رد على مقالة عبد الكريم أبو النصر " ليس كل شيء سوري!!! "
في مقالة وردت في جريدة النهار بعنوان كل شيء سوري ينتقد فيه
الكاتب موقف سورية من لبنان، وينظّر من منطق عشائري وشعوبي لزيادة الحاجز النفسي
بين السوريين واللبنانيين وعليه أعلق:
بالرغم من أننا كسوريين نعترف أننا أخطأنا في لبنان ولكن لنا
مصالح وطنية وقومية تقضي بحماية حدودنا الوطنية وأمننا القومي الذي لا يتعارض مع
مصالح لبنان ورؤى غالبية الشعب اللبناني تجاه قضايا كإسرائيل... أو الهيمنة
الأمريكية أو الفرنسية مثلاً وإن كان هذا لا يعني أو يبرر دخول الدولتين تحت الغطاء
الإيراني مطلقاً فلإيران أيضاً مصالح قد تتخلى عن الدولتين لحمايتها أو ربما لحماية
نفسها يوماً ما...
المصالح هي عماد وجود سورية لا كنظام بل ككيان، لأن ما يطبق على
لبنان سيصل إلى سورية وما يؤثّر على لبنان سيؤثر بدوره على سورية بحكم التشابه
الاجتماعي بينهما، وبالرغم من التوجهات السياسية للطوائف اللبنانية والتي تتأثر بها
نفس الطوائف السورية بشكل غير مباشر!!!
سنفرض جدلاً أننا سنسلخ لبنان عن محيطه الجغرافي، وهذا السلخ
الذي يدعو إليه الكاتب هو سلخ إيديولوجي مبنيّ على اتفاقيات سايكس-بيكو وما لحقها
من اتفاقيات ثبتت وضع سورية الحالي كاتفاقية أنقرة واحد (التي تخلى فيها الفرنسيون
عن جزء كبير جداً من منطقة الجزيرة السورية لتركيا) وأنقرة اثنان (والتي تخلى فيها
الفرنسيون أيضاً عن لواء الإسكندورن بموجبها إضافة إلى سهول كيليكيا) متجاهلاً
التشابه الإثني والديني وحتى العشائري للشعب في منطقة سورية الكبرى، والتي تضم جبل
لبنان أيضاً منذ العهد الأكادي وحتى يومنا هذا.. وهذا يؤيد فرضية أن كل شيء سوريّ
بالإجمال وأن قضايا فلسطين أو لبنان إنما هي جزء من الكل السوريّ لا محالة وأن
مسألة الشرق الأوسط الجديد ما هو إلا إمعاناً في تجزيء آخر يطال سورية الكبرى التي
قسمت وشرذمت وأحتلّ أقاليمها خلال المائة سنة الماضية بطريقة وحشية وبربرية على يد
الطامعين...
إن أكد الدكتور بشار على كون سورية ولبنان بلداً واحداً وإن
تدخلت سورية في الفلسطينيين مع كل أخطائها فهو أمر مبرر بحكم الموقع التاريخي الذي
احتلته دمشق منذ العهد الآرامي كونها العاصمة السورية، وهو شيء أكده الرومان إبان
الفترة الرومانية التي سيطروا فيها على سورية من خلال اعتبارها العاصمة السياسية
والعسكرية والاقتصادية للإقليم ولم يختاروا بيروتاً لها أو عمّان (فيلادلفيا) أو
حتى القدس إيليا التي اعتبرت عاصمة العالم المسيحي منذ العهد البيزنطي والمحج
الديني للمسيحية بعد مؤتمر نيقيا...
أختم رداً على السيد عبد الكريم، إن كنت تتحدث عن سورية ولبنان،
فكل شيء سوريّ شئت أم أبيت وهي عقدة لدى أشقائنا اللبنانيين الموارنة منهم – ذوو
الأصل السوري لمار مارون الحمصي ورئيس الكنيسة الأنطاكية – والذي هجروا سورية في
غالبهم لأسباب معروفة إلى جبل لبنان الحالي حيث تبعهم أشقاؤنا الدروز إبان الهجرة
الدرزية الأولى من مصر إلى الشام حيث استقروا في جبل لبنان بجوار المسيحيين هناك..
فسورية هي كل شيء شئت أم أبيت والتاريخ يحكم رأينا... ورأيك!!!
«كل شيء سوري»
سمعنا قبل أيام كلاماً مهماً عن العلاقة السورية - اللبنانية
قاله رولان دوما وزير الخارجية الفرنسي سابقاً في عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتران
خلال لقاء مع مجموعة من الصحافيين في باريس. فقد ذكر دوما أنه التقى حافظ الأسد
مراراً وأن الملف اللبناني كان حاضراً باستمرار في اللقاءات. وقال: «بالنسبة إلى
حافظ الأسد فإن كل شيء سوري. فلبنان سوري والسيد المسيح سوري كذلك، وكان حريصاً كل
الحرص على تأكيد اقتناعه بأن لبنان جزء من سورية». وأضاف دوما: «كنت أجادل الأسد في
هذه المسألة انطلاقاً من حرص فرنسا على استقلال لبنان، وأشدد أمامه على أن وجود
علاقة تاريخية سابقة بين البلدين ليس معناه أن لسورية حقوقاً خاصة في لبنان، أو أن
هذا البلد جزء منها بل يجب التعامل معه على أساس أنه دولة مستقلة». وقال لنا
ديبلوماسي فرنسي أمضى فترة في دمشق: «إن المسؤولين السوريين الكبار، سواء في عهد
حافظ الأسد أو في عهد نجله بشار يحرصون باستمرار على التأكيد، وخصوصاً أمام
الفرنسيين، أن سورية ولبنان بلد واحد وأنه يجب تجاوز معاهدة سايكس - بيكو التي كانت
في نظرهم خطأ تاريخياً فادحاً لأنها فصلت بين هذين البلدين وفتحت الطريق بالتالي
أمام استقلال لبنان».