أولمرت يقول إن إسرائيل لا تريد أبداً السيطرة على الفلسطينيين،
ولكن الواقع يقول عكس ذلك.
للمرة العاشرة بعد الألف يأتي مسؤول إسرائيلي مرموق ليصرح علناً
بأن إسرائيل غير مهتمة أبداً في نشر سيطرتها على الفلسطينيين. وهذه المرة كان رئيس
الوزراء الإسرائيلي اولمرت هو من صرح في قمة شرم الشيخ قائلاً إن إسرائيل ليس لديها
أي نية في فرض أساليبها على السلطة الفلسطينية ورغم أنه ليس لطيفاً أبداً إطلاق ما
يكدر جو مثل تلك المناسبات السارة النادرة كتلك القمة التي جمعت قادة من إسرائيل،
مصر، الأردن، وفلسطين والتي تشهد مثل تلك التصريحات النبيلة، إلا أن أبسط الحقائق
التي للأسف يؤكدها قلة قليلة من الناس في إسرائيل لا تتفق تماماً مع تلك التصريحات.
إن مشكلة أولمرت تكمن في حقيقة إن الفرد لا يمكنه خداع كل الشعب
طوال الوقت.
وبالذات الفلسطينيين اللذين يراقبون يوماً بعد يوم كيف يتم
اقتطاع أراضيهم ودرزها بالمستوطنات وآليات الضم التي لا تهدأ ولا يوماً واحداً.
ففي قلب الضفة الغربية يقوم المستوطنون المغرمون بالأعمال
الزراعية بزراع الكرمة في أراض قام مزارعون فلسطينيون بتسويتها وحرثها، بينما تم شق
تحويله للطريق ضمن أراض تمت مصادرتها من أجل "المصلحة العامة" بموافقة المحكمة
العليا.
وكل ما يجري في الضفة الغربية يكون دوماً من أجل مصلحة الشعب-
الشعب الإسرائيلي الذي لا يشكل سوى 10% من تعداد سكان الضفة الغربية.
وكي نتمكن من وضع توقعات لقمة شرم الشيخ تلك والتصريحات
المبهرجة التي تلتها علينا نحن الإسرائيليين أن نوضح لأنفسها مصطلحاً يتكرر دوماً
على أسماعنا ويصف حقائقنا وهو مصطلح "إجماع رأي".
يفسر القاموس هذه الكلمة بأنها "اتفاق عام"، "إجماعي" أو "موقف
ذو تكوين واحد". إذا ً أين يقع هذا المصطلح عندما يتعلق الأمر بقضية المستوطنين؟ عن
أي إجماع رأي نحن نتكلم؟ هل هو إجماع رأي بين حزب العمل وحزب كاديما؟ أو ربما إجماع
رأي بين المستوطنين اليمينيين وبين أولئك اللذين لم يقدموا بعد ولائهم لدولة
إسرائيل العظمى؟
ما الذي نقاتل من أجله؟
بعد مرور أربعين عاماً على صراع راح ضحيته آلاف القتلى والجرحى
من كلا الجانبين، أن الأوان لوضع منهج سياسي داخل المجتمع الإسرائيلي لمستقبل الضفة
الغربية والشعب الفلسطيني وإرساء حقيقة أن النزاع الرئيسي لا يقع بين المستوطنين
اليمينيين وباقي المجتمع الإسرائيلي، ولا يقع أيضاً بين الحكومة الإسرائيلية
والإدارة الأمريكية التي يؤكد كل رئيس وزراء إسرائيلي على الارتصاف معها بشكل كامل.
إن النزاع في هذا البلد يقع بين الإسرائيليين بكافة شرائحهم
وبين الفلسطينيين الذين هم أصلاً سكان هذه الأرض. إن نقطة النزاع الرئيسية هي شرعية
الوجود الجماعي لكلا هذين الطرفين.
صحيح أن كلا الجماعتين تضمان أفراداً ذوي ثقل شعبي يرفضون شرعية
وجود الجماعة الأخرى، إلا أن مشروع المستوطنات بكل أشكاله ومشتقاته "إجماع في
الرأي" أو "عدم إجماع رأي" هو مساهمة من دولة إسرائيل لتصعيد اللا شرعية.
إن تلبك الفجوة الغير منطقية بين تصريحات السياسيين
الإسرائيليين خلال العقود الماضية والحاضرة وأفعالهم – التي لا يعلم الإسرائيليين
إلا ما ندر عنها، والتي لا يستطيع الفلسطينيون الفرار من مضامينها- هي فجوة موجودة
وستبقى موجودة لتغذية وتصعيد النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
بقلم : درور ايتكس * - يديعوت أحرنوت
ترجمة هدى شبطا - سيريانيوز
* دورو ايتكس: المنسق الحالي لمشروع مراقبة المستوطنات لصالح
حركة السلام الآن.