رأينا
مؤخرا تسلل ظاهرة التنجيم أو ما يسمى بقراءة الأبراج كوسيلة هامة من وسائل الاعلام
ألا وهي التلفاز بعد أن نجحت في التسلل إلى الصحف اليومية ومن بعدها الاذاعة
واذا اضفنا
إلى ذلك ارتفاع نسبة مبيعات كتب الأبراج, هذا ما تقوله الاحصاءات في نهاية كل معرض
للكتاب فإن ذلك كله والكثير غيره يحدو بنا إلى اعتبار التنجيم ظاهرة تستحق الرصد
والمساءلة.
السؤال
بداية على أي أساس تستند عملية قراءة الأبراج? هل هي موهبة خاصة بأفراد دون غيرهم
يملكون استبصارا بمصير غيرهم? أم حقا كما يزعم اصحابها بأنها ترتكز على علم النجوم
والافلاك الذي أسسه الأقدمون? أم أنها ترد إلى المعطيات الكهرطيسية لحقول القوى بين
المجرات وللاختبارات المزعومة التجريبية أو الاحصائية?
الطالبة
ديمة أدب انكليزي سنة ثالثة ليست متأكدة من الأساس العلمي الذي تقوم عليه هذه
الظاهرة ولكن صفحة الحظ أو الأبراج هي أول صفحة تتناولها بقراءتها لأي مجلة أو
صحيفة يومية فهي غالبا تمدها بشحنة من التفاؤل والأمل.
الطالب أحمد
سنة رابعة فلسفة لا يقيم أي اعتبار للأبراج لا يعتقد أن لها أهمية في توجيه
تصرفاته, ويقول بهذا الصدد:إن قارئي الأبراج يرتكزون في خطابهم الملتبس على نتائج
علم النفس الحديث وهم يخاطبون الوعي السحري الموجود في كل منا والميل للاعتقاد
بوجود عوالم اخرى وهذه الامكانات السحرية موجودة في الوعي البدائي لكل منا لكن يجب
علينا أن لا نسمح لهذا الوعي بتسيير خياراتنا والتأثير على قراراتنا الحياتية أو
المصيرية منها وأخيرا فإن هذه المسألة تجعل ذهن الإنسان يتثبت على الخيالي الزائف.
تغريد طالبة
الماجستير في قسم علم الاجتماع تجزم بأن ما يقوله بعض المنجمين من أن قراءة البرج
لها أساس علمي هو محض تلفيق والعلم بريء منهم ومن دجلهم, وتقول: هناك عدة ميزات في
هذه الظاهرة تجذب الإنسان وتجعله يتماهى مع ما تقوله الأبراج فهي مثلا تعترف لكل
شخص بفرادته وتميزه عن غيره وتغذي توق الإنسان إلى الفردية بالإضافة إلى أنها تضفي
عليه أهمية عندما تربطه بالكون ككل كما أنها تقدم للإنسان المشوش التفكير ازاء
خيارات حياته الصعبة تنبؤا غالبا ما يكون تنبؤا مشبعا بالتفاؤل وبالتبشير بقرب
الفرج.
محمد سنة
أخيرة اقتصاد: لقد فوجئت بانبثاق هذا البرنامج على الشاشة السورية ولا أعلم هل
مقتضيات المنافسة بين الفضائيات لاستقطاب الرأي تؤدي بنا إلى الاستعانة بهكذا
برامج, أم ما نسمعه عن ضرورات الانفتاح على اقتصاد السوق, أنا شخصيا أدعو إلى
الابتكار والتجديد في برامج التلفاز إلى برامج تحمل المتعة لكن مقترنة بالفائدة
والارتقاء بذائقة وتفكير المواطن, وبرأيي الشخصي هذا البرنامج هو استخفاف بعقل
المشاهد و لا ينتمي إلى أي أساس علمي.
يقودنا ذلك
إلى أن التنجيم يقدم نفسه للفرد كوسيط ينظم علاقة الفرد مع ذاته ومع المجتمع ولكن
السؤال عن مدى عقلانية هذا التوسط ومدى انتمائه للمكونات الثقافية السائدة في
المجتمع حاليا وفي المستقبل.
ونلاحظ أنه
حيث يقف الفرد متسائلا مالعمل فيدخل التنجيم بوصفه يمتلك علما بالذاتية الكونية
للفرد, وبوصفه يمتلك بصرا سحريا وعلما تنبؤيا بالمستقبل متملقا فردية هذا الفرد
ومضفياً عليه وعلى مصيره خصوصية ما فيقدم الحلول داخلا من فجوة اللاتحديد والضبابية
مستندا إلى الشيفرة الخاصة بكل فرد والمخبأة في المورثات النجمية فيلعب التنجيم دور
العلم ليمرر سحره في الوقت الذي تلعب فيه فتنة سحره لتمويه لاعلميته, وبذلك يستطيع
دخول المجال الاجتماعي والثقافي والانتشار فيه والفرد ما عاد ابناً أرضيا لأبوين
ارضيين في مجتمع يقف معه وفيه على أرض بعينها بل أصبح ابنا للسماء!
الثورة