القسم المنتفض من الشعب السوري أصبح واعياً ويعلم تماماً وبالفطرة أن النظام لن يستطيع خلط الأوراق حتى ولو رد عسكرياً فالشعب السوري المنتفض لن يتخلى عن مقارعة النظام ولو دخلت إسرائيل الحرب، وحتى لو أضطر الجيش الحر كما يعتقد الكثيرون لمحاربة النظام وإسرائيل في وقت واحد.

الشيء المؤلم والذي يتعرض له الشعب السوري المنتفض هو القرار الغير معلن من قبل المجتمع الدولي بإبقاء الحال في سوريا على ما هو عليه (دون حسم لأي طرف) وذلك لإضعاف سوريا (جيش، اقتصاد، بنية تحتية الخ ...) .

 فعلى الصعيد الدولي نجد إن الروس سيصمدوا حتى النهاية ولن يسمحوا لأنفسهم بالهزيمة فهم يعتبرون ان القضية السورية هي قضيتهم و ليس من اجل بشار ولا سورية، بل بسبب صراعهم على السياسة العالمية مع حلف الناتو وعلى رأسه أمريكا (يريدون من خلال سوريا ترسيخ مفهوم عدم أحادية القطب) وبذلك إعادة روسيا للمشهد السياسي الدولي بقوة، أما الأمريكان و من يُطلق عليهم (أصدقاء سوريا) فوجدوا أن قرائتهم للموقف الروسي خاطئة الشيء الذي جعلهم يطلقون مواقف صوتية لا أكثر، فهم ليسوا على استعداد للخوض في معركة ليس لهم بها بشكل مباشر لأناقة ولا جمل ولهذا كل دولة تلقي الحمل والمسؤولية على الأخرى.

المجتمع الدولي فقد ورقة التوت أمام صمود الروس على مسرح السياسة الدولية وإصرارهم بالإضافة لنفسيات شخصيات المعارضة وكذبها على المجتمع الدولي وتناقض معلوماتها ( كل من يقابلهم يقولوا له انا القبضاي المنقذ وغيري لا لا لا ).. مما جعل الجميع يتخذوا موقف ضمني وغير معلن بترك الموضوع معلق حتى تتبلور الإرادة الدولية.

للأسف هذا هو الحال و يتمخض عن ذلك تسليح الحر بأسلحة تساعده على تعديل الكفة عندما يشعر المجتمع الدولي أن النظام سيحسم المعركة ويقطع عنه المساعدة و يحاصِر من يموله او يدعمه عندما يتقدم الجيش الحر بإنتصارته بشكل ملحوظ، الشيء الذي يبقي الحال لا غالب ولا مغلوب والأكثر ربحاً هي إسرائيل، أما الشعب السوري فمازال يدفع دماؤه على مذبح العهر الدولي.

 الحل قد يتبلور قريباً وذلك باصطفاف القوى المعادية للنظام على الأرض وفي الخارج بكل أطيافها المتناحرة  لتشكل جبهة واحدة رغم الاختلاف بطريقة الخلاص والسبب الرئيس لاصطفافها سيكون تخلي المتعنتين عن بعض من الكبرياء المصطنع للشعور بأن الهزيمة قاب قوسين أو ادنى و أن الحسم لصالح الثورة مستحيل دون اتفاق، وأن كل الأطراف ستخسر كل شيء لو بقيت متناحرة.

 وكما يعتقد الكثيرون سيأتي 2014 ويقترب موعد الانتخابات الرئاسية فنجد ان المجتمع الدولي قد اتفق على صيغة ما، تحفظ ماء الوجه للروس و وتحفظ مصالحهم ( من خلال بنود علنية و أخرى سرية) و يُتخذ على سبيل المثال قرار ملزم من مجلس الأمن يتضمن خارطة طريق تنتهي بانتهاء مدة بشار و قد يحوي القرار ضمان عدم محاسبة ضباط الجيش والسياسيون الكبار بحال الالتزام ( مصالحة، مسامحة، اتفاق الشجعان الخ.. ) و لتمرير القرار يعاقب بعض الضباط الصغار بعد محاكمة صد ورد علنية يلتهي بها الشعب الجريح المنهك، ويكون عزاؤه شعوره بانتصار وهمي لأنه حاسب بعض القتلة.

وفي هذا الوقت لا أستغرب أن يخرج الاسد ليقول حقناً للدماء ومن اجل سوريا فلن أترشح ويغادر مع عائلته والحاشية سوريا لدولة ما !!!، تتقدم بعدها بعض الدول كالصين و تركيا وغيرهم بخطط إعادة الإعمار بشكل مغري ووعود براقة بالتمويل من النقد الدولي أو مجموعة من الدول ويرافق ذلك حملات إعلامية تروج للمصالحة و ضرورة وقف النزيف الخ الأسطوانة.

هذه أفضل التوقعات حسب المعطيات ، أما في حال حدوث خلل بما سبق فسيكون التقسيم قادم وذلك بسبب استحالة الحسم إذا بقيت المواقف الدولية على حالها وذلك بدخول قبعات زرق للفصل بين القوات المتناحرة ( كوسوفو مثالاً) في الوقت الذي يكون النظام قد تقوقع في المناطق الساحلية و أعلن تحرير دمشق من العصابات المسلحة لو سقطت العاصمة بيد الجيش الحر