لطالما احتار آدم من حواء. لطالما دوّخته وعجّزته واركضته ورائها ليتعثر دوماً بمطبات الطريق الموصل إلى رضاها. وكما يتبحّر في عينيها فإنه لا يزال يتبحّر في عقلها ويسبح فيه ويغوص في أعماقه جالباً معه لوازمه الأوكسيجينية حتى لا يغرق في.... حواء!. فقد شكّلت حواء لآدم عبر كل العصور سبباً للعشق كما كان هو كذلك لها.... وكانت ملهمته ومهمته ثم مهملته...بعد الاستسلام أو انعدام الاهتمام.
إذْ أن لحواء أسلحة ظاهرة ومستترة, تشهر ما خفي منها عند لزوم الأمر فيقف آدم يا حرام عاجزاً , لا حول له ولا قوة, محتاراً بأي طريقة يجب عليه هو أن يرد أو يدافع عن نفسه. ولست أتكلم هنا عن حرب... بل عن سلاح صغير تقوم به المرأة عند شعورها بالعجز ألا وهو البكاء!.
الإنسان يبكي سواءً كان آدماً أم حواءً ولكننا جميعاً نعلم أن المرأة بكّاءة أكثر, لأن الانثى بطبيعتها حساسة أكثر, لدرجة أنها لم تبقي دموعاً لآدم ! فأصبح البكاء للرجال عيباً حتى لا يظهروا بأنهم ضعفاء, كالنساء يبكون....
قصدي من حيرة الرجل أمام المرأة,أنه لا يعرف كيف يتعامل معها اذا بكت... فأسباب بكاء المرأة متعددة... إذا فرحت بكت, وإذا حزنت بكت, ومهما عظم الأمر أو تفه تبكي من أجله, فالمرأة يمكن أن تبكي إذ بعثر الهواء تسريحة شعرها, أو إذا انكسر كعب حذائها, وإذا انقطع جوربها بكت، وإذا تأخر عنها الباص أو السيارة بكت، وإذا قال لها أحد كلمة لم تعجبها بكت، وإذا فشلت في تحقيق هدف بكت، وإذا شاهدت فيلماً أو مسلسلاً عربياً أو تركياً بكت, وإذا همت امرأة بسفر بكت وهي تودع أهلها، وبكت وهي تستقبلهم مرة أخرى، وتبكي البنت عندما لا تتزوج، فإذا تزوجت بكت ليلة زفافها...
وهكذا دائماً حال المرأة، تبحث عن البكاء في كل المواضع، ولأسباب لا يعلمها إلا هي,فعندما تستخدم المرأة سلاح البكاء، يخسر الرجل المعركة، فالتاريخ يعترف بأن الرجل يخسر كثيرا عندما تبدأ دموع المرأة بالهطول.. وخاصة إذا ترافق ذلك بالبرق والرعد!. فيغدو الرجل حيراناً... متسائلاً عن سبب بكائها, فيقف متشابك اليدين، منكس الرأس، يتساءل عما فعله وعما يجب أن يفعله, فيحاول إصلاح الأمر حالاً, فأي تأخير ينذر بأوقات عصيبة حتماً!. فالرجال بصفة عامة لا يحبون دموع المرأة وخاصة بلا سبب وجيه وهنا أود الإشارة على الفور قبل أن يقفز القارئ محتجاً أنني لا اتهم النساء جميعاً بأنهن يبكين دوماً ولأي سبب فأنا واحدة منهن! ولكنني اتحدث عن ذاك البكاء اللامنطقي وليس البكاء المشروع الذي يشترك فيه الرجال والنساء عموماً عند وقوع مكروه لا سمح الله.
لقد أشعر الشعراء وتفكر المفكرون واسهبوا في الحديث عن بكاء المرأة ودموعها. ولكن أحداً لم يفكر في طريقة للتعامل بها في مواجهة سلاح الدمار الشامل هذا. ولكنني , ورغم كوني فتاة, واعلم أن بعض_ وأشدد على كلمة بعض_ البكاء هذا غير منطقي, فقد وجدت الطريق الخلاص من هذه المشكلة لكم أيها السادة الرجال المحتارين... عندما وقعت بين يدي دراسة اجتماعية كنت قد قرأتها يوماً_وكانت سبباً لكتابتي لهذا المقال_ قام بها على ما يبدو باحثٌ ما, تعب من هذه الدموع!... فبكيت من شدة الفرحة!
أول نصيحة قدمتها الدراسة للرجل لوقف بكاء المرأة، هو أن يبكي بجانبها! وكلما رفعت المرأة نبرتها في البكاء، رفع الرجل نبرته أيضا، وبالطبع سيتفوق الرجل بقوة صوت بكائه عليها، وبالتالي ستتوقف المرأة عن البكاء كالطفل الذي يسمع بكاء طفل آخر فينصت إليه ويتوقف عن البكاء.
أما الطريقة الثانية، فهي عكس الطريقة الأولى تماما، وهى مواجهة البكاء بالضحك، فإذا بكت المرأة أمامك فاضحك في وجهها، اضحك بقوة ولا تتوقف عندما تنظر إليك بدهشة، أو تزيد من حدة بكائها، اصبر على الضحك وانتظر قليلا ستجدها توقفت عن البكاء. ولكن مخاطر هذا التكتيك قد تكون كبيرة, فقد يتطور الأمر معها وتثور وترميك بمزهرية أو صحن قريب، غير أنها ستتوقف عن البكاء.
أما الطريقة الأخيرة و الأخطر فهي مباغتة المرأة الباكية بقذف وجهها بقليل من الماء، والنتيجة التي توقعها الباحث هي المفاجأة والإنزعاج والتوقف المفاجئ عن البكاء، إلا أنه لم يستطع هنا التنبؤ بردة فعل المرأة في هذه الحالة!! وخلصت الدراسة إلى أن هذه الطرق وإن كانت يمكن أن تسبب بعض المشكلات إلا أنها في الوقت نفسه ستجعل المرأة تفكر جيدا قبل أن تحاول استخدام سلاح البكاء مرة أخرى!!
وبعيداً عن هذه الدراسة, أعود مرة أخرى لأقول , إذا كانت معظم قطرات دموع النساء واهية..فيجب ألا نظلم بعض هذه القطرات التي قد تكون صادقة، لذلك فإن من شيم الرجولة أن يعطف الرجل على المرأة ويغمرها بعطفه وحنانه، وعندما تتعرض للضغوط وتبكي، يجب أن يعرف سبب بكائها، فإذا تبين له صدق مشاعرها، فيجب أن يقف بجانبها ويساعدها للتخلص من مشكلتها التي سببت لها البكاء من البداية.
لكن تبقى المشكلة الكبرى بالنسبة للرجل أن يعرف كيف يفرق بين الدموع الحقيقية ودموع البصل!
وعلى الرغم من كل شيء,قد تكون دموع البصل هذه مفيدة.. لأن أمكانية المرأة من تفجير ما تحقنه في نفسها من غضب وحزن وأسى يحميها من الضغط النفسي ويعطيها عمراً أطول,بينما لافتقادهم هذه القدرة يموت الرجال تحت وطأة أحزانهم, بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية كما علقت الكاتبة أحلام مستغانمي على دراسة طبية. وهذا ما ذكرني بما قال لي أحدهم_آدم_:" ليش أنت بتعصبي كتير وأحياتاً بتبكي؟". قلت له:" مو أحسن ما أكبت كل الأحزان بقلبي! هيك بطالع كل حزن بوقته وما بخلي ع قلبي هم!"
كل ما اردته من مقالتي البسيطة أن أسلط الضوء قليلاً على الجانب الطريف من الموضوع وليس لي غاية بأن أحسم الأمر وأبت فيه.أردت فقط ان أتخيل الوضع بالنسبة للرجل بطريقة خفيفة... لذا اتمنى أن تكون مقالتي قد زرعت في وجوهكم جميعاً ابتساماتٍ حقيقية... ودامت أفراحكم وابتساماتكم!.