syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
حدث في سوريا (29) ذات تشرين... بقلم : ن. الحموي
مساهمات القراء

البرج العالي والأميرة المحبوسة في البرج والفارس الشجاع على الجواد الأبيض والسيف اللامع في يد الأمير.. ومن ثم قبلة الحياة ويعيشان بسعادة إلى الأبد..


كل القصص فيها جنيات وأميرات وأبطال وكم سنة وسنة مرت وهي تنتظر بطلها!!

******************

الصباحات كانت ككل الصباحات في تلك الأيام، ساكنة لها لون الخوف وطعم البرد وفي كل يوم كانوا يستيقظون ويطمئنون أنفسهم أن كل شيء سيكون على ما يرام ما داموا قد استيقظوا تحت ذات الأسقف التي غفوا تحتها في الليل..

كان هناك الكثير من الأحاديث عن اعتقالات وسجون وشبان خرجوا ولم يعودوا والكثير من الذكريات عن انقلابات وأحزاب وجماعات مختلفة تدخل إلى السجون وتخرج من السجون ثم تعود إلى السجون.. همسات وهمهمات عن عناصر مخابرات وأساليب تعذيب جديدة وضباط كانوا يوماً كل شيء ثم تحولوا بين يوم وليلة إلى لاشيء..

أحاديث تدور في السر عن فلان وعلاقاته وعلان ومعارفه وآخر أخبار الهزائم والانتصارات والكثير من المفاهيم الجديدة التي ما كان البلد يعرفها قبل الاستقلال.. مفاهيم جديدة وقوى عظمى جديدة واحتلال من نوع آخر ومشكلة فلسطين الحاضرة دائماً..

صوت الراديو منذ الصباح الباكر يصدح في كل البيوت وهو متربع في صدر البيت وكل أهل البيت حوله يستمعون للأخبار وللمذيع يلقي الخبر وأهل البيت يلاحقون الخبر من محطة إلى أخرى فتلك تذيع خبراً وأخرى تنفيه وأهل البيت ككرة التنس تتقاذفها مضارب المحطات الإذاعية..

و تمر السنين وبين حين وآخر كانت رائحة الحرب تفوح وتتكدس المؤن في الأقبية وعلى (السقائف) وتنتشر شائعات عن ارتفاع بالأسعار..

خوف وخريف وبرد يأتون جميعاً مع تشرين وهي أيضاً تولد في تشرين ويطلقون عليها اسماً جميلاً (نسرين)..

******************

كبرت نسرين في بيت يعبق برائحة الجرائد والأخبار.. في بيت ككل بيوتنا يعيش على السياسة والهزائم والإشاعات وحديث عن حرب قريبة وسلام مفقود وانتصارات ننتظرها منذ الأزل ولا تأتي..

كانت تحب قصص الأبطال وجنون العظماء وتضحيات النساء اللواتي يقفن وراء الرجال العظماء.. كانت تحب أن تسمع تلك القصص عن البطولة والشهداء وأصحاب القضايا..

كم أحبت الشعر والسياسة ونشرات الأخبار وصوت المذيع وهو يذيع النشرة.. كم كانت تحب الوقوف خلف باب غرفة الضيوف كل ثلاثاء لتسترق السمع على أحاديث والدها وأصدقائه وتحليلاتهم لما وراء الخبر والشتائم التي يلقونها في نهاية الحديث..

تريد أن تصبح محامية وكلية الحقوق كانت حلمها وهي تدرس وتدرس وتسهر الليالي وتدرس ومع نهاية العام نجحت في امتحانات الثانوية العامة والتحقت بكلية الحقوق..

كان صباحاً تشرينياً يسبق عيد ميلادها ببضعة أيام والريح الخريفية تحمل أوراق الشجر، رذاذ المطر ورائحة الأرض بعد المطر.. كان يومها الأول في الجامعة وهي تسير في حديقة الكلية تستنشق الهواء المنعش ورذاذ المطر يداعب وجهها وهي تستكشف الكلية والحديقة والكافيتريا الصغيرة..

سترة من الجوخ البني وشعرها أشقر كخيوط الذهب وهي تستكشف العالم خارج حدود بنايتهم وبيتهم وغرفتها..

الرجل بالنسبة لها كان عالماً غامضاً وتنبيهات أمها لها قبل أن تبدأ دوامها في الجامعة لا تزال في أذنيها كحلق الفيروز الذي تحمله منذ طفولتها..

كانت تشعر بالوحدة والبرد وبالشوق لمدرستها وصفها وزميلاتها.. أرادت أن تعود إلى البيت، أن تبكي كطفلة في الروضة..

الجامعة والقاعات ورائحة الرطوبة والمقاعد الخشبية وعشرات العبارات المحفورة وكتب تركها أصحابها وهي وحيدة وحيدة تتأمل عشرات الوجوه ولا تعرف منها وجهاً واحداً..

******************

كان ينظر إليها بطريقة مختلفة يبتسم ثم يعود لترتشف عينيه الكتاب الذي بين يديه وكانت تشعر بالحر وبالكهرباء تسري في جسدها كلما نظر إليها..

كانت تستمع إليه يناقش زملائه قبل المحاضرة ويتحدث في السياسة والثقافة وعشرات عشرات النظريات.. قررت أن تشتري كتاباً كل أسبوع وأن تقرأ أكثر وأكثر أرادت أن تصبح مثله..

كانت تستمتع بصوته الرجولي وهو يستخدم مصطلحات جديدة عليها في بعض الأحيان وبنبرة صوته وهي تعلو حين يختلف مع أحد زملائه ويصر على إقناعه بما يدور في رأسه فترى في عناده جاذبية لا يضاهيها إلا الغموض في عينيه ولهجته التي لا تشبه لهجتها...

كان قلبها يطرق بقوة كلما سمعت وقع خطواته وكلما شعرت به جالساً خلفها في المحاضرة.. واليوم صار قلبها يطرق أكثر حين سألت المحاضر سؤالاً ودون أن تدري فتحت نقاشاً كان هو طرف الأساسي فيه..

لأول مرة يتحدثان سوية والعين بالعين..

كان طويلاً أسمراً وواثقاً بنفسه.. كانت تشعر بقوته تمتد لتحتلها كلها وقلبها يطرق بقوة وهو يبتسم بعد كل عبارة وينظر إليها تلك النظرة وبعد أن انتهت المحاضرة وفض النقاش صافحها وطلب منها أن تعيره الكتاب الذي استشهدت به أثناء نقاشهما..

كانت تعرف جيداً أن هذا النقاش لن يتوقف عند هذا الحد وأنها إن أعارته كتاباً فسيعيرها كتاب وبأنهما سيتبادلان التحية الصباحية كل يوم وبعدها سيشربان القهوة سوية والأحادث ستتشعب وتتفرع وتصبح أكثر وتتحول مواضيع الحديث من العام إلى الخاص ومن السياسة والأدب إلى الحياة الشخصية وهكذا ورغم أنها تعرف أنها تتجه إلى حيث نبهتها أمها أن لا تذهب إلا أنها كانت تسير نحوه.. نحو قدرها..

كانت مقتنعة بأنه مقدر لها أن تحبه.. كانت مؤمنة أنه هو الوحيد الذي يملك مفتاح قلبها..

كانت تحكي له عن كل كل شيء وتكتفي بالغموض في عينيه وبصوته العميق وهو يعلق على ما تقوله دون أن تسأله عن نفسه ودون أن تنتظر منه أجوبة..

يا الله كم أحبته وكم سكن قلبها وعقلها وأحلامها وكم تعلقت به وكم خافت منه وعليه وكم خشيت أن يكتشف أهلها أمرها..

يا الله كم كان قلبها يطرق كلما قلبت صفحات كتاب أعارها إياه وكلما ابتسم لها وكلما قاربت أن تلامس يده يدها..

يا الله كم أحبته وكم كان يشبه الأبطال في القصص التي تحبها!!

******************

الفضول بدأ يقتلها..

تريد أن تعرف عنه أكثر أن تعرف عن ماضيه وعمله الذي يسرقه منها لساعات طويلة وأحياناً لأيام.. أن تعرف عن سر تواجده مع فتاة جديدة كل يوم.. تريد أن تعرف كيف يقول لها أحبك ويخرج مع غيرها إلى السينما والحديقة والله وحده يعلم إلى أين!! طلبت منه مراراً أن يعطيها عنوان بيته وفي كل مرة كانت تسأل كان يقول لها: "ما بقدر هلق.. هلق الوضع صعب ليصير الوقت مناسب بحكي لك" وهي تجن وتذوب فضولاً وغيرة..

******************

كانت غاضبة.. غاضبة والغيرة تقودها وهي تسير بخطوات مسرعة نحوه وتشده من ذراعه بجنون لينهض من جانب الصبية التي تجلس معه في القاعة الفارغة ويأتي معها لكنه يتوقف ويبعد يدها ويصيح في وجهها: "شو جنيت إنت؟؟ ما قلت لك ليصير الوقت المناسب بتفهمي كل شي؟؟" وهي ترد عليه بأنه كذاب فيصفعها وهي تبكي وتبكي وتركض بعيداً وهو يركض خلفها..

و أخيراً تلقي بنفسها على مقعد منزو في حديقة الجامعة وتجهش بالبكاء ولا يقاطعها سوى صوته وهو يطلب منها أن تسامحه ويعدها أن لا يصفعها بعد الآن ويخبرها أنه سيقول لها كل شيء اليوم..

في ذلك اليوم أخبرها أنه يعمل ضمن صفوف جماعة سرية وأن مهمته جمع الأخبار وأنه يختار من بين الفتيات بنات الضباط والرجال المهمين كي يحصل من خلالهن على معلومات مهمة..

تحدث طويلاً عن خطورة عمله وبأنه يتقصد أن يرسب في الجامعة كي يظل على احتكاك بالطلاب والطالبات أخبرها عن الأسلحة المخفية والمناشير التي يحضرها وكلمات السر ووسائل التواصل السرية والكثير الكثير من الأسرار وأخبرها أن حياته الآن بين يديها وأن أي غلطة صغيرة منها ستؤدي به الهلاك..

أخبرها أن حياته محفوفة بالمخاطر وبأنه لم يكن يريد إخبارها بحقيقته كي لا تتورط معه وبأنه لا يستطيع أن يعدها بشيء الآن لأن مصيره مجهول..

بكت كثيراً يومها واعتذرت ألف مرة وطلبت منه السماح وأن يطمئن لأن سره بأمان معها.. أخبرته أنها تحبه وأنها لن تتخلى عنه وأنها ستظل معه إلى الأبد وبأنها مستعدة لفعل أي شيء لأجله..

أتراها كانت تحبه؟؟ أم تحب صورة البطل فيه؟؟ أم أنها كانت تحب دور حبيبة البطل هذا الدور الذي راحت تتقمصه أكثر فأكثر مع الأيام؟؟

******************

بداية العام الدراسي الجديد وتشرين آخر يمر عليها وهي تعيش سره الكبير.. سر يخنقها كحمل غير مرغوب به تتمنى أن تجهضه كل يوم ألف مرة..

تحترق بغيرتها وتموت خوفاً من أن تفقده ذات صباح..

لا زالت تذكر تلك الحالة الهستيرية التي أصابتها حين تأخر بالعودة من الضيعة يوماً واحداً عن موعد عودته..

يومها خطرت ببالها كل الأفكار السوداء وضاع منها أمانها وصارت الساعات تمر عليها سنوات والخوف بدأ يخنقها وراحت تدعو الله بكل ما لديها من إيمان أن يحميه ويعيده إليها سالماً وفي حال سبق السيف العذل أن يجمعها به ولو في واحد من أقبية المخابرات المهم أن تراه وأن تكون معه ولو على حبل المشنقة.. لا زالت تذكر كيف مرت عليها تلك الليلة ثقيلة ثقيلة وكيف كانت الثواني ألف ألف سكين تمزق جسدها وكيف حلمت بأنه بين ذراعيها والدم ينفر من كل فتحة في جسده وهو ينتفض بين ذراعيها وهي تصرخ دون صوت وتشعر بأنها تختنق وتشعر بطعم الدم في فمها وتراهم من بعيد يركضون نحوها كي يخطفوه منها وهي متعبة وهو ثقيل وتحمله وتركض وتركض وهم يقتربون منها وهي تركض حافية تدوس على دمه وأشواك وقطع بللور مكسور ويمتزج دمها بدمه وأخيراً تقع هي أرضاً ويموت هو.. ومن جديد تصرخ وتصرخ دون صوت..

لا زالت تحلم بهذا الكابوس ولا زالت تستيقظ مذعورة تصرخ ولازالت تستفرغ كلما تذكرت ذلك الحلم..

نقص وزنها كثيراً.. ذوبتها الغيرة وأكلها الخوف ومسح الحزن الورود من على وجنتيها..

كان يوماً من أيام تشرين والمطر يهطل بغزارة وهي على موعد معه في مقهى الكلية..

جلسا في زاوية منعزلة وراح يتحدث معها بصوت منخفض عن خطورة وضعه هذه الأيام وبأنه مهدد من قبل العديد من الأشخاص وبأنه عليه أن يبتعد قليلاً عن الأنظار ريثما تهدأ الأوضاع..

أرادت أن تبكي ولكن كلماته عن خطورة موقفه وعن ضرورة أن تتصرف بشكل طبيعي كي لا يصيبه مكروه جمدت الدمع في عينيها..

أخبرها أن جماعته لا يريدونه أن يتورط بقصة حب وأنهم رفضوا علاقته بها ويريدونه أن يقطع علاقته معها وكي يضغطوا عليه قطعوا عنه الدعم المادي وهو لا يعلم ماذا يفعل.. أخبرها أنه لم يعد يستطيع أن يراها بعد اليوم وبأنه خائف عليها ولا يريد أن يتسب لها بالأذى وجعلها تقسم للمرة المليون أنها لن تخبر أحداً بما تعرفه عنه..

 

- طيب ليش ما بدهم يانا نبقى سوا؟؟ ليش لحتى نترك بعض؟؟

- حبيبتي.. قلت لك قبل هلق الشي يلي عم أعمله سر ولازم يبقى سر وهنن خايفين إنك تكوني بتعرفي شي وإنك تحكي قدام حدا

- بس أنا ما رح قول شي

- حبيبتي أنا بعرف إنك بتحبيني وواثق منك بس هنن ما بيعرفوك وبعدين إنت ما بتعرفي نحن مع مين عم نتعامل وما لك مستعدة لهيك شي

- بس أنا بحبك وما فيني عيش بدونك

- وأنا بحبك وما فيني عيش بدونك ومو سهل عليّ ضحي فيك بس أنا عم اشتغل مشان شي كبير، أكبر مني ومنك

- خليني جنبك ورح ساعدك.. بعطيك عمري وحياتي.. عرفني عليهم وبشتغل معك

- وأنا بعرف هالشي وبتمنى أنا يلي أعطيك عمري وحياتي بس شغلنا خطير كتير ومستحيل عرضك لهيك موقف

- حبيبي حاول.. حاول تقنعهم

- رح حاول قد ما فيني بس ما بقدر أوعدك بشي.. عطيني أسبوع

******************

الأيام مرت عليها بطيئة وهي تنتظر أن يمر الأسبوع وأن يأتي إلى الموعد.. كانت خائفة متوترة تتخيل كل السيناريوهات الممكنة وتضرب أخماساً بأسداس..

طوال الأسبوع لم تراه في الجامعة ولم تجرؤ على أن تسأل عنه أياً من أصدقاءه.. عزت نفسها بأنه لابد مشغول بمهمة سرية ما وبأنه لابد أن يعود كما دائماً.. فكرت أنه ربما يتلقى أوامر جديدة وأنه ربما يعمل على جعلهم يقبلون بقصتهم.. ثم يمر الأسبوع ويحين الموعد المنتظر..

و يأتي..

ذراعه مربوطة إلى عنقه وكدمة زرقاء تحيط بعينه.. وقلبها ينبض ألف نبضة في الثانية.. لا دمع في عينيها.. لا لعاب في فمها ولا دم في شرايينها كل شيء تجمد تجمد أصابعها فقط قبلت السيجارة التي أعطاها إياها أشعلتها ولم تدخنها وبقيت مذهولة.. جفت الكلمات كما جف حلقها..

أخبرها أنه تعرض "لفركة أذن" بسببها وبأنه يحبها وبأنهم سيقبلون بالأمر الواقع قريباً وبأن كل ما عليها فعله هو أن تنتظر وتصبر أن يصبح الوقت مناسباً ثم رحل.. متى يحين الموعد المناسب؟؟ في أي يوم في أي ساعة ووفقاً لأي عرف؟؟ حسب عرفها هي أم حسب عرفه هو أم حسب عرفهم؟؟ هم أولئك الذين يحبهم ويدافع عنهم ويعمل لأجلهم.. هم أولئك الذين لم تراهم يوماً إلا في كوابيسها وهم يأخذونه منها بعيداً بعيداً فتراه وقد علقوه من قدميه وسياط تضرب ظهره ودمٌ يخرج من فمه وأنفه وأذنيه وهي تصرخ وتصرخ دون صوت..

******************

رهنت سوارها الذهبي ووعدها أنه سيفك الرهن بعد شهر.. ومر الشهر ولم يفك الرهن وضاع السوار..

سوارها الذهبي، (أونصة) الذهب، خاتمها، وسلسلة ذهبية تسللت ليلاً إلى غرفة جدتها وسحبتها من بين مقتنياتها وهي تبكي وتقسم ألف يمين أنها ستعيدها قبل أن تشعر جدتها بفقدان السلسلة.. ومر شهر آخر ولم يفك الرهن وضاعت السلسلة التي أعلنتها الجدة في عداد المفقودين موجهة تهمة إضاعتها لذاكرتها التي بدأت تخونها..

أشهر طويلة وهي تعيش على أعصابها.. ترهن ما تستطيع أن ترهن من ذهبها رغم اقتناعها مسبقاً بأنها لن تتمكن من فك الرهن يوماً.. تنتظر رؤيته طوال الأسبوع ليمضي برفقتها ساعة ويرحل ويتركها تفكر بالقطع المرهونة، دراستها وخوفها عليه وغيرتها التي تكاد تصيبها بالجنون خصوصاً من تلك الفتاة ذات العيون الخضراء التي التحقت بالجامعة مع بداية هذا العام..

يا الله كم كرهتها وكم كرهت عينيها!!

كم كرهت ضحكتها ونبرة صوتها وكم تمنت لو أنها تشبعها ضرباً ذات يوم وتنتزع من رأسها كل خصلات شعرها!!

لقاءاتهما أصبحت أقصر ومع كل دقيقة تقصر كانت تطول الساعات التي يمضيها مع ذات العيون الخضراء..

******************

أصبح عصبياً معها.. لم يعد يطاق!! وكانت دائماً تبرر عصبيته بالضغوط التي تمارس عليه ولكن إلى متى؟؟ لم يبق لديها ذهباً ترهنه، لم يبق لديها أعصاب تتحمل التوتر وأذن تستمع لصراخه.. ما عادت تطيق هذا الحمل الثقيل ولا أسراره التي لم تعد تهمها ولم تعد ترغب بسماعها..

الأقراط.. آخر قطعة لديها..

سترهنها اليوم.. أخبرته أنها لم تعد تستطيع أن تؤمن له شيئاً وبأن هذا هو كل ما لديها.. وكالعادة لم يعلق بكلمة حتى أنه لم يعد يعدها بفك الرهن بعد شهر..

******************

كعادتها تصل إلى محل الصائغ وتتأكد أن ما من أحد يراها وأن ما من عيون تعرفها تراقبها ثم تفتح الباب وتدخل وهناك تجد تلك العيون دوناً عن كل العيون الأخرى تنظر إليها!!

إنها هي صاحبة العيون الخضراء!!

أي حظ تعس هذا!!

أستظل تراها أينما ذهبت وكيفما حلت؟؟

جلست على الكرسي بانتظار أن يفرغ الصائغ من عمله في حين شعرت بتلكؤ صاحبة العيون الخضراء التي بدأت تهمس همساً كي لا تسمع نسرين ما يدور بينها وبين الصائغ الذي وضع قطعاً ذهبية في أحد الأدراج وجعل الشابة توقع على ورقة ثم ناولها مبلغاً من المال دسته في حقيبتها بسرعة وخرجت من المحل..

لم تصدق عينيها!!

تركت المحل والصائغ وركضت خلف الفتاة وسألتها إن كانت قد رهنت قطعة ذهبية وإن كانت قد رهنتها لأجله وإن كان قد وعدها بأن يفك الرهن بعد شهر وإن كانت هي الأخرى تعلم بسره الكبير وتنظيمه السري فما كان الجواب إلا نعم..

ضحكت طويلاً..

ضحكت ضحكت حتى أفرغت كل الدموع من عينها..

ضحكت بصوت عال أخرج كل الأسرار التي في صدرها..

ضحكت طويلاً.. ضحكت على ذات العيون الخضراء وعلى نفسها وعلينا..

ضحكت على شوقنا للأبطال..

على عطشنا لبطل همام يروينا..

ضحكت على كل من كان يعرف أنه لم يكن بطلاً لكنه أراد أن يجعل منه بطلاً..

حدث في سوريا ذات تشرين!!


2008-06-17 23:00:54
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
المحقق كونان2008-06-20 13:14:42
سلبة
كل ما واحد سمع بقصة وكتب عنها بيقول اقرو بين السطور شو هالسلبة وبالاخر بيطلع واحد بس فهمان القصة اي خلصونا يا_هادا راي ياجماعة وانا حر فيه
-سوريا
the K2008-06-19 20:50:37
اخي احمد
بالفعل مو طبيعي ذكائك بالفعل انا وحدة مو واحد ، بس أنا مالي صحفية ...طيب بس عنجد برافو عليك مع اني ما استخدمت عبارة أنثوية لهلق (بقولوا أني معي انفصام بالشخصية ) بس لهلق متأكد انو عم يمزحوا وا حتمال لأ ..بس عكل حال شكرا الك ، انتبه يمكن غير رأيي بعد كم ساعة اونكر كل شي هه ..لاعليك عم امزح
-سوريا
احمد2008-06-19 06:36:59
شكرا للأخت the K
على وجودها بيننا وكم نحتاج هنا الى صحافة حرة وقديرات مثلها شكرا لك يا أيها الكاتبة القديرة مدام نعمت وللأخت الصحفية the K ولموقع سيريانيوز
-سوريا
منقطع عن الموقع منذ زمن2008-06-19 06:32:04
معتفون لكننا خسرنا
رهاننا ، يعني كنا مطموزين لكن عندما أدركنا انو ما حدا سائل عنا في ناس رجعت متل المدام حموي وفي ناس ضلت مطموزة خصوصا أصحاب القص واللصق تبع الشعر والتأملات
-أوغندا
أحمد الببيلي2008-06-19 00:47:44
الذهب قليل بعكس النحاس
ما أكثر الأبطال المزيفين وأقل الأبطال الحقيقيين .. ولا أنصح أي فتاة بالتعلق ببطل .. فالبطل المزيف، مزيف مثل النحاس أو التنك .. والبطل الحقيقي الذي يشبه الذهب، في أيامنا - في أغلب الأحوال - لا يعيش طويلا .. وإن عاش يعيش حياة ملؤها المصاعب والقلاقل.. لأن صاحب المبادئ يتعب في عالمنا المعاصر .. أخيراً: عودة حميدة لقلمك المميز يا أخت ن. الحموي
سوريا
ن. الحموي2008-06-19 00:06:09
مساء الخير للجميع 2
(المرأة هي الوطن) فلا تحكموا على بطلة قصتي بقسوة.. ليس دفاعاً عنها و إنما لأنها تمثل كل واحد منافلا تحكموا علينا بذات القسوة.. نسرين تمثل شوقنا لأبطال نضع ثقتنا فيهم، نؤمن بهم، نحبهم و نفديهم و في النهاية تصدمنا حقيقة أنهم ليسوا أبطال!! العزيزان سوري و ابن المدينة اختصرتم الحكاية ببضع كلمات.. شكراً لكما..
سوريا
ميسون2008-06-18 23:54:31
الغالية نعمت ...
بكل صدق ومحبة أتمنى أن يأتي اليوم الذي أرى فيه روايات يتبادلها شبابنا وشاباتنا كُتب عليها وبالخط العريض ...بقلم الروائية نعمت الحموي ...عزيزتي كم أفخر بوعيك ..بثقافتك ..بقدرتكِ على صياغة الأحاسيس ورسم المشاعر بريشةٍ مُحترفة شفافة متزنة وواقعية ..صدقاً ودون أي مبالغة أتمنى أن تملك جميع شاباتنا هذا الوعي الذي تملكين أتمنى لقلمك دوام التألق وشكراً
-سوريا
ن. الحموي2008-06-18 23:52:00
مساء الخير للجميع..
كل الشكر لكم أحبتي فقد نورتم المساهمة بمروركم و تعليقاتكم.. اشتقت لكم و لهذه اللمة الحلوة و اشتقت لقراءة قصصي من خلالكم بطرق مختلفة تجعل من القصة الواحدة عدة قصص بعضهافي السطور و بعضها بين السطور.. و لسيريانيوز أقول:" ما أحلى أن أكون في بيتي!!"..
سوريا
the K2008-06-18 21:56:39
ن. الحموي
مع أنني لا أعلق في مساهمات من هذا النوع لكن وجدت متسع من الوقت لأقرأ ما تكتبين وقررت أن أقرأ لأشاهد سوية الكاتبة التي ظهرت مهاجمة في مساهمة نضال معلوف لأتأكد من حقك في الاعتراض، ولعلي سأغير رأيي وأقرأ لك كثيرا، كتابتك رائعة يا ن. الحموي، تستحقين وسام صدقا، استمري ومبروك لسيريانيوز بأمثالك
-سوريا
ابن الضيعة2008-06-18 19:03:15
مدام نعمت
شكرالك ولهذا القلم الراقي
سوريا
سوزان2008-06-18 18:18:08
نسرين لم تنتبه لأهم حقيقة في قصص الأميرات
وهي أن الفارس يمكن أن يكون شخص وسيم ويمكن أن يكون دميم، يمكن أن يكون ثري أو فقير، يمكن أن يكون أمير ذو شأن أو شخص بسيط وعايش بحاله، ولكن الشيء الوحيد المشترك بين جميع الفرسان الحقيقيين والأميرات الحقيقيات هو "الصدق" الصدق رأس الأخلاق والموقف من الصدق هو الذي يصنع الفرق بين الحقيقي والمزيف.
-الإمارات
سوزان2008-06-18 18:13:34
الأميرة الكاذبة والبطل المزيف
تحياتي ست نعمت، أسلوبك في السرد جذاب لأبعد الحدود، ولكن عنوان القصة غير مُعبر، أقترح أن تتوجي قصصك بعناوين منتقاة أكثر، أوافق TIG رأيه بالحب الأعمى، وأخالف الأخ ابن المدينة المنورة الذي "حزن على تلك المحبة الصادقة"، لا أفهم كيف اعتبرها صادقة وهي خانت وعدها لوالدتها ورهنت ذهبها دون علمهم وغالبا كذبت لتخفي عنهم كل ما تفعله، وسرقت جدتها.
-الإمارات
المهندس المدني مازن2008-06-18 17:48:34
اعجبتني كثيراً
إن أبطال هذا العصر في المجتمعات المزدهرة ليسوا موجودين في ساحات الحرب وإنما هم موجودون في كل مجالات الفكر والفعل إنهم ناشطون بكثافة في كل معارك التنمية. احسنت نونا. و إلى م ياسر. اوافق بشدة بكونك مهندس مثلي .نحن اصاحب الفكر لمشروع ناجح ووضع عليه احلام العصافير !
-سوريا
مراد2008-06-18 17:31:40
مشي الحال
هيك بطلات لازمهن هيك ابطال كل التربية و الرعاية بتضيع بثانية امام حذاء تلميذ في الجامعة يا حيف عالتحضر منيح يلي انفدت بكم قطعة دهب بتتعوض احسن مايكون لازمها عملية بلا فضايح الله يستر
-سوريا
أبو العلا2008-06-18 17:10:32
بصراحة
مو أنتي بطلة القصة ؟ مع التحية
سوريا
وليد السابق2008-06-18 14:09:23
همسة
البطل.. صناعة البطل عند عدم وجوده(والس).. أو أنتظار البطل عقود بل قرون من زمن.. ثم قتله.. ثم نَدبُهُ.. ثم رثاءه بقية من أزمنة( الأمثلة كثيرة).. المشكلة أنا نحتاج البطل..في أزمنة الأنسحاق.. و نلقي عليه مرات كثيرة بزائد حمل حتى يسقط.. لقد رسمت ببراعة مشهد سقوط البطل.. يالله كم تكرر في تاريخناهذا الشهد.. لقد أبدعتِ.. الأخت نعمت.. تحية.. محبة.. إحترام
كندا
صبا2008-06-18 14:02:42
مرحبا مدام حموي
المشكلة ليست بالشب ..وانما بالفتاة التي رسمت له قصرا من الخيال ونصبته ملكا على قصر من الاوهام وصدقته..انها الفتاة التي تخيلت كل شئ وسارت باتجاهه..شئ طبيعي ان تكون نهايتها اللاشئ لانها منذ البداية قدمت له ولم يقدم لهاسوى بكائيات ... تحيتي
-سوريا
TIG2008-06-18 13:07:50
نهاية الحب الأعمى..
إذا كان هدف الحب هو الارتباط, فلماذا لا تسلك أقصر الطرق؟؟ هل يحتاج لسنين من العلاقة والانتظار؟؟ لماذا لا تطرق الأبواب مباشرة؟؟ هذه القصة وهي أقرب ما يكون للواقع, وغيرها من القصص الحقيقية, هي عبر لكل الفتيات حتى لا يحرقن قلوبهن, وبالمقابل للشباب عندما تحب فتاة أطلبها فإن رفضت ظروفك فلا داعي أن تزهق عاطفتك. تمنياتي بالتوفيق للجميع, وشكرا لك.
-سوريا
حسام سلمان بركي2008-06-18 13:01:35
جميلة
جميلة محاولتك الوصول إلى غيوم مليئة بالمطر وسلسة كلماتك كأنها السحر .. سيدتي كتاباتك جميلة ... شكرا لك ..
قطر
ريما السعدي2008-06-18 12:48:09
حدث في سيريانيوز..
ان اقرأ كلماتك من جديد غاليتي وان اعجب بها كلما قرأتها من جديد...كالعادة انت تعلمين كم اتعب لاجد لك تعليقا يليق بموهبتك الساحرة فسأكتفي بالقول رائعة نعمت راائعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى يسعد صباحك ولا تحرمينا من ابداعك ابدا..
-سوريا
Safa2008-06-18 11:46:51
مدام حموي ديمن بدعي الرب يحميكي
ولسا ناطرين البطل الي رح يخرب الدني ويخلصنا من همياتنا ويساعدنا نعيش (بكرامة).. فينا نرهن قطعة دهب.. فينا نرهن ضحكتنا....بسمتنا....فينا نرهن الماضي....الا العمر مافيا نرهنه كيرميل شي وحتينا اذا فكرنا نرهنه رح نضل نسال حالنا ؟.. بيستاهل حدن نرهن عمرنا كيرميلو .. واذا اكتشفن انه رح العمر مع الي راح شو بيضلنا غير زكرا بتقتلنا يسلمو يارايقة...
-ألمانيا
احمد2008-06-18 11:30:22
حدث في المدينة الجامعية
كأنها قصة الفتاة التي انتحرت في المدينة الجامعية
-سوريا
نورا2008-06-18 11:00:39
تحدث كل يوم
رائع ما كتبتيه هنا فكرة ومضمون وشكل احييك اعتقد باني بعد هذه المساهمة سيكون اسمك محطة اتوقف عندها كلما فتحت الصفحة.سؤالي هل اوحت لك الفكرة تلك المسكينة التي انتحرت في المدينة الجامعية.لك تحيتي
-سوريا
م.ياسر2008-06-18 11:02:28
رائعه
ومازلناننتظر الانتصارات ... ونعيش في الاوهام والحقائق المره سلمت اناملك
سوريا
TAREK2008-06-18 10:57:34
صباح الخير مدام نعمت
أهلا" بعودتك مدام نعمت.
-سوريا
The admirer of the Star N. AlHamwi2008-06-18 10:45:48
بعد زمان يا نعمت
يسلمو ديّاتك يا أرق وأروع وألطف كاتبة , يا أميرة سيريا نيوز, والله يجازي ويعاقب كل واحد بيكسر قلب بنت... قلب حبو و وثق فيه. من بعدك ما حدا يكتب يا نعمت
-سوريا
سوري متشائل2008-06-18 10:28:59
صارت
شو رأيكون اذا قلتلكون انو الي رفيق عملها لهالحكاية و البنت صدقت.....متل البطلة هون
الإمارات
سلوم2008-06-18 10:12:42
الحمد الله على رجعتك بالسلامة
مبسوط برجوعك لاني فكرت من ردك على السيد نضال انك ماراح ترجعي لان مشاكلك مع سيريا نيوز كانت كبيرة منيح نحلت الأمور بينكم. يارب يرجعواالتانيين انامشتاق لكاتب مصري د.ايمن الجندي مابعرف ليش ترك ولليون الافريقي مابعرف كمان ليش ماعميكتب ولمعاذ ابن ابيه اللي كان يكتب كتير وتوقف فجأة. مافهمت ليش ترك الاستاذ مخلص الخطيب بتمنى يرجع ليكتمل بيت سيريا نيوز. سلام
-سوريا
طارق السيوفي2008-06-18 10:10:25
حرام اللعب بمشاعر الناس
رائعة بكل معنى الكلمة، رائعة بكل شيء مدام حموي، ما أصعب الغدر والكذب والخيانة.
-سوريا
الحنون2008-06-18 09:39:31
ن الحموي إبداع وتألق
شكرا على مساهمتك الرائعة وفعلا تستحق المتابعة وجديرة بالاحترام
-سوريا
souri2008-06-18 09:17:01
آآآخ
بعرف كم مليون نسرين، وكم مية "بطل" عايشين مع بعض بمكان ما،و هالكم مليون نسرين ما قادرين يعملوا شيء
سوريا
سامي نجار2008-06-18 08:25:03
تحيه و عتاب
السيده ن. الحموي تحية طيبه اما بعد لك وين هل غيبه يا منظومه و لا تقوليلي شغل و مافي وقت هل كلام ما بينفع مو حرام عليكي تقطعينا كل هل فتره بس يالله معلش المهم انك لسا معنا و ما نسيتينا و المشكله انو ما بينزعل منك لانك رائعه و مثل ما عودتينا كمان هل مشاركه رائعه شكرا الك نون و بتمنا ما تطولي الغيبه
الولايات المتحدة
عبد الرحمن حموي2008-06-18 08:33:14
جسرين
ههههههههه كلامك جميل
سوريا
سوري قرفان2008-06-18 08:09:50
رائع
يعطيكي العافية
-سوريا
أب سميرة2008-06-18 05:14:14
إلى الكاتبة
رائعة رائعة كالعادة, رح بعت الرابط لمعارفي على الإيميل. يا جماعة اللي ما بيقدر يكتب على هالمستوى لا يضيع وقتو ووقت العالم, يطور حالو بعدين ينشر...
-سوريا
مجد2008-06-18 04:11:20
قصة جميله
شكرا ن على هذه القصه المعبره, اعحبني سردك الجميل
-سوريا
شرف الدين2008-06-18 03:53:56
ما احلاها
بدعة اخرى من كنزك الثمين تضاف الى سابقاتها ممتعةجدا وننتظر المزيد شكرا للمبدعة.
-كندا
مضيع موبايلو سابقاً2008-06-18 03:07:21
تحية من القلب
في زمن يتحول فيه القلم والسلاح والمبدأ الى أقنعة نخفي من خلالها قبح وجوهنا، يصبح فقدان الضمير سمة يعتز بها صاحبها. تحية لقلمك الجريء والمبدع سيدة ن
-سوريا
ابن المدينة المنورة2008-06-17 19:56:38
تحية لقلمك المبدع أخت نعمت
من أجمل ما قرات من مساهماتك ، ومما زادها روعةانك استطعت ان توصلي لنا-من بين السطور- فوائد عديدة وتلميحات ذكية، رغم أن القصة كانت حزينة، والنهاية كانت عصيبة، إلا أنني استمتعت بقراءة القصة، كما حزنت عن تلك المحبة الصادقة التي لم تلقى إلا الخذلان(وممن؟ من الشخص الذي يفترض أن يكون بطلا بحق) شكرا على مساهمتك أختاه
السعودية