سباق الخيل تحوّل سباقاً للسيارات الحديثة ...

عند تخوم الصحراء السورية، تنشأ حياة أخرى لجيل كامل من الشباب السوري الذي وجد نفسه في العراء، مشدوداً إلى شاشة ملونة، تقترح عليه أنماطاً أخرى من الحياة، لم يألفها على الإطلاق. ولكنه وجد نفسه بغتة يجاريها ويسعى إلى تقليدها.

فالوشم الذي يزيّن السواعد والأنوف بوصفه تقليداً بدوياً قديماً صار اليوم موضة في مكان آخر. وسباق الخيل تحوّل إلى سباق للسيارات الحديثة.

هكذا تسللت العولمة من الباب الموارب إلى مجتمع ظل زمناً طويلاً خارج اهتمام الحكومة، ولم يعد مستغرباً أن تجد شابة بدوية تقود شاحنة صغيرة لجلب الماء من مكان بعيد.

وتقول زهية التي لم تكمل تعليمها إنها تحلم بحياة أخرى تشبه حياة المسلسلات التلفزيونية تخلو من العواصف الرملية التي تهب كل يوم. وتضحك بحياء حين ترى عروض الأزياء على الشاشة، معتبرة أن العارضات أشبه بالماعز وإنهن من كوكب آخر.

ويشكو حسن من صعوبة التوفيق بين نمط الحياة الوافدة والتقاليد البدوية، الأمر الذي قاد جيل الشباب إلى الهجرة إلى المدينة لمجاراة قيم مختلفة يرفضها جيل الآباء، خصوصاً في ما يتعلق بارتفاع المهور والتمسك بعادات وتقاليد صارت عبأً ثقيلاً على تفكير الجيل الجديد.

واللافت هنا أنّ الأسماء البدوية التقليدية مثل جاسم وخلف وحمدان ووطفة وصبحة، حلت مكانها أسماء مستعارة من المسلسلات مثل عبير وجورجينا ووائل وماهر، مثلما تطورت أشكال الألبسة وأدوات الزينة بعدما اختفى الكحل العربي الذي كان يزيّن العيون.

لكن الوعي التلفزيوني لم يؤثر تماماً في بعض العادات الراسخة مثل الاعتزاز العشائري وحوادث الثأر. ويقول سعود الذي يحمل شهادة البكالوريا: «من دون انتماء عشائري، أشعر بأنني تائه في الصحراء. فالعشيرة خيمة تحمي الجميع من العواصف».

وينفي التناقض بين انتمائه إلى حزب البعث وتمسكه بأصوله العشائرية بقوله: «الأمر مختلف» من دون أن يجد المبررات القوية لأفكاره المتناقضة.

المصدر : الحياة