أثناء انتظارهما دوريهما فى جلسة الغسيل الكلوي بإحدى المشافي تعرفا إلي بعضهما البعض و أخبر الأول صديقه أنه يعمل حفّاراً للقبور
فأخبره الثاني باسماً : أما أنا فأبني قصور الملوك و العظماء و يغدقون عليّ بكل العطايا من أجل الحصول علي أفخم القصور
فقاطعه الحفّار قائلاً : ليتنى مثلك يا أخي فأنا لا أعنى للناس سوي الموت و ذكرياته الأليمة فيفرون مني كأني أنا الموت
فقال له البنّاء لا عليك صديقي فالحياة قد جمعتنا بمشفى واحد للعلة ذاتها
فقال له الحفّار : نعم فنحن أبناء مهنة واحدة فأنت تبنى للناس و هم سعداء و أنا أبنى لهم أيضاً و هم تعساء فكيف لا تصيبنا علةُ واحدة ؟!
فقال له البنّاء : و لكني أشيد القصور بمهارةٍ فائقةٍ و أبدع في تفاصيلِ البناء كلها
فرد عليه الحفّار : يا أخى أنا لدي المهارة نفسها فأنا أيضاً أبنى قصوراً مثلك لكن العبرة بمن يسكنها
فقال له البنّاء: و هل ربحت الكثير من مهنتك ؟
فرد الحفّار : نعم لقد ربحت الكثير من الحكمة فـأنا في اليوم الواحد أرى الغنى و الفقير و الشيخ و الطفل يودعون دنيانا و يذهبون للبيوت التى أشيدها لهم فأذكر أني عما قريب سألحق بهم فتصغر فى عيني أموال الدنيا جميعها فأصبحت لأجل ذلك من الأغنياء
فقال له البنّاء : ما أسعدك فأنا كنت أجمع المال لأشيد قصري الخاص كما أبنى القصور لغيري لكني فقدت أموالي كلها بعد أن أدارت لي الدنيا ظهرها و زارتنى الأمراض و العلل بعدما كنت أفاخر بصحتي و فتوتي و أصبحت لا أجد قوت يومي و تنكَّر لي أصحاب القصورعندما لجأت إليهم لطلب العون و المساعدة
فقال له الحفّار : حنانيك يا أخي اصبر علي هذا البلاء تنل خيراً عظيماً ، و بينما هما يتجاذبان أطراف الحديثِ جاءتهما الممرضة مخبرةً إياهما بحلول دوريهما في إجراء الغسيل الكلوي ، فانهيا الحوار ببسمةِ رضا و كأن لسان حالهما يقول الحمد للهِ .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews