syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
الأزمة السورية ومؤتمرات الوقت الضائع.. صحيفة السفير اللبنانية
صحافة وإعلام

حسين العودات

تتزاحم الدول الإقليمية العربية وغير العربية، فضلاً عن دول أخرى غير إقليمية، على كسب السبق في عقد لقاءات أو مؤتمرات بين أطراف المعارضة السورية أو بينها وبين السلطة، أو عقد مؤتمرات دولية تشارك فيها دول عديدة ومنظمات إنسانية وسياسية دولية. ويزعم جميع الذين يدعون لهذه المؤتمرات أنهم يسعون للوصول إلى مشروع تسوية أو ملامح تسوية للأزمة السورية، أو لحل ينهي آلام وعذابات الشعب السوري ويعيد الاستقرار للمنطقة، ولم ينجح، مع الأسف الشديد،


 أي من هذه اللقاءات والمؤتمرات التي عُقدت في الوصول إلى الهدف وحل الأزمة وتحقيق الاستقرار. وما زال «بازار» المؤتمرات واللقاءات مفتوحاً بسبب تتالي الفشل. ويبدو أن الدول الإقليمية والدول الأخرى من التكتلات الدولية فضلاً عن الأمم المتحدة والجامعة العربية وقوى المعارضة الداخلية والخارجية وكل مَن هبَّ ودبَّ، استمرأت عقد اللقاءات والمؤتمرات كل لأسبابه الخاصة التي لا علاقة لها، في نهاية المطاف، بأزمة الشعب السوري أو مصالحه أو تخفيف آلامه ومصائبه، التي نادراً ما شهدها شعب آخر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

عُقدت هذا العام وحده حتى الآن، أو ستُعقد خلال شهر، لقاءات عدة، منها لقاء القاهرة التشاوري بين أطراف من المعارضة، ولقاء موسكو الأول بين وفد من المعارضة وآخر من السلطة. كما عقد لقاء موسكو الثاني، ولقاء باريس بين «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» و «هيئة التنسيق»، وها نحن على أبواب عقد مؤتمر القاهرة (الثاني) ومؤتمر الرياض ومؤتمر تركمانستان المزمَع عقده قريباً كاستمرار لمؤتمر موسكو، فضلاً عن مؤتمرات ولقاءات عقدت خلال السنوات الماضية منها لقاء استوكهولم ولقاءات قرطبة واسطنبول والدوحة و... (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد 30 ق.). والملاحظ مرة أخرى أن أياً من هذه اللقاءات أو المؤتمرات لم يحقق خطوة إيجابية واحدة، سواء بوقف إطلاق النار أم فك الحصار عن مئات ألوف المحاصرين أم المساعدة على إيصال الغذاء والدواء لمناطق النزاع الحامية، أم الإفراج عن النساء المعتقلات والأطفال المعتقلين، أم تخفيف وسائل الدمار والقتل التي تمارسها السلطة، أم أخيراً الأسلوب الهمجي والحقد غير المحدود الذي يملأ صدور المتحاربين والمسلحين، موالين ومعارضين. بل ربما زادت هذه اللقاءات والمؤتمرات الأمور تعقيداً والأجواء توتراً، وأتاحت الفرصة لوفود السلطة ووفود المعارضة المزايدة السياسية، والاستعراض، سواء برفع وتيرة التصريحات أم بمحاولة كل طرف من الموالاة ومن المعارضة أن يُبعِد نفسه أمام مناصريه وجماهيره عن تهمة المهادنة (والتخاذل) والتراجع. بل أتيحت الفرصة لكل من الأطراف أن يؤكد «ثوريته» و «صلابته» برفع مستوى مطالبه وبالمزايدة البعيدة عن روح المسؤولية. وفي الخلاصة سعى النظام بنفسِه أو بطريق الموالين له لتحويل الأزمة السورية وكأنها حرب بينه وبين المنظمات الإرهابية، ولتأكيد أن كل هذا الدمار إنما تسبّبت به هذه المنظمات أو مارسته، بينما سعت فصائل المعارضة المشاركة على تبرئة نفسها من تهمة «التخاذل» أو حتى «الاعتدال»، وأصرّت على أن مواقفها صلبة ومتجذرة، وأنها تمثل الشعب السوري كله، ويكاد كل فصيل أن يقول «لولا الحياء» أنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري. وفي الوقت نفسه، برأّت الدول التي دعت للمؤتمرات أو دعمت عقدها نفسها من تهمة التقصير أمام شعوبها من جهة، وأظهرت نفسها على أن سياستها ذات تأثير في حل الأزمة السورية، وأن لها الحق في لعب دور إقليمي أم غير إقليمي مهم من جهة أخرى. أما الأمانة العامة للجامعة العربية والأمانة العامة للأمم المتحدة فإن كلاً منهما يحاول إخفاء بؤسه، والتغطية على تقصيره واستلابه، بالمشاركة في اللقاءات أو عقد بعض المؤتمرات أو بإرسال مبعوثين سرعان ما يتحوّل همهم وهمّ طاقمهم وهدفهم إلى إطالة أمد المهمة واستمرار قبض الرواتب وضمان تعويضات مريحة وإضافة بند أو معلومة للسيرة الذاتية قد تنفع يوماً، والتمتّع بالسفر والظهور بوسائل الإعلام وإطلاق التصريحات الرنانة وغير ذلك، وستر العورة بالمشاركة في اللعب بالوقت الضائع.

تخشى بعض فصائل المعارضة الداخلية كما الخارجية على نفسها من نجاح هذه اللقاءات والمؤتمرات. وتتهيّب أن يتوصل أحدها إلى مشاركة معظم أطياف المعارضة وإقرار مشاريع مناسبة وقابلة للتطبيق (ميثاق وطني، خريطة طريق.. إلخ) واختيار هيئة سياسية تمثل المعارضة والشعب السوري حقاً وصدقاً وجديرة بالتفاوض مع النظام بنجاح. ولهذا ترفض بشدة (وصلف) ومن دون رأي مقنع أو مبرر تسمية هذه اللقاءات بالمؤتمرات أو تتيح لها الوصول إلى مقرّرات وانتخاب هيئات سياسية، أو تشكيل جسم جديد مهما كان فعالاً، وبالتالي لا ترغب إلا في عقد لقاء تشاوري يتيح الحوار ولا يتخذ قرارات، أو مؤتمر لتبادل الآراء (أي مؤتمر مكلمة). ولذلك فإن أكبر الفصائل المعارضة رفضت حضور مؤتمر القاهرة الثاني قبل أن يحدد موعده أو تُنشر أسماء المشاركين فيه أو تكتب الأوراق التي ستقدم له، وذلك خوفاً من وصول المؤتمر إلى قرارات من شأنها أن تكون صالحة لوضع القدم في أول الطريق. ويحاول هذا الفصيل إغراء فصيل داخلي آخر لعقد مؤتمر يشاركان به مع بعض المستقلين، وليستغنيا بذلك عن أي مؤتمر آخر، إلى أن غيّرت السياسة السعودية قواعد اللعبة وقررت عقد مؤتمر في الرياض يصل إلى اختيار هيئة تفاوض، تشارك في تحديد مستقبل سوريا بحسب الإعلان الرسمي.

رفضت السياسة الروسية أي مقترح في لقاء موسكو من شأنه تحقيق تقدم سواء كان يتعلق بخريطة الطريق والوصول إلى تسوية أم بالمعتقلين السياسيين أم بتخفيف القصف والتدمير وإيصال المساعدات أم بغير ذلك، وأيّدت السياسة الأميركية مؤتمر موسكو لأنها كانت واثقة أن لا نتائج جدية له يمكن أن تجيّرها السياسة الروسية لمصلحتها، وبقيت أوروبا تابعة مترددة ليس لديها القدرة على عمل أي شيء مع أن لديها الرغبة. أما الأمانة العامة للجامعة العربية، فما زالت نائمة وكأن لا شأن لها بما يجري في داخل عضو مؤسس من أعضائها، ولكي يغطي بان كي مون عيوب الأمم المتحدة، أرسل مبعوثه دي ميستورا من جديد ليعقد لقاءات مع المعارضة السورية والسلطة ودول الجوار ودول ومنظمات ذات علاقة في جنيف. وصرح وأقسم أن هذه اللقاءات لا تتجاوز التعرف إلى الآراء، مع أن آراء الأطراف جميعها لديه سمعها سابقاً وقُدمت له خطياً بناء على طلبه، وباعتبار أن ذلك حصل قبل فترة قريبة، فما من جديد يمكن أن يغيّر الآراء.

تُسمى مثل هذه التجمعات باللهجة العامية السورية (همروجة) أي تجمّع غير منهجي لا بجدول أعماله ولا بأساليب عمله ولا بنتائجه. ويشبه المهرجان المقسط لأن المقابلات التي يجريها دي ميستورا فردية. ولا شك في أنها تفرح المدعوين من المعارضة لأنها تشعرهم بأهميتهم أمام زوجاتهم وأبنائهم على الأقل. وتفرح السلطة التي تجدها مناسبة لممارسة الصلف واللامسؤولية والمرجلة. كما تُسرّ بعض الدول التي ترى في دعوتها اعترافاً بأهميتها، وتساعد هذه اللقاءات الدول الفعالة في المماطلة وتأجيل الوصول إلى تسوية لمعالجة الاستحقاق السوري ريثما يتسنّى لها الاتفاق تحت الطاولة.

بقي طرف واحد، رئيس متضرّر يعيش أزمة وجودية ويتلقى مختلف أنواع القتل والتدمير والاعتقال، إضافة للجوع والغلاء والمرض والفقر وكل الآلام الأخرى وهو الشعب السوري، الذي يتحدّث الجميع باسمه. فالسلطة تزعم أنها تمثله، والمعارضة تؤكد أنها تمثله، والدول الإقليمية والمؤسسات الدولية تقول إنها تريد مصالحه وتسعى لتحقيقها، والويل كل الويل لمن لا يصدّق.


2015-05-19 23:15:25
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
amr2015-05-29 08:12:03
allah yr7m hl sh3b
-سوريا