إثر انشقاق عن حزب الوحدويين الاشتراكيين الذي يرأسه فائز اسماعيل في العام 1974‚
أسس أحمد الأسعد الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي الذي انضم الى الجبهة في نهاية
ديسمبر 1988‚
وفي وفاة أحمد الأسعد في 9 مارس 2001 اندلع صراع شديد بين فراس الأسعد نجل أحمد
الأسعد الذي يمثل الحرس الجديد في الحزب وبين تيار الحرس القديم الذي يمثله فضل
الله ناصر الدين وقد انتخب فراس أمينا عاما للحزب‚ إلا أن الفصيل المناوىء لم يعترف
بهذه النتيجة وشكلوا قيادة مؤقتة وتم تبادل اتهامات قوية بين الفريقين إلا أن
الحكومة اعترفت بأمانة فضل الله ناصر الدين ولم تعترف بشرعية فراس الأسعد رغم
انتخابه ديمقراطيا من قبل الحزب‚
وفي إطار تفعيل الجبهة الوطنية المتآلفة مع حزب البعث الحاكم استقبل السيد الرئيس
بشار الأسد قيادة الحزب في أوائل يوليو الماضي بعد انعقاد المؤتمر القُطري لحزب
البعث الحاكم ولوحظ تغيب فراس الأسعد عن الحضور وهو عضو مكتب سياسي‚ فهل هذا يدل
على وجود خلاف جديد بين الأسعد والقيادة الجديدة؟ أو ان القيادة الجديدة عمدت الى
ابعاده عن نشاطها السياسي خوفا من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها داخل الحزب؟ أو
انتقاما من والده أحمد الأسعد الذي كان يتمتع بمكانة كبيرة لدى القائد الراحل حافظ
الأسد؟
والسؤال هل ان هذه التجاذبات داخل الحزب ستقود هذا الحزب الى انقسام جديد الذي أصبح
كما غيره من أحزاب الجبهة يعاني ترهلا في كوادره ويبحث عن مكاسب لدى السلطة؟
حول المشاكل الأخيرة التي يعاني منها الحزب والخلافات بين الحرس القديم والحرس
الجديد كان لنا هذا اللقاء مع السيد فراس الأسعد عضو المكتب السياسي للحزب الوحدوي
الاشتراكي الديمقراطي‚
بداية في حال أقر قانون أحزاب أين سيكون موقع حزبكم من هذا القانون وهل ستظلون ضمن
الجبهة أم ستكونون حزبا معارضا؟
-
لقد اوصى المؤتمر القُطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في جملة توصياته
بإيجاد قانون للاحزاب في سوريا هذا القانون الذي هو من وجهة نظري سوف ينظم ويقونن
عمل الاحزاب السياسية في سوريا وبالتالي ستنظم الحياة السياسية لكل الراغبين ان
يكونوا في دائرة الفعل السياسي اضافة الى الاحزاب المعارضة الموجودة في الساحة
السياسية السورية ونحن كحزب ناصري ديمقراطي كنا مع طلائع الاحزاب السياسية في سوريا
التي شاركت بشكل دائم في جميع السلطات التشريعية التنفيذية وغيرها وذلك بهدف
التأسيس لفكر متطور يلبي حاجات وطموحات جماهيره في العدالة والمساواة والديمقراطية
وبالتالي كنا في الجبهة الوطنية التقدمية التي هي الجهد السياسي لتحقيق اهداف
المجتمع بشكل عام ونحن مستقلون تماما بعملنا الحزبي وقرارنا السياسي وان كان حزبنا
في الجبهة‚
اما فيما يتعلق بسؤالك هي سنكون حزبا معارضا فهذا سؤال كبير يستدعي استحضارات
تاريخية منذ الثورة الفرنسية وجان جاك روسو ونظرية العقد الاجتماعي فنحن حزب ممثل
في كل السلطات فمن نعارض؟
اما المعارضة بشكل عام كتعريف وتوصيف فهي ليست موجودة في سوريا هناك اشخاص وجماعات
اسرية اقليمية طائفية وعشائرية تبحث لها عن مكان ولكن بأدوات متخلفة جدا تمثل
البديل الاستبدادي المتخلف والبديل الذي لا يطرح اية برامج وليست لها اية مشروعية
لتسمى شرعيا معارضة ففي البلدان المتطورة خذ بريطانيا مثلا نلاحظ ان المعارضة تكون
معارضة وفقا للبرنامج‚ حزب يعارض الآخر اي يعارض الحكومة اي يعترض على برامج
ونشاطات اجتماعية واقتصادية تقوم بها الحكومة ولا احد في العالم المتمدن يعارض
النظام القانوني بل يعارض الحكومات وايا من هذه الاصوات النشاذ ليس لديها افق متقدم
على الاطلاق نعم نحن ننقد ونعارض بعض التصرفات الفردية التي نراها خروجا عن القانون
والنظام وندعم البرامج الاصلاحية التي تتبناها الحكومة‚
أنتم كحزب ناصري كيف هي علاقتكم بالاحزاب الناصرية سواء في الجبهة او في المعارضة؟
-
نحن كحزب ناصري إلى جانب مجموعة من الاحزاب الناصرية الأخرى تربطنا بها علاقة الحزب
بالحزب‚ وعلاقة الفكر بالفكر‚ هناك علاقة تنسيق وتداول للحوار‚ وأنا كعضو في المكتب
السياسي للحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي اقول انه لا تربطنا أي علاقة مع
الاحزاب الناصرية المعارضة‚ وفي المستقبل وفي حال اقر قانون لتنظيم الاحزاب ربما
يحدث نوع من التقارب بيننا وبين هذه الاحزاب‚
برأيكم هل ما زالت الجبهة قادرة على احتواء الحراك السياسي السوري وأين هو الصوت
المعارض المنتقد لسياسة الحكومة التي هي تابعة للبعث الحاكم؟
-
ان حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب كبير وعريق ومسيطر بفكره وأهدافه على الشارع
السياسي السوري منذ نهاية الربع الأول من القرن الماضي يمتلك جماهير كبيرة جدا وهذه
الجماهير هي الشعب وبالتالي فان هذه الحالة هي تفسير للديمقراطية‚ أليس معروفا ان
الاقلية ترضخ لرأي الاكثرية في تعريف الديمقراطية مع عدم إلغاء أو مصادرة رأي هذه
الاقلية بل مع ضرورة احتوائها والحزب السياسي يجب ان يكون صادقا مع نفسه ومع
جماهيره لكي يكون فاعلا وما المشكلة إذا كانت سوريا بكل تنوعاتها السياسية الحاضرة
والمستقبلية تجلس على مائدة توحيد الجهود لتحقيق الاهداف كان ما كان اسم هذه
المائدة وهنا نكون أمام صوت معارض سقفه الوطن وارتباطه الوطن معارضا للحكومة في
مبررات لهذه المعارضة‚ ولكن ليست معارضة فردية مأجورة لصالح تسويق الآخرين‚
ما
هو موقفكم من المادة الثامنة للدستور التي تعتبر حزب البعث حزبا قائدا للدولة
والمجتمع؟
-
ما دام الدستور هو قانون القوانين وهو تعبير عن إرادة الأمة ولما كان هذا الدستور
هو كذلك من خلال التصويت عليه كان هو رأي الاكثرية وعندما يستطيع حزب سياسي ان يحشد
الاكثرية عند ذلك تكون حالة أخرى‚
كنت مرشحا لاستلام منصب الأمين العام للحزب بعد وفاة الأمين العام السابق احمد
الاسعد «والدكم» وقد حوربت من الحرس القديم ما مدى هذه الخلافات وهل هي مستمرة أم
أنكم وصلتم الى تفاهم ما؟
-
نحن مجتمع دولة نامية‚ وهذا يقودني الى العودة الى الاشارة الى ما أوردته جوابا على
سؤالك الاول في اننا مجتمع لم يرق بعد في كل مكوناته الفكرية الى الفكر المؤسساتي
بعيدا عن النوازع الشخصية‚ نعم هناك بعض الخلافات داخل تنظيمنا الحزبي تتمثل في اني
رشحت في اجتماع لجنة مركزية مكتملة النصاب وفق نظامنا الداخلي‚ وانتخبت امينا عاما
بأغلبية الاصوات وكان عدد المرشحين ستة‚ وانتخابي يدل على انني نجحت بالاقتراع
الديمقراطي‚ اضافة لمصادقة المكتب السياسي بأكمله على محضر اجتماع هذه الجلسة
ونتائج الانتخابات‚ ولكن ولمصالح ما للبعض راح يبحث نحو نقض هذه النتائج بسبب ان
الأمين العام المنتخب صغير السن وكان عمري في حينها 35 عاما‚ وتم تنظيم جلسة بعيدة
عني مؤلفة من خمسة اعضاء من المكتب السياسي للحزب خلصوا بنهايتها الى نقض المؤتمر
السابق‚ والقفز فوق نتائج الانتخابات‚ ومن خلال هذا الخلاف الواقع آنذاك راح البعض
يلعب بأساليب رخيصة‚ الى ان تم الاتفاق على ضرورة الامتثال لتوجيهات اللجنة التي
شكلت من القيادة السياسية لحل هذا الخلاف‚ والتي كانت مؤلفة من السيدين عبدالله
الاحمر الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي والدكتور محمد زهير
مشارقة نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية حيث رأت هذه اللجنة ضرورة انتخاب أمين
عام مؤقت وذلك لمدة ثلاثة اشهر فقط يجري خلالها التحضير لمؤتمر قادم‚ عند ذلك قمت
بدعم السيد فضل الله ناصر الدين ووضعت كتلتي في صالحه‚ ولكن عوضا عن أن يلتزم
بالاتفاق عمل مع بعض اعضاء المكتب السياسي على عدم عقد مؤتمر جديد وفق الاتفاق‚
والابقاء عليه أمينا عاما خلافا لكل ما اتفق عليه وذلك بعد مماطلة امتدت لأكثر من
عام وسمي لاحقا بالتذكية تلبية لرغبة البعض الذين تبنوا هذا المشروع‚
استقبل السيد الرئيس بشار الأسد قيادة حزبكم ولوحظ تغيبكم عن هذا الاجتماع مما أوحي
للبعض ان الخلافات ما زالت قائمة في حين اعتبرها البعض الآخر محاولة لاقصائكم عن
نشاط الحزب فما رأيكم؟
-
هذا صحيح فأنا عضو مكتب سياسي في الحزب منتخب في مؤتمر قُطري وكان من المفروض ان
احضر هذا اللقاء الذي جمع قيادة الحزب مع السيد الرئيس ولكني في الحقيقة لم اسمع
بهذا اللقاء الا من وسائل الاعلام وهنا احمل السيد فضل ناصر الدين الامين العام
للحزب مسؤولية هذا التغيب واعتبره محاولة لاقصائي وابعادي عن العمل داخل قيادة
الحزب واستغرب هذا التصرف منه في وقت نحن احوج ما نكون فيه للوحدة والعمل يدا واحدة
في الحزب بعيدا عن كل الحسابات والخلافات والطموحات الشخصية الرخيصة التي لا تخدم
مصلحة الحزب واعتبر ان هذا حق من حقوقي ومن المفروض ان يعامل جميع الاعضاء معاملة
واحدة‚
وفي العودة الى الوضع الداخلي ما هو دور حزبكم في محاربة الفساد واصلاح الوضع
الاقتصادي وهل انتم مع اقتصاد السوق الاجتماعي؟
-
لحزبنا كما لكل القوى دور في مكافحة الفساد والقضاء على الهدر ونحن ننتقد بشكل دائم
وفي جميع المناسبات ضرورة وضع معايير وأسس لتسليم المسؤوليات وتسمية المديرين وفق
قواعد ومناهج ابتعادا عن المسألة الشخصية والتصميم الشخصي ولابد ان يتم ذلك وصولا
الى اشخاص يتمتعون بكفاءة ونزاهة‚ وموضوع الفساد والمفسدين هو الموضوع الهام التي
تتجه الادارة السياسية حاليا نحو مكافحته من الأساس من خلال الرقابة الوقائية
السابقة التي تمنع حدوث الفساد في الكثير من الاجراءات الرقابة اللاحقة وفي حقيقة
الأمر تم احداث العديد من المعاهد التخصصية في موضوع الادارة العامة وهذه المعاهد
ملقى على عاتقها انتخاب وتهيئة وتخريج الكوادر القيادية والادارية بعيدا عن
العلاقات الشخصية والاسرية وغيرها ونحن متفائلون بهذا المنحى‚
اقتصاد السوق برأينا انه يعني عدم ترك آليات السوق المتمثلة في العرض والطلب على
قيادة الاقتصاد وبعيدا عن تدخل الدولة في حماية مصالح الطبقة غير المالكة نحن مع
اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يؤمن فرصا استثمارية للمستثمر ويزج القطاع الخاص في
العمل الاقتصادي وبناء الدولة والمجتمع وبرأينا ان اقتصاد السوق الاجتماعي يعزز دور
الدولة لأنه يشجع المنافسة ويسعى لتقديم السلعة الأجود والأرخص للمستهلك العادي‚
كيف تنظرون الى الضغوط الأميركية المتوالية على سوريا؟
ــ
سوريا هي الوحيدة في المنطقة التي حددت أهدافها بصدق ووعي‚ والتي تمثلت أهداف
الجماهير في الدفاع عن القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين‚ ووقفت بوجه كل
عدوان على أي دولة عربية‚ وقدمت الدماء الغزيرة في الحروب التي دارت في المنطقة‚
واستطاعت ان تحقق الانتصار تلو الانتصار هذه الانتصارات وهذه المواقف عرقلت أهداف
ومخططات الامبريالية العالمية في المنطقة ولما كان العالم اليوم يتميز بعد غياب
الاتحاد السوفياتي بسياسة القطب الواحد أخذت اميركا تضغط على الجميع الذي يخالف
ويعارض اهدافها وأهداف حليفتها الصهيونية العالمية في استعمار الشعوب ونهب الثروات
وافقار الآخر بشكل مباشر وغير مباشر‚ ولقد تبلورت هذه الضغوط على سوريا بعد احتلال
العراق‚ ولكن الوضع مختلف تماما عما كان في العراق‚ الولايات المتحدة تحارب الارهاب
وفق ما تدعيه في حين هي دربت الارهابيين ووضعتهم حيثما شاءت‚ وعندما انتهى دورهم
انقضت عليهم‚ باعتبارهم الأداة التي تمكنها من احتلال البلدان التي كما حصل في
أفغانستان والعراق‚ وهم أدواتها لتمارس ارهاب الدولة في العالم‚ وهي الآن تتجه نحو
تعميق الاستبداد وتحت عنوان الديمقراطية تسعى الولايات المتحدة الأميركية لتفتيت
المفتت وتقسيم المقسم لتكون هي ورموزها وحليفتها الصهيونية السائد الأقوى وتحارب كل
تأسيس او دعوى للوحدة او الاتحاد او العدالة تريد بنيانا مشتت القوى مبعثر الجهود
تريد دولة مبنية على أسس عشائرية وقبلية وطائفية واقليمية تحت عنوان الديمقراطية
والمجتمع المدني‚ والناظر الآن الى الساحة السياسية العراقية يجد عشرات بل مئات
الأحزاب التي تعاني اليوم من مشكلة انتقاء اسم الحزب وأميركا تدعمها لأنها تريد ان
تدعم التقسيم والتشتت وممنوع على اي حزب ان يدعو الى الوحدة والتضامن وإلى القومية
العربية‚
غسان
يوسف
الوطن
القطرية