أن جهود السلام الأمريكية في الشرق الأوسط تتركز اليوم على
المؤتمر الدولي للدول المعتدلة. ولكن ما هي أفاق مثل هذا المؤتمر التي ستتمخض عن
تطورات هامة، مع الانتباه إلى أنه من غير المتوقع توجيه دعوة لأي من الدول المعادية
لإسرائيل والتي يجب أن تتوصل إلى تفاهم معها، وعلى الأخص الرئيس السوري بشار الأسد؟
لقد سمعنا الكثير عن أمل الرئيس بوش بهؤلاء الذين يمتثلون
ويتعاونون مع السلطة الأمريكية وعن كراهيته لأولئك الذين يعصونه ويتحدونه. وتعتبر
السعودية اللاعب المفضل لجورج بوش في المنطقة. ولكن السعوديين ليسوا هم اللاعبين
الأهم في قضية النزاع العربي الإسرائيلي.
إن المبادرة السعودية التي تتطلب انسحاب إسرائيل حتى خطوط 1949
مقابل اعتراف الدول العربية بإسرائيل، تقوم بشكل رئيسي على ثلاثة أطراف وهم الأطراف
المتنازعة إسرائيل، فلسطين وسوريا.
قد تكون السعودية لاعباً هاماً في منطقة الخليج وفي سوق النفط
العالمي، ولكنها في النزاع العربي الإسرائيلي هي مجرد ضيفة.
الرئيس الأسد وحتى الرئيس أحمدي نجاد لن يسمحوا للسعودية
بالتدخل في مفاوضاتهم مع إسرائيل بشأن تنفيذ عمليات الانسحاب لغاية خطوط ما قبل
1967. وحدها الأطراف المعنية بالنزاع ستشارك مباشرة في هذه المناقشات. وقد تستطيع
السعودية فرض نوع من النفوذ ولكن فقط من خلال تعيين سفير لها في تل أبيب، والقيام
بذلك على وجه السرعة. وأنا متأكد تماماً بأنهم لن يتخذوا مثل هذه الخطوة دون موافقة
سورية فلسطينية.
الجمهوريون الأمريكيون المستميتون ليروا بعض التطور في الشرق
الأوسط قادرون على حصد بعض النقاط في حال انضمت السعودية للاجتماع المقرر. ولكن
الأطراف المعنية مباشرة بالنزاع لن تجني سوى القليل من حضور السعودية.
ومن جهة أخرى، إن توجيه دعوة "للفلسطينيين الظرفاء" إلى حفلة في
واشنطن حيث يستحمون جيداً قبل حضورها ويجاهدون لعزل ومقاطعة وإلحاق الذل بـ
"الفلسطينيين السيئين" سيؤدي في أحسن الأحوال إلى خلق دولتين فلسطينيتين: دولة
داعمة لأمريكا في الضفة الغربية، وأخرى داعمة للنظام الإيراني في غزة. وفي أسوا
الأحوال (أي في حال فشلت المحادثات) سيزيد المؤتمر من اختناق العملية الدبلوماسية
ويقلص فرص خلق دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أن من مصلحة إسرائيل إحياء الحوار بين فتح وحماس تماماً كما
اقترحت روسيا ومصر، وتجنب المشاركة في توسيع الخلاف بين المنظمات الفلسطينية وفقا
لاقتراح واشنطن.
ورغم أن الوضع الفلسطيني تعقد بشكل كبير الا أن هناك فرصة كبيرة
وباباً مفتوحاً على مصراعيه طالما أن السوريين مهتمين بذلك.
فخلال السنوات الأربع الماضية لمح الرئيس الأسد مراراً وتكراراً
إلى رغبته بالتفاوض مع إسرائيل وعبر عن انفتاحه أكثر من مرة. واليوم ومع عامه
الثامن في السلطة أصبح سلوك الأسد أكثر صراحة وثقة. وهناك الكثير من المؤشرات التي
تدل على أنه راغب فعلاً بالتفاوض مع إسرائيل بشأن مرتفعات الجولان والسلام،
والتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن سياسة بلده المستقبلية في الشرق الأوسط.
والسوريون مهتمون حالياً بإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة ومع
إسرائيل أيضاً على غرار تلك التي أبرمتها مصر.
ومن المؤكد أن الرسالة السورية أضحت مفهومة جيداً في واشنطن،
ولكن ورغم ذلك رفضت. فالرئيس بوش يرغب بمعاقبة سوريا على دعمها للعناصر المعادية
لأمريكا، هذه السياسة الانتقامية تمنع البيت الأبيض من استيعاب هذه الفرصة.
وكما يعلم أي شخص مقيم في منطقة الشرق الأوسط المليئة بالمشاكل،
نوافذ الفرص الجيدة سريعة الانغلاق. والانفتاح السوري قد يأفل هو الأخر. وقد يحدث
ذلك عندما يقوم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بزيارة ثانية إلى دمشق، لحصاد ثمار ما
زرعه في الزيارة الأولى. وحده اللقاء الأمريكي السوري الرفيع المستوى الذي يستطيع
منع إغلاق الانفتاح المتوفر حالياً.
ولكن الرئيس بوش لم يسمح بمثل هذا اللقاء وقال "ايهود أولمرت
ليس بحاجة لي ليصنع سلاماً مع سوريا". وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على فقر بصيرته
بالعمليات السياسية في هذه المنطقة.
ومع حلول المؤتمر القادم يجب على إسرائيل أن تنتبه إلى التناقض
الموجود بين مصالحها وبين المصالح الأمريكية. وإذا تبعت إسرائيل سياسة واشنطن تبعية
عمياء فيمكنها أن تتوقع نزاعات مطولة مع حماس، حزب الله، وسوريا.
بقلم ألون ليل -
جيروزالم بوست
ترجمة هدى شبطا -
سيريانيوز