مثلها مثل محل الحلاقة أو السمانة أو تصليح السيارات تلك هي "دكانة الأدوية"
الصيدلة حلم أصبح من الممكن تحقيقه بكل بساطة, لست بحاجة لأن تدرس في كليات الصيدلة التي تستغرق خمس سنوات.
اليوم يمكنك أن تتعلم الصيدلة بخمسة أيام, ومن دون معلم, وبكل بساطة.
لست بحاجة إلى إجازة بالصيدلة,أو أن تكون "سيد" أو "سيدة" علم ملم بدقائق الأدوية و تركيباتها الكيميائية.
الصيدلة أصبحت أسهل المهن وأكثرها "بريستيجا",كل ما عليك فعله حتى تصبح "دكتور صيدلاني"هو أن تسرق أو تستغل شهادة في الصيدلة لأحد أقربائك أو معارفك, ورأس المال حتى تبدأ هذه "المصلحة".
ذلك هو الحال مع جارنا الحداد الذي مل عناء حرفته و سئم ضجيجها وقلة مردودها المادي.
جارنا الحداد قرر أن يصبح"دكتور صيدلاني" على شهادة المرحلة الابتدائية التي حصل عليها منذ أكثر من خمسة عشرة سنة.
جارنا تزوج من خريجة كلية الصيدلة فلم يسمح لها بالعمل بشهادتها لأنه لايرضى على نفسه أن تصرف زوجته على البيت فماذا فعل؟
فعلى مبدأ "ماحدا أحسن من حدا",قام بتحويل دكان الحدادة إلى "دكان أدوية" واشترى الأدوية على شهادة زوجته التي لاحول لها ولا قوة.وأصبح منذ ذلك الحين "الدكتور أبو محمد".
و الدكتور أبو محمد ذو العقلية التجارية يفكر بالربح أولا وأخرا فعندما تذهب إليه تريد نوع معين من الدواء الذي وصفه لك الطبيب يقوم بإعطائك دواء آخر ويقول لك "هذا الدواء ذاته ولكن الشركة المصنعة مختلفة".
طبعا الدواء الأخر مربح أكثر ولهذا يعطيك إياه.
ذات مرة أردت أن أشتري دواء لآلام المفاصل, فأعطاني دواء لنوبات الصرع بحجة أن هذا الدواء فعال أكثر ومن منشأ وطني, فالدكتور أبو محمد غيور على الصناعة الوطنية.
ولكن بعد أن قرأت الوصفة داخل العلبة وعرفت أهدافه "الوطنية" قررت أن أذهب إلى صيدلية أخرى وعندما وصلت فوجئت ب"الصيدلاني" الموجود هناك, حيث أنني لم أره منذ عدة سنوات, لقد كان صديقي بالجامعة ولطالما درسنا سوية الأدب الانكليزي.
سلمت عليه وقلت له"ما شاء الله! متى أصبحت صيدلاني؟! ومتى تحولت إلى كلية الصيدلة؟"
فقال لي" لا أنا لم أدرس الصيدلة ولكن أختي خريجة كلية الصيدلة,ولكنها بعد أن تخرجت تزوجت وزوجها يعمل في الخليج فذهبت لتعيش هناك وقمت أنا بفتح الصيدلية عوضا عنها!,"ما حدا أحسن من حدا".
قلت له"معك حق..."
وعدت إلى بيتي مستغربا, وعندما رويت لأمي ما حدث معي قالت لي"عادي..فمن بين أكثر من عشر صيدليات في المنطقة لا يوجد إلا ما يقارب ثلاثة صيادلة خريجي صيدلة,والآخرين قد فتحوا صيدلياتهم على شهادة أخواتهم أو زوجاتهم أو جاراتهم.
ياله من مشروع مربح و مسلي.
كوني موظف في القطاع العام والراتب لا يكفي فأنا الآن أبحث عن إحدى خريجات الصيدلة كي اخذ شهادتها و أفتح بها صيدلية و"ما حدا أحسن من حدا".