news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الإستراتیجیة الإعلامیة لتنظیم داعش الإرهابي ... بقلم : سید علي نجات

طالما، تمّ استخدام الإعلام للتأثیر علی الرأی العام طوال تاریخه. في هذا المجال، الوسائل الإعلامیة الحدیثة کالانترنت و العالم الافتراضي، مهدت الارضیة للتأثیر علی الرأی العام من قبل الاشخاص و الفئات الاخری ایضاً، إذ کان استخدامها ینحصر للحکومات فحسب.


 وفي هذا السیاق، یمکن القول بإن داعش هي التنظیم الارهابي الاکثر اعلاناً و دعایة علی مدی التاریخ. يتمتع الإعلام بأهمية كبيرة داخل هيكلية تنظيم داعش، و هي من أكثر التنظيمات الجهادية اهتمامًا بشبكة الإنترنت والمسألة الإعلامية؛ فقد أدرك منذ فترة مبكرة من تأسيسه الأهمية الاستثنائية للوسائط الاتصالية في إيصال رسالته السياسية ونشر اديولوجيته السلفية الجهادية، فأصبح مفهوم "الجهاد الإلكتروني" أحد الأركان الرئيسية في فترة مبكرة منذ تأسيس جماعة "التوحيد والجهاد"، ثم القاعدة في بلاد الرافدين.
 

 


شهدت الهيئة الإعلامية لتنظيم الدولة تطوراً كبيراً بالشكل والمحتوى، وتتمتع بدعم وإسناد كبيرين، وتعتبر مؤسسة "الفرقان" الإعلامية الأقدم والأهم، وقد ظهرت مؤخراً مؤسسات إعلامية عديدة تتبع التنظيم، مثل: مؤسسة "الاعتصام" ومركز "الحياة"، ومؤسسة أعماق، ومؤسسة البتار، ومؤسسة دابق الإعلامية، ومؤسسة الخلافة، ومؤسسة أجناد للإنتاج الإعلامي، ومجموعة من الوكالات التي تتبع الولايات والمناطق التي تسيطر عليها، كوكالة أنباء "البركة" و"الخير" وغيرها. كما صدر عدد من المجلات بالعربية والإنجليزية أمثال:"دابق" و"الشامخة"، وأنشأت الهيئة إذاعات محلية، مثل: إذاعة " الخلافة " و إذاعة "البيان" في مدينة الموصل في العراق، وإذاعة أخرى في مدينة الرقة في سوريا.
 


الی جانب وسائلها الإعلامیة، تستفيد داعش من التقطیة المنحازة لبعض الفضائیات العربیة المدعومة بمال النفط، التي دأبت علی قلب الحقائق والتحریض و إثارة الغضب و بث الکراهیة ضد جماعات معینة، وتصویر الأخ عدواً، هذه الفضائیات عن درایة أو جهل، تساهم في توفير الأرضیة اللازمة لانتعاش ظواهر التعصب والتطرف، وتلعب دور محامي الشیطان بالدفاع المستتر عن إجرام الجماعات التکفيریة وإیجاد قرائن تبرئتها.
 

 


استخدمت داعش الحرب النفسة الی جانب حضورها في میدان المعرکة في سوریا و العراق. تُولی داعش هذا النوع من الحرب أهمیتة قصوی، لاتقل عن العمل المیداني، حیث تعتبر «الإعلام نصف الجهاد». وقد نجحت باستخدام وسائل المیدیا الحدیثة، والاستفادة من قدراتها في مجال شتی.

 

 

 وتسعی من خلال بث الأفلام القصیرة المروجة لأفکارها وبطولاتها القتالیة إلی استقطاب شباب صغیر السن یئسوا من التهمیش السیاسي والاقتصادي في مجتمعات أنهکها الإفساد والاستبداد وضیاع الهویة الوطنیة. ویأتي بعضهم من دول غربیة، یعانون فيها أزمة عدم القدرة علی الاندماج في مجتمع حدیث، فيعیشون حالاً من التیة والضیاع.


تعمل داعش من خلال البروباغاندا الصادمة، علی إبزاز عناصر قوتها بطریقة وحشیة مستفزة للأبصار والمشاعر، عبر مشاهد الإعدام الجماعية  لجنود أسری راکعین علی حافة خندق طویل سرعان ما یتحول إلی مدفنهم. کما جری في قاعدة سبایکر الجویة العراقیة، وفي مقر الفرقة 17 السوریة و غیرها.
 


اتخذ اعضاء هذا التنظیم استراتیجیة متطورة في العالم الافتراضی. إذ یسعی هذا التنظیم من خلال بث الفيدیوهات ذات الجودة العالیة والتحریر المهني من خلال استخدام الامکانیات المتقدمة، ان یتباهی بقساوته و وحشیته امام مخاطبه. و رغم تحریم استخدام التقنیة الحدیثة ومن بینها الإعلام، من قبل التیارات السلفية و التکفيریة، استغلت داعش فرص العولمة والوسائل الحدیثة لاستقرار هذا التنظیم و انتشاره بصورة واسعة بالمقارنة مع سائر التنظیمات المتجانسة.

 

 

 و رغم ان الجماعات الارهابیة الاخری استعملت وسائل الاتصالات للحصول علی اهدافها ایضاً، لکن علی عکس سائر التنظیمات المشابه استعملت داعش هذه الامکانیات الإعلانیة الحدیثة لتطویر وتقدم اهدافها، بکل ما تملک من قوة. ولا تقارن هذه الاعمال مع اسالیب المستخدمة من قبل بن لادن زعیم القاعدة، حیث تنحصر جمیع نشاطات بن لادن و حلفائه الاعلامیة، ببث شریط خطاب في مواقع الانترنت و مقابلة او مقابلتین مع قنوات تلفزیونیة خاصة فحسب. ولکن اعضاء داعش رغم التحجر و جمود العقیدة و العداوة مع جمیع مظاهر الحضارة یتمتعون باهتمام خاص لاستخدام الانترنت والمواقع التواصل الاجتماعیة.
 


احدی أهمّ نشاطات هذا التنظیم هي الاستخدام المستهدف من مواقع التواصل الاجتماعیة ولاسیما تویتر، فيسبوک، یوتیوب و دیاسبورا للتأثیر علی الرأی العام واستقطاب القوی الجدیدة و دبّ الرعب في قلوب جنود الأعداء لخلق الحرب النفسیة، جمع الاموال والبحث والمحادثة والتنسیق الإستراتیجي مع بعض. و رغم ذلک الاستراتیجیة الإعلامیة لهذا التنظیم في العالم الافتراضي وسیعه و میدانیة جداً، وذلک لتقدیم المعلومات الاستراتیجیة منها التعالیم اللازمة للعملیات الانفجاریة وإعداد المتفجرات والسیارات المفخخه، لأعضائه و دعمائه من جهة، وابلاغ الاحکام لاضفاء الشرعیة الدینیة للقتل الذي یرتکبه هذا التنظیم في النقاط التی یسیطر علیها، من جهة إخری.
 


في الحقیقة، من الامور التي ساهمت بصعود داعش و انتشاره، هي الاستراتیجیة والتقنیة الاعلامیة لهذا التنطیم الارهابی. قد تحظی داعش بتواجد نشیط في الاعلام و مواقع التواصل الاجتماعیة کفيسبوک، تویتر، یوتیوب وغیرها. وصنّفت لنفسها مجالاً اعلامیاً واسعاً من خلال تبادل الاخبار و المشاهد و الفيدیوهات. قد أدّی حضور رعایا البلدان المختلفة في هذا التنظیم والاخبار المنتشرة عنه إلی متابعة اخباره و العنایة بالحوادث و الاجراءات المتخذه من قبل هذا التنظیم و تصدره في عناوین الاخبار المنتشرة في وسائل الإعلام المختلفة. قد تحظی الحرب الاعلامیة والدعاییة باهمیة بالغة لاتقل عن العمل المیداني لهذا التنظیم. و قد أدّت هذه الاستراتیجیة لوصف الإعلام «بالملعب الرئیسي لداعش»، من قبل بعض المحللین.

 

 


سید علي نجات
کاتب وأستاذ جامعي إیراني

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews



 

2015-05-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)