك كيس الحلوى هذا يا لولو أرجو أن
يعجبك.
ـ
هل يمكنني الاحتفاظ به
ـ
نعم هو لك يا لولو
ـ
سأعطي نصفه لوائل... يا ألاهي كل محتوياته أجنبية... كم تمنيت ان أحصل على بعضها
لأتذوقها لقد كنت أجابه دوماً بالرفض لأنها مستوردة وهي غالية جداً.
ـ
ضع هذه الأغراض هنا يا كارل
ـ
ما هذه الأغراض يا ست رانيا؟؟؟
ـ
جهازي
ـ
يا الله من هذا الطفل الجميل الملقى في هذا السرير
ـ
هذا ماهر الصغير فأنا رزقت من رئيف بثلاثة أولاد... وائل وعمره 7 سنين وهو يلعب
الآن مع أولاد الجيران، ولمياء وعمرها الآن خمس سنين، وماهر هذا وهو مريض.
ـ
ما هو مرضه؟؟؟
ـ
شلل دماغي... واحتاج لرعاية طبية خاصة بعد الولادة... ولم نتمكن من تقديمها له...
وتنتابه الآن نوبات شبيهة بالصرع... واتصلت لولو البارحة بوالدها لتذكره بضرورة
شراء الدواء لماهر... ولكن عبث... فهو يتمنى موته ويحملني المسؤولية مع العلم بأن
لرئيف شقيق كان مصاباً بنفس المرض وقد توفى قبل أن أعرف رئيف وأتزوجه... كنا بحاجة
للدواء والمصيبة انه لا يوجد في البيت قرش واحد؟؟؟ أما السيدة الراقدة في الفراش
هناك فهي والدة رئيف وهي مصابة بشلل نصفي.
ـ
ليس لها بنات؟؟؟
ـ
لها ابنة واحدة متزوجة في السعودية وزيجتها غير موفقة وجاءت في العام الماضي وحردت
عندنا ستة أشهر اضطرت بعدها لوضع الملح على الجرح فلقد يئست من هذا الجوّ الذي نعيش
به... وعادت خانعة من حيث أتت.
ـ
اسمعي يا... عفواً ما هو اسمك؟
ـ
أم وائل فحسب.
ـ
وقبل أن يأتي وائل
ـ
لوريس .......
ـ
وماذا يقربك طبيب القلبية المشهور الذي يحمل نفس الكنية؟؟؟
ـ
هذا أبي ولكنه لا يعترف بهذه الأبوة ولا يريدها.
ـ
يا الاهي هذا صديق والدي وقد درسا معاً في ألمانيا كل في اختصاصه... وأنقذ والدي من
موت محقق ولا زال يرعاه ويعوده مرة كل اسبوع تقريباً
ـ
نعم وقد أنكر ابنته منذ ثمان سنين ولم يراها ولم يتصل بها ولا مرة حتى في الأيام
السوداء والساعات المحرجة فأنا صاحبة ثلاث قيصريات؟؟؟
ـ
لماذا فعلت ذلك؟؟؟
ـ
لم تكن لي أخت كأختك ولم ينصحني أحد فلقد كنت بلهاء بالقول وبالعمل وأنا الآن أعيش
من أجل أولادي.
ـ
اسمعي يا لوريس... ارجو ان تعطيني وصفات الدواء المتعلقة بإبنك وبحماتك ليجلبها لنا
كارل من أقرب صيدلية وهذا من مالي الخاص وأرجوا أن تقبلي مني ما يعينني على تكفير
ذنوبي، أما هذا المال فهو ما تبقى من المئة ألف ليرة سورية التي أنقدني اياها زوجك
لشراء الجهاز، والأغراض هذه تستطيعين ردها وقبض ثمنها... أما هذه الأسوارة المرصعة
بالألماس فهي لكِ... أرجو أن تلبسيها بيدك وريثما يعود كارل اسمحي لي أن أجري هذه
المكالمة وسأفتح المجهر لتسمعي الحديث الذي سيدور.
ـ
مرحباً رئيف
ـ
خارج التغطية... خارج التغطية... أسأل نفسي لماذا تقتنين هذا الجهاز اذا كنت تضعينه
خارج التغطية... من الذي أقفل الخط في وجهي صباح اليوم؟؟؟
ـ
أمي
ـ
لماذا ؟؟؟
ـ
لها اسبابها
ـ
ما هي هذه الأسباب
ـ
لماذا لا تسألها؟؟؟
ـ
أين انتِ الآن
ـ
في زيارة لصديقة... وأنت؟؟؟
ـ
في الشركة
ـ
وماذا تفعل؟؟؟
ـ
أوزع العمل على الموظفين لكي لا يحدث أي خلل أثناء غيابي
ـ
تعال خذني الآن
ـ
أين أنتِ؟؟؟
ـ
في منطقة الكباس... هل تعرفها؟؟؟
ـ
تقريباً ولكن كيف وصلتِ الى الكباس وماذا تفعلين في هذه المنطقة الشعبية؟؟؟
ـ
قلت لك أنني في زيارة صديقة.
ـ
ومنذ متى كان لك أصدقاء في منطقة الكباس؟؟؟
ـ
منذ اليوم
ـ
كيف تجرأت عل الذهاب الى هذه المنطقة وحدك؟؟؟
ـ
لست لوحدي.
ـ
من الذي ذهب معك؟؟؟
ـ
كارل
ـ
كارل ـ المصارع ـ هل يمكنك ان توضحي لي؟؟؟
ـ
تعال لأوضح لك
ـ
حسناً ولكن في أي مكان من الكباس سأجدك؟؟؟
ـ
عندما تصل الى الكباس اتصل بي وسأدلك.
**** **** **** ****
ـ
أنا الآن في الكباس فأين أنتِ
ـ
حارة الزهور هل تعرفها؟؟؟
ـ
نعم أعرفها
ـ
بقالية ابو مازن... أول حارة على اليمين... البيت الثاني على اليسار... باب حديد
أسود... المفتاح معك اليس كذلك... أدخل نحن بإنتظارك.
أهلاً ببطلنا الهمام... لقد انتهت هذه المسرحية المهزلة... هذا المال لا أعرف إن
كان حلالً أو حرام، وأتوقع أنه أكثر حلالاً بيد زوجتك الآن، وهذه الملابس لها وإن
هي رفضتها فيمكنك اعادتها واسترداد ثمنها...وهذه الأسوارة أراها أجمل في يد زوجتك،
وهذا ماهر الذي يصارع مرض الصرع وانت تبخل عليه بحبة دواء وهذه أمك المسكينة التي
ربت وتعبت، وهذا بيتك وهو أشرف منك في كل شيء، لقد كنت سخيفة وغبية وحمقاء ولكن
أنقذتني لولو الصغيرة... مسكينة هذه الطفلة لأنها ستكبر وسيكون لها أب مثلك.
أفكر دوماً بمخترع هذه الأداة المسماة موبايل، والذي نسميه جوّال، مع أنه لا يتجول
إلا برفقة صاحبه البارحة نسيته في البيت فظل في مكانه يرفض التجول حتى عدت لإصطحابه
.... أليس من المعيب أن لا يمنح مخترع هذه الأداة جائزة نوبل للفيزياء لعشر سنين
متتالية؟
أما أنتِ أيتها الغالية لوريس فالذي حدث أمام ناظريك اليوم هو هديتي لك بمناسبة عيد
الفطر...
آرا
سوفاليان
Ara Souvalian