يلفت نظري منذ فترة ليست بقليلة موضوع هام جداً ولأنني أراه يزداد و يستمر لا بل وصل لحد التفاقم والتفحل كان لابد لي أن أتحدث بالموضوع و أن أسمع من الأخوة القراء رأيهم بكل صراحة حول هذه الظاهرة.
في صلب الموضوع هناك الكثير من الكلام ولكي لا أشتت انتباهك عزيزي القارئ ، سأخرج الفكرة من جعبتي بسرعة و انشرها على طاولة الحوار ولكن قبل أن تعارضني أو توافقني أو قبل أن تبدأ بسرد أمثلتك و تجاربك أسألك أن تفكر ملياً و أن تتحدث باتجاهين وافصل بينهما لأن كلاهما مهم جداً:
الاول :عن رأيك الشخصي حول القضية ، حتى ولو كنت مقتنعاً به ولكنك لا تعمل عليه.
الثاني: عن حالك اليوم و كيف تفكر و كيف تنفذ وكيف تحاور وكيف ترد على أي حديث مماثل دار بين أصدقائك او حتى في الطريق.
النظرة السوداوية والفكر السلبي و النقد الهدام
نعم لقد جرت الكثير والكثير من الحوارات عن هذه الصفات والخصال ولكني اليوم اعيد فتح ملفها كما قلت لأنها تفاقمت جداً على الصعيد الإلكتروني خصوصاً و على جميع الأصعدة عموماً.
وصل الحال اليوم إلى أنني استقبل في الاسبوع أكثر من 7 رسائل بريدية تتحدث عن ظواهر فاسدة بشكل مستفز أو بشكل هزلي بحت , كما أصبحت أقرأ و أسمع اللهجة الإنتقادية بكثرة ، لأمور يفعلها حتى صاحب الإنتقاد .
وما المشكلة في بعض ما ذكر؟
المشكلة اننا ننتقد دون أن نضع على كفة الميزان الأمر و نقيضه ! فكيف انتقد دون أن أطرح حلاً؟
وكيف يعلو صوتي منادياً بسذاجة من يفعل كذا و أنا سأفعل ذات الشيء بعد قليل أو بعد بضعة ساعات أو أيام وأنا على علم تام بذلك؟
كيف أنصحك يا أخي أو أنصحكِ يا أختي بشيء أحبه و أرسم لك أحلاماً وردية وأنا لا يمكنني أن أفعله أو أنفذه ولن أقوم بذلك ، لأنه قمة النرجسية ، ولكنني أحبه! كيف أنصحك لأريك خطأك فحسب؟ وكيف أنتقدك لأضع على عينك غمامة سوداء بأنك مخطئ وأنا أقول لك الصواب ، وليس لي لا ناقة في تلك النصيحة ولا جمل.. فلست طبيباً نفسياً ولا مسؤولاً اجتماعياً ولا عالم بأمور الدين والخلق.
لستُ إلا عابر سبيل رآك تتخبط قليلاً وأحببت أن أطمرك و ذاتك و أفعالك تحت التراب وأن ألغي محاولتك و ألغي شعورك بالثقة ....بنصيحة!
لنتكلم بالعربي "المفشكل" بعيداً عن الاسلوب الأدبي لنصل لنقطة حوار.
يا ترى هل بتنا نحتاج والحاجة ملحة جداً برأيي الشخصي إلى تعلم ألف باء الحوار من جديد؟
هل بات علينا اعادة تأهيل نفسيتنا لنتعلم آداب الحوار و ثقافة الحوار و الإعلام والنشر والتثقيف؟
فكلنا نتفق على أن بروفسور في الجامعة بلا أخلاق أو اسلوب = 0
لا شيئ لأنه لن ينقل ما لديه من ذخيرة لجعبة أي طالب....إلا ما ندر.
فكيف ننصب أنفسنا قضاة على البشر ونحن ملئ و كاد الكيل يطفح عندنا من كثرة الأمور السلبية؟
كيف أسمح بنفسي أن ألغي إنسان و رأيه و تاريخه لأنني أراه مخطئ..برأيي الشخصي الذي يستند على خبرتي في الحياة فقط...وقد لا تتجاوز هذه الخبرة البضع سنوات * (بضع = عدد من الـ3 إلى 9)
كيف سأصلح مجتمعاً أرمي سواد عقلي عليه يومياً ..بهزلي ...و دعاباتي البائسة المستمرة؟
أليس حرياً بي بأن أطرح السم والدواء في ذات الوقت عسى أن يكون نافخ السم قد جهل بهذا الدواء فيشربه و يعدل عن أفعاله المشينة؟
كيف أنتقد من هو أكبر مني بالسن والعلم لمجرد أنه لا يتفق مع تفكيري السطحي أحياناً؟ كيف؟ و هو من تعلم و عاش و عانى و كبر و جرب و حاول وأنا جئت في النهاية لأتربع على بساط خفيف جداً لم يكلفني سوى الجلوس عليه فلم أتعب حتى بفتح كتاب أستقي منه ما أقول!
يكفيني تساؤلات و يكفيني استفاضة ، فقد أطلت الحديث ولكني وبكل حال أملك الأجوبة في صدري إن لم أجد رداً شافياً من هؤلاء المقتنعين بقناعتهم أنها الأفضل وكلي أمل و رجاء أن يقرأ كلامي شخص منهم أو أن ينشر الكلام في مكان ما و أن يستفيق عقلهم الباطني ليؤنبهم على ما يقترفوه من نشر للسلبية والسلبية المفرطة والتي لا فائدة منها أبداً ولا ردة فعل عليها سوى الانغماس بشكل أكبر في هذا الوهن والفساد الفكري الذي نعيشه.