شدني منذ فترة ما شاهدته في المحطات الإخبارية المختلفة عن إضراب العمال الفرنسيين احتجاجاً على مشروع القرار الصادر عن الرئيس الفرنسي" نيكولا ساركوزي " والمتضمن تمديد سن التقاعد للعاملين في الشركات الخاصة والحكومية من سن الستين إلى سن اثنين وستين عاماً وذلك من خلال خطة الحكومة الفرنسية لتخفيض الإنفاق المالي لعلاج الأزمة المالية التي تعاني منها الدولة الفرنسية في ظل الأزمة المالية العالمية .
ومن خلال متابعة الأحداث استوقفتني تصريحات بعض العمال المتظاهرين بأنهم لا يريدون الموت خلف مكاتبهم ويريدون التمتع بالمعاش التقاعدي الذي يحصلون عليه من مؤسسة التأمينات الاجتماعية وقد جاء استغرابي لهذا الأمر بمقارنة ما يحصل عليه العامل الفرنسي مع ما يحصل عليه العامل السوري من راتب تقاعدي إضافة لحرمانه من مزايا كثيرة كان يحصل عليها أثناء ممارسته العمل.
مثل التعويضات كتعويض الحوافز والإضافي وكذلك افتقاده للمزايا العينية كالسيارة المخصصة للمدراء وتعويضات السفر للخارج حيث أن هذه التعويضات بمجملها تعادل المعاش التقاعدي إذا لم نقل أنها تزيد عليه, هذا بغض النظر عن أجور المعالجة الطبية المؤمنة للعامل وأسرته.
لذلك يجهد العامل السوري حين يقترب من سن التقاعد إلى طلب الوساطة من أصحاب القرار لتمديد خدماته لدى الدولة لسنة احتياطية أو أكثر من أجل سد الهوة الكبيرة بين معاشه التقاعدي الذي لا يزيد عن 75%من متوسط راتبه المقطوع مضافاً لذلك التعويضات المذكورة مع أجره أثناء الخدمة ,وذلك على عكس عامل في فرنسا الذي يرغب في الاستمتاع بحياته بعد سن التقاعد حتى يتسنى له القيام بالرحلات السياحية داخل الدولة وخارجها.
لهذا نجد أن هذا التناقض يوجب على الدولة إعادة الدراسة لهذا الموضوع من كافة جوانبه ولاسيما دور مؤسسة التأمين والمعاشات في خدمة المتقاعدين كتوفير الخدمات الصحية لهم تحفظ كرامتهم بدلاً من اللجوء إلى المشافي العامة ,علماً أن العامل يسدد شهرياً 7% من راتبه أثناء الخدمة إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية هذا ما يجعلها من أغنى مؤسسات الدولة فبدلاً من قيامها باستثمار فائض مواردها لخدمة المشتركين فيها فإنها تقوم بإحالة هذا الفائض لوزارة المالية كما لو أنها مؤسسة إنتاجية عوضاً عن كونها مؤسسة اجتماعية مهمتها خدمة المواطن , لعل ما ذكر أحلام على ورق ولكنها في الواقع حقيقة تراود كل متقاعد أحيل للمعاش بعد خدمة قد تبلغ أربعين عاماً ولعل جل ما يتمناه هذا المتقاعد أن يعيش بكرامة... فهل من مجيب؟؟