news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
شوْ ها الكَرَم الحاتمي للحكومة السورية ، 2500 ليرة سورية زيادة !... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

*وسطَ الدماء والدموع والأسى والحزن والمآتم والتعازي ولِباس الحِداد الأسود ، ووسطَ القذائف والمتفجرات والمفخخات ، والدمار والخراب وانقطاع الماء والكهرباء ، ووسطَ الغلاء الفاجر والفقر الفاحش والبؤس والحاجة والحرمان ، والبطالة ، وفقدان الشباب والشابّات في سورية للأمل وسيطرة الكآبة والإحباط واليأس ، والضياع والرغبة بالهجرة لتأمين مأوى آمن ، أو لتوفير فرصة عمل تقي من شر المذلّة والمهانة في وطنهم (أو الذي كان وطنهم حسب تعبير الفنانة رغدة) ، ،، وسط كل ذلك تأتي (المكرُمة) الحكومية السورية بزيادة رواتب العاملين بالدولة 2500 ليرة سورية بالشهر !!..


*مع بداية هذا العام 2015 كانت هناك زيادة أطلقوا عليها عنوان (تعويض على الراتب) مبلغ 4000 ليرة سورية شهريا ، وكان حينها سعر الدولار يعادل أكثر من 210 ليرة سورية ، وكان قد سبق ذلك ، ولَحِقهُ أيضا زيادة بأسعار المازوت والبنزين والخبز ، ومواد أخرى كثيرة ، وذلك من طرف الدولة

 

 

 وأما من طرف التجار فهم يرفعون كل شيء بموازاة الدولار ويحددون بأنفسهم الأسعار كل يوم ، بل كل ساعة ، غير آبهين بكل تصريحات المسئولين بالعِقاب والحِساب لِمن يتلاعب بقوتِ الشعب لأنهم يعرفون أن هذا الكلام ليس للتطبيق وإنما للاستهلاك الإعلامي وإيهام الناس أن الدولة بالمرصاد لكل المحتكرين والمتلاعبين بقوتِ الشعب والمتاجرين بلقمة عيشه،، هذا في الوقت الذي تقوم به الدولة ذاتها برفع أسعار الأدوية 50% ، بل تزيد أسعار المواد التي تنتجها معاملها بما يوازي ارتفاع سعر الدولار ، تماما كما يفعل التجار !!..
 


* زيادة 2500 ليرة بالشهر تأتي في الوقت الذي تجاوز به الدولار سعر 330 ليرة سورية ، فضلا عن زيادات بكل شيء يحتاجه المواطن في حياته اليومية ... ولذا فهذا المبلغ الذي لا يعادل بالدولار أكثر من ثمان دولارات ، من المعيب أن يُطلَق عليه "زيادة" ، وإنما صَدقَة للعاملين بالدولة الذين يستحقون الصدَقات ، وحصّة من الزكاة التي تجوز عليهم شرْعا ، حيث أن الزكاة هي حقٌّ لكل من لا يكفيه راتبه أو دخلَهُ مصاريف شهرهِ !! فكيف إن كان لا يكفيه مصاريف نصف أسبوعٍ بعد دفع فواتير الماء والكهرباء والهاتف ... وإن كان موسم افتتاح المدارس والجامعات فعليه أن يقترض ، وإن تعرّض لحادث صحّي هو أو أحد أفراد أسرتهِ (لا سمح الله)، عليه أن يبيع من أثاث بيته حتى يتداوى ، هذا إن كان يكفي كل أثاث البيت !!.
 


* طبعا سيستغل التجار والبائعين ذلك ويرفعون أسعارهم أضعاف هذه الزيادة ، لأننا أصبحنا خبراء بـ (أخلاق) تجارنا ورجال أعمالنا ، مصّاصي دمائنا !!. والمشكلة اختلط التاجر بالمسئول ، فأصبح المسئول تاجر ، والتاجر مسئول ، وتداخلتْ المصالح كما تداخُلْ الدِّين بالسياسة والدولة !!..
 


* مشكلات حكوماتنا السورية المتعاقبة هو سياسة (الترقيع) دوما بكل شيء.. وهذا نراهُ اليوم يشمل موضوع لقمة عيش الناس فتتمُّ معالجتها بالترقيع ، وزيادات أو تعويضات وكأن الناس شحّادين على أبواب المسئولين !!. هم يعرفون أن راتب العامل بالدولة (وكل موظفي الدولة هم عمّالا بموجب القانون المحلي) كان يبلغ حوالي 900 دولار قبل الأزمة ، ومع ذلك كان هزيلا قياسا بالأسعار ، أما اليوم فلم يعُد يعادل مائة دولار ، والأسعار اشتعلتْ أكثر من المعارك ، وأصبح المواطن التعيس البائس ، المغلوب على أمرهِ ، بين نيران الأسعار ونيران المدافع والقذائف !!..
 


* التُجار والباعة وأصحاب الحرف والمهن لم يتأثروا لأنهم يرفعون الأسعار بإرادتهم وبما يحافظ لهم على أرباحهم الجنونية ،،، أما من التَعنَ سلّافهم فهم العامل ، والفلاح المضطر أن يُسلِّم محاصيله للدولة (كما القطن والقمح والشوندر السكري) ، وتعطيهم أسعارا لا تُوَفِّي التكاليف ، وكأن الدولة تلعبُ دور السيد أو (الإقطاعي)على الفلاح الذي هو عبدها !!.. هذا ما دفع غالبية أبنائهم للابتعاد عن الأرض والعمل بها لأنها لا توفِّر له أدنى حدود العيش مقابل عملٍ شاقٍ مُضنٍ متواصلٍ ليل نهار، لا يُحتمَل على مدى عشرة أشهر !!..

 

 

هذا ما ينطبق على كافة الفلاحين الذين يزرعون تلك المحاصيل الإستراتيجية ، وهم من يوفِّرون للبلد أمنها الغذائي ، فألا يستحقون أسعارا تناسب جهدهم وتعبهم وعرَقَهم وسَهرهُم ، وتربطهم بأراضيهم وقُراهم هُم وأولادهم ، بدل أن يزهدوا بالأرض ويهجرون القرية والأرض إلى المدينة في البحثِ عن مصدر عيش ؟!..
 


* ليس هكذا تورّد الإبل ، كما يقول المثل العربي !!. فالمطلوب من الحكومة أن ترفع الرواتب بمستوى ارتفاع الدولار ، تماما كما يفعل التجار والباعة ، والراتب الذي كان يعادل 900 دولار يجب أن يبقى يعادل 900 دولار وليس مائة دولار ، وإلا فكل هذا هو استهزاء بلقمة عيش الناس وأولادهم ، أكثر منه اهتماما بهم !!.. هذا المبلغ الذي قالوا عنهُ ــ زيادة ــ يشتري فرُّوج مشوي فقط مع علبتي ثوم !!..
 


* طبعا سيخرج المتنعمين المملوءة جيوبهم جيدا ويقولون للعاملين : "(( هَيْ زادتْ الرواتب ، شو بدكُمْ أحسن من هيك ،، صار فيكم تشتروا بالزيادة فرّوج مشوي بالشهر ، ما بيكفيكمْ ، أم بدكُم تكونوا مثلنا كل يوم تأكلوا فراريج ولحمة مشوية وترتادوا المطاعم الفخمة مثلنا ومثل أولادنا وتلبسوا من الماركات العالمية !!.. وما أحلاكن تقيسوا حالكن فينا !! هل رأيتم عبدا يقيس نفسَهُ بسيده ... فعلا ما بتنعطوا وشْ وما بيفيد معكن غير التجويع والعصا ، وهيك بتبقوا تتسابقوا على مكاتبنا بأمل الظفَر بشغلة لكم أو لأولادكن وتنتظروا كل اليوم وما تشوفونا غير من خلف بللور السيارات المفيّمة ونحن نخرج من أبراجنا ))" !!..
 


* جميعنا نعرف الوضع في البلد وتأثيره على حياة الناس ، ولكن هل تأثر مستوى حياة مسئول أو ابن مسئول ، أو مستوى حياة تاجر وبائع !!. لماذا على الشرائح الفقيرة الضعيفة وحدها أن تدفع الثمن ، وأبنائها هُم من يقاتلون على الجبهات !!.. لماذا لا يُضحي الجميع ؟؟ لماذا لا تُسحَبُ السيارات من كل المسئولين وأولادهم ولا يُسمَح للمسئول إلا بسيارة واحدة مهما كان ، ومن النوع الكوري المتواضع !!. لماذا لا يتم تخفيض مخصصات البنزين لكل من يحصل عليها بمعدل النصف ... أعرفُ شخصيا من كانت حاجة البنزين تفيض عن ضعف حاجته ويبيعون قسائم البنزين الزائدة !!..

 

 

 لماذا لا يُقلّل تعويض كل من يتقاضون بالعملة الصعبة بمعدّل النصف !!؟ مكاتب طيران ، سفارات ، قنصليات ، مهمات خارجية .... مع تأكيدي أن هذا لن يؤثر إطلاقا على مستوى معيشتهم وإنما سيُقلِّل فقط من مستوى توفيرهم وحساباتهم بالبنوك !!.. فنحنُ لم نعُد كما أيام زمان حتى يتقاضى الناس ذات المبالغ ، وعلى الجميع أن يضحِّي بالأفعال وليس بالكلام الفارغ والمزايدات الفارغة ... لماذا لا يتم نقل من التصقوا بالسفارات بالمسامير من عشر سنوات أو أكثر وكل شهر عشرة آلاف دولار من ثروة الوطن والشعب ؟؟. بل لماذا حتى يبقى أي واحد مهما كان أكثر من ثلاث سنوات بهذه الظروف في مهمته الخارجية في سفارة أو غيرها ويكون هناك توزيع شبه عادل لثروة الوطن ؟؟.

 

 

إلى متى ستبقى المناصب محتكرة لبعض المقرّبين والمدعومين والمُلتمسين بهدف التنفيع والإثراء !!.. أليسَ هذا حال رؤساء البعثات في الصين وموسكو وبخارست وطهران ومينسك وباريس وجنيف والقاهرة والبرازيل والأرجنتين وكوريا ,,,, وقبلهم الكثيرون ، من منصب لمنصب !!!.. لستُ ضد أحدٍ بشكل شخصي ، ولكن إلى متى سيبقى هذا الداء مستعصٍ على المعالجة ، ناس للمناصب والمراكز بفضل الدعم والالتماس والقرابات والمصاهرات ، وسواهم ممن لا تتوفر خلفهم تلك العوامل ، إلى بيوتهم !!.. هل هكذا تكون الدولة للجميع ؟؟ أين تكافؤ الفُرص الذي تصدّعتْ رؤوسنا ونحن نسمع عنه !!.. أين مكافحة الفساد الذي كان شعار كل المراحل منذ أمدٍ ؟؟. ألا يدخل هذا في إطار الفساد ؟؟. تخصيص المناصب والمراكز للمدعومين والمُقربين والأصهار والأقارب لهذا وذاك ، أليسَ هذا فساد وإفساد ؟؟ من المسئول عنه ؟؟ الإمبريالية والاستعمار والصهيونية والدواعش ؟؟..
 


* والسؤال الذي يُحيرني ، كما يُحيِّر الكثيرون ، كيف يكفي المسئولين -والمتنفذين رواتبهم من الدولة ؟؟. كيف يعيشون هم وأبنائهم وزوجاتهم بهذه الرواتب ، الصَدقَات ؟؟. ألا يحتاج بيت كل واحد فيهم إلى ألف ليتر مازوت بالشتاء (على أقل تقدير) وهذا يعادل مائة وثلاثون ألف ليرة سورية إن اشتراه من الدولة وليس من البائعين؟ من أين يأتون بثمنهِ ؟؟ هل يرضى ابن أي واحد فيهم أقل من عشرين ألف ليرة سورية خرجية في الشهر ؟؟. فإن كان لديه ولَدَان فيعني أنهما يحتاجان إلى أربعين ألف بالشهر ، وإن كانوا ثلاثة أو أربعة .. !.... هذا عدا عن مصروف الستْ ومصاريف البيت من أكل وشرب وحاجيات كثيرة أخرى !!.. أصغر عائلة سورية تحتاج لأدنى حدود العيش المقبول ثلاثمائة ألف ليرة سورية بالشهر ، أي ما يعادل أكثر من ألف دولار ، هذا إن كانت تملكُ بيتا ولا تعيش بالأجرة !!..
 


* سيارة كل مسئول ، أو ابن مسئول ، تحتاج إلى بنزين أكثر من ثلاثين ألف ليرة بالشهر !!.. هذا عدا عن الإصلاحات وقطع الغيار وتغيير الزيت وووووو فلماذا لا تُسحَب كل هذه السيارات ويتنقلون بالمواصلات العامة كما كل أبناء الناس !!.. حتى من منهم لديه سيارة خاصة كاملة الأوصاف ، فأليستْ قسائم البنزين من حساب الدولة ؟؟ فكلهم شاطرين وكرماء من حساب الدولة !!..
 


* للأسف الشديد لم نعرف مسئولا في بلدنا فكّر بأي يوم إلا بنفسه وجيبه وأولاده وكيف يستغل فرصته لتظبيطهم إلى ولد الولد .. وها هُم أمامنا هُم وأبنائهم وبيوتهم وسياراتهم وشركاتهم وتجاراتهم ومطاعمهم ووووو ... الخ ...وحتى من تركوا الوطن وغادروه من بينهم ، معروف كيف جمعوا ثرواتهم على حساب إفقار الوطن وأبناء الوطن !! ولو كانت المسألة مقتصرة على الرواتب لكانوا اليوم هم من يكتبون هذه الكتابات ويشعرون بمشاعر الناس، ولكنهم مُتخَمون بالأموال والثروات التي جمعوها من كل أشكال الكسب غير المشروع واستغلال السلطة والنفوذ !!.. هذا هو النضال والوطنية : مدُّوا لنا أجسادكم كي نمتطيها ونركب فوقها وستّين ألف عمركم بعدها إن عشتم أم لم تعيشوا !! المهم أن يبقى الأسياد متنعمين هم ومن لفّ لفيفهم من أهل الدعم والمحسوبيات !!..
 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews






 

2015-09-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد