لم أشعر بالراحة في ذلك اليوم، وأنا أتنقل سيراً على الأقدام، من جرمانا حيث أسكن، بإتجاه السبع بحرات في وسط دمشق حيث أعمل. مروراً بالطبالة وباب شرقي، وأصوات القذائف تنطلق وقذائف أخرى تتساقط على ذلك المحور إما قبلي أو بعدي بأمتار، وبعد كل قذيفة أتسأل هل أتقدم وأكمل المسير إلى عملي أم أتوقف وأعود أدراجي إلى البيت.

لم أشعر بالراحة وبالقدرة على المتابعة إلا عندما وصلت إلى ذلك الحاجز الموجود في مدخل جرمانا بإتجاه دمشق تحت الجسر المحلق، حيث تعلوه صورة، وقد كُتب عليها بالخط العريض (صغيرة ياكــبير) !!!

بالرغم أنها لم تكن صورتي تلك التي كُتِبت عليها تلك العبارة، لكنني شعرت أنها موجهة لي ولكثيرين مثلي ممن قرروا متابعة حياتهم بالرغم مما يجري، والتنقل إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم بالرغم من ذلك الموت المتنقل الذي يُعربد على الطرقات، وينتظرهم في زواياها الموحشة ...

صغيرة ياكبير ... أيها الشعب الصامد، المؤمن، الصابر وأنت تتابع الحياة، بالرغم من كل الظروف اللا إنسانية التي أجُبرت على تحملها، من غلاء وجوع وحرمان وإنقطاع للمياه والكهرباء والإتصالات، وفقدان الأمن والتهجير والنزوح والعنف والخوف والخطف والقتل ....

صغيرة ياكبير ... تقولها في وجه كل الأطراف التي تجتمع اليوم وتدعًي تمَثيلك ... وتتلاعب بحياتك ومستقبلك ودم أبنائك !!!

صغير ياكبير ... في وجه من استصغروك.

https://www.facebook.com/you.write.syrianews