تحمل قيم
الشباب وسلوكياتهم نزوعا
يكاد يكون
سائدا نحو الفردية والشخصانية على حساب المصلحة العامة ومن المعروف أن
القيم الرائجة تمثل بشكل أو بآخر مرآة لواقع يعيشه الفرد.
فهل التحامل
على
هذه الشريحة
وقيمها? أم يمكننا اعتبارها نتيجة قيمة لظروف يعيشها الشاب ,ما يتطلب
النظر من زاوية أخرى.. حول هذا الجانب كانت لنا لقاءات عديدة مع شرائح شبابية
مختلفة وهناك أكثر من رأي أكد على النفور من الحالة لكن العقبات الكثيرة والمتنوعة
التي
تقف في طريق الشاب تجعله يسعى لاقتناص أي فرصة محتملة..
الانانية
تحكم
سلوكياتنا
تحدث الشاب
عبد
الرؤوف
السعدي مدرس وصاحب مكتبة في البداية فقال: ليس بالضرورة أن يحصل تقديم
المصلحة الشخصية على العامة ومن جهتي أتوقع وجود أناس كثر لديهم هذا المبدأ لكن
تفضيل المصلحة الخاصة باعتقادي هي ردة فعل على المحيط , ولو تأكد الشاب بوجود تعامل
أكيد
وراسخ من المبدئية لتشجع عليه, لكن بالفعل تغيرت أخلاق الناس, فنرى الكذب وقلة
الأمانة لتحقيق مصالح أنانية وضيقة الأفق, دون أدنى إحساس بالأذى للآخرين وتراكم
هذه
الحالات تعكس قلة ثقة وفي حياتنا وتعاملنا اليومي نلمس حب الذات والأنانية من
قبل
الزملاء في العمل كما هو في العلاقات الاجتماعية التي باتت تستند على المنفعة
وإن
حاولنا التخلص منها فبصعوبة, وذلك برأي يعود للقلق والظروف التي تعاكس حياتنا
,
وإن كنت لست معها لكني أشهدها من خلال تجاربي اليومية, ويمكننا هنا أن نعول على
أخلاق الفرد وإخلاصه.
المواطنة
أما الأبعاد
الأكثر عمقا لهذه القيم فقد عبر عنها طارق عبد الواحد مهندس فقال: الوطنية لا تقوم
على
مفاهيم الأرض والسيادة فحسب, وإنما تقوم على مفهوم المواطنة وسيادة القانون
بالإضافة إلى العدالة الاجتماعية, وتفضيل المصلحة الشخصية على العامة يعني دور
الوطن ومفهومه في الثقافة, حيث يحتاج ذلك لمعطيات من الأمان والاستقرار المادي
لتحقيقها وترسيخها على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات.
الخوف من
المستقبل
قحطان كنعان-
طالب
جامعي قال:( ربي أسألك نفسي) لم تأت من فراغ وقد أسست لها الحاجة والخوف من
المستقبل وعدم الاطمئنان على المصير, فتفرض الظروف أن أفضل المصلحة الشخصية على
العامة فنحن بشر وتجرنا الحياة بخياراتها واحتياجاتها ولايمكنني أن أكون خارقا ما
لم
تساعدني ظروفي لذلك زمن التضحيات ولى وأني كنت أتمنى ذلك لكن الحياة تأخذني
كيفما شاءت , فأسعى إلى تأمين نفسي ثم أفكر بالآخرين , طالما الفرص ليست متاحة
بسهولة.
وعي
الشباب
ضرورة
أما الشابة
دعجاء دنية قالت: يوجد ارتباط وثيق بين المصلحة الخاصة والعامة وعند حدوث أي خلل في
الخاصة ينعكس على العامة شئنا أم أبينا والزمن المتغير بكافة أحواله ومستجداته يدفع
الشاب للفهم الخاطئ, فيتوهم الشباب أن المصلحة الخاصة في المرتبة الأولى, خصوصا في
ضوء
المتغيرات الحديثة وثقافتها الفردية, فيعتقد الشباب بأولوية ذلك, وإن نجح البعض
في
خطواته لكنه سيتعثر حتما, والنتيجة يتحكم بها وعي الشاب والذي يحتاج لظروف مؤهلة
لذلك, ويبقى السوال كيف يتوجه الجيل إلى وعي مصلحته الخاصة من خلال وعيه للمصلحة
العامة, وذلك يعتبر بوابة أوسع ليحقق منها أفضل النتائج لكن لابد من واقع يدعم هذه
المفاهيم ومؤسسات رعاية شباب تدعمه.
رأي
مختص
أما الدكتور
عصام
عبود من جامعة دمشق قال: لاتعارض بين المصحلتين, فعندما يسعى الشاب ليحقق
المصلحة الخاصة بطريقة شرعية وأخلاقية ودون أذى أو ضرر للآخرين فهو ينفع نفسه
والأخرين, فهل يمكننا القول بأن بناء الشاب لنفسه بشكل صحيح وعلمي يضر بمصلحة
الوطن, على العكس فلا تناقض بينهما في مجتمع معافى وسليم لايناقض القوانين, إذ
انتظمت المجتمعات الانسانية وفق القوانين المرعية التي تحمي المصلحتين معا.
والشاب
عندما
يكون مهمشا
في وطنه تشغله مشكلاته الخاصة والعقبات الكثيرة, لايمكننا عندها أن
نخاطبه بمسألة الشعارات, لذلك إن الخطوات العلمية والأسس السليمة تفرض علينا بناء
مجتمع متوازن باعلان الحرب على الفساد, تلك الظاهرة التي تخرب البلد وتفقده آفاقه
المستقبليه, فالانسان الذي لايملك أن يأكل ويشرب لايمكن أن أحدثه عن الأخلاق وقد
يحوله ذلك إلى كائن مشوه. ولابد من التوضيح بأن استقراء آفاق المستقبل يتم من خلال
تعقب
ميول الشباب وأفكارهم, مثلا عندما يرى طالب متفوق نفسه دون عمل, في نفس الوقت
يكون
الطالب يعرف نجاحه بالواسطة قد أصبح مسؤولا كونه خريج جامعة, فكيف ينظر هذا
الشاب إلى مجتمعه وبأي قيم سيؤمن..? إذن يتوجب علينا أن نقدم للشباب العدالة والفرص
وندعمهم ثم بعدها نطالبهم بضخ طاقاتهم للجتمع وسنرى عندها التطور المذهل, فالإنسان
بطبعه كائن أخلاقي والدافع الوطني كامن لديه ويحب خدمة وطنه, لذلك بناء مجتمع معافى
فيه
القوانين والضوابط والأسس وتكافؤ الفرص هو الحل الوحيد وإلا ذلك الشاب سيؤمن
بفكرة إذا لم يسرق أو يرتشي لن يعيش, وأؤكد بأنه لسنا بقادرين على تأسس مجتمع متمدن
دون
الحرب على الفساد, وأقدم هنا اقتراحا إحداث مؤسسة لمحاربة الفساد بكامل أركانها
ومدها بكل المقومات التي تجعلها قادرة على ذلك ,لأن الفساد أقسى من العدو الخارجي
والفاسد حتما هو عدو وطنه وإلا فالخطاب الشعاراتي لامعنى له عند ذلك الشاب وإن كانت
هناك
شرائح نظيفة فعلا, لكن ذلك يكون في إطار الحالات الفردية والفرد ليس بقادر دون
دعم
المجتمع ومؤسساته.
الثورة