news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل سورية قريبا أمام مرحلة تاريخية جديدة وهل الإرهاب هو كل شيء ... بقلم : :د. عبد الحميد سلوم

 *حينما ننظر للحالة السورية بواقعية وموضوعية وعقلانية ومنطق بعيدا عن العواطف والتحيُّز والقفز فوق الوقائع وفوق الحقائق ، فعلينا حينها الاعتراف بأن اندفاعه الناس للشوارع في آذار 2011 لم تكن وليدة لحظتها وإنما كانت حصيلة تراكمات عمرها عقودٌ من الزمن قبل أن نسمع بداعش والنصرة وكل أخواتهم وبنات عمومتهم ، حتى طفح الكيل وفاض الماء من حوله ..


* هناك من لا ينظرون إلا للنتائج ولا يكلِّفون أنفسهم في تقصِّي الأسباب والدوافع التي ولّدت تلك النتائج ، كنوعٍ من الهروب للأمام .. وكأن الأمراض والعِلل تنشأ بدون مُسبِّبات !! هناك من لا يعترفون بأي خطأ ويعتقدون أنهم معصومون .. وحينما كان يُوجَد من يُنبِّه على الأخطاء والممارسات والسلوكيات منذ عقود ، ويُوضِّح أن هذه ستؤدي إلى كذا وكذا وكذا ووو فكان يُحقدُ عليه ويُتّهمُ بأنه من جماعة فُلان أو فلان ، أو مشكوك بولائه لهذا وذاك ، فيُحارَب ويُهمّشْ , لأن الولاء للوطن لا معنى لهُ ، والولاء يجب أن يكون لهذا وذاك !.
 


*كُل ما حصلَ في الوطن ولّدتهُ أسبابٌ داخلية قبل كل شيء ، ومع ذلك لم نرى وزيرا أو رئيس وزراء أو طاقَم اقتصادي ، قد تمّت محاسبتهُ !. لم نرى جهاز قضائي سأل حيتان المال الذين كانوا من أفقر الناس ولكن النفوذ أو السُلطة جعلتهم من أثْرَى الناس ، من أين لكم هذا!. تشكّلتْ في زمنٍ ما في النصف الثاني من السبعينيات لجنة للتحقيق في الكسب غير المشروع ثم تلاشَتْ بسرعة دون أية نتيجة!! تشكّلت محكمة للأمن الاقتصادي وتمّ في النصف الأول من الثمانينيات الحكم بالإعدام على مجموعة من المُرتكبين المُضرِّين باقتصاد الوطن ، ولكن خرجوا من السجون بكل أملاكهم وثرواتهم ولم يتمُّ إعدام أحدٍ منهم !!. واليوم نسمع تصريحات لوزير التنمية الإدارية يُطالب فيها بتعليق المشانق ! ولكن المشانق لِمنْ؟. لِمن يرتشي حتى يشتري ربطة خبز؟.
 


*فلكُلِّ علّة سبب ولكل نتيجة مقدمات ، ومجموع 1+1 يساوي 2 فقط ولا يمكن أن يساوي 3 ولا 4 !.. للأسف هناك من لم يُحسِنوا الاستفادة من تجارب الماضي ، حتى القريب، وكيف يقطعون الطريق على كل الأسباب التي استغلّها البعض للقيام ضد الدولة بالماضي ، وأن لا تُستغَلَّ ذاتها ثانية للقيام من جديد ضد الدولة !!..
 


* حصلتْ أحداث الأخوان المسلمين قبل وبعد 1980 من القرن الماضي وكان من المجدي والواجب عقد مؤتمر وطني عام ، أو على الأقل مؤتمر طارئ للحزب القائد بالدولة والمجتمع حسب الدستور (وإن كانت القيادة نظرية ليس إلا) وذلك لمناقشة كل الأسباب والدوافع التي أدّت لتلك الأحداث وما هي الأسباب المباشرة والثغرات والسلبيات والمماسك والنواقص التي استغلّها الأخوان المسلمون كأسباب للقيام بحركتهم ضد النظام ، واتخاذ قرارات حاسمة وصارمة في الإصلاح والانفتاح وتوسيع مساحة المشاركة الشعبية في القرار ومنح النقابات والمنظمات والإعلام فسحة كافية من الحرية لتُعبِّر بشكل صادقٍ وفعّال عن تطلعات الجماهير ومصالح الشرائح الاجتماعية التي تتبع لتلك النقابات بدل أن تَبقى منظمات ونقابات شكلية تتلقى أوامرها وتعليماتها وميزانيتها ورواتب موظفيها من الحكومة وتتحول إلى مؤسسات أشبهُ بأية مؤسسة حكومية وتأتَمِر بأمر الحكومة بدل أن تكون رقيبا حقيقيا على عمل الحكومة وقراراتها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، ومدى تأثير كل ذلك على الشرائح العُمالية والفلاحية والفقيرة ، والوقوف بوجهها إن كانت لا تعود بالفائدة على تلك الشرائح الأوسع في المجتمع أو تضرّ بها ...
 

 


*هذا ، فضلا عن السعي الجدِّي والحقيقي في القضاء على كل الأسباب التي استثمر بها تنظيم الأخوان المسلمين وأولها الفساد والإفساد وغياب القانون والمعايير وتكافؤ الفرص وفساد القضاء وسيادة الشخصنات بالدولة ..الخ .. ولكن هل حصلَ ذلك ؟؟. للأسف هذا لم يحصل بل هناك من شعروا في الدولة أنهم خرجوا من تلك الأزمة منتصرين وهذا ما أدّى إلى نوعٍ من الغرور بالاعتقاد أن الساحة فرُغتْ من كل معارضة مؤثِّرة على النظام فازداد الفساد والإفساد وتعمّقت الشخصنات والمحسوبيات وترسّختْ ثقافة المزارع في المؤسسات ومراعاة ومحاباة الأهل والأقارب والأنساب والأحباب على حساب المعايير والقانون والكفاءات والمؤهلات في الدولة ، بينما كان ذات الخصوم يتابعون ويُوَثِّقون وينشطون بالسرِّ وعلى طريقتهم الخاصة من خلال الجوامع والمعاهد الشرعية وكان تأثيرهم واضح على المجتمع من خلال مظاهر عديدة !.
 


* الدولة من طرفها أتاحت الفرصة لأولئك ،من دون أن تدري، من خلال مساعيها للتقرُّب من المؤسسة الدينية بهدف استيعاب أصحاب التوجهات السياسية الإسلامية وخلق تيار إسلامي معتدل فمنحتهم مساحة كبيرة في الإعلام والنشاط الاجتماعي واستجابت لمطالبهم في ميادين عديدة ، وكل ذلك كانوا يستغلوه للنشاط السياسي كما صرّح أكثر من مرّة العديد من المعارضين الإسلاميين .. وبالمقابل كان هناك تضييقا على ذوي التوجهات اليسارية والعَلمانية ..
 


*هناك من ما زالوا (يتّهمون) الحزب القائد بالدولة والمجتمع (بحسب الدستور القديم) بالمسئولية عن كل شيء ، ولكن بحسب خبرة الكثيرين فلم تكن له علاقة بهذه التهمة ، ولم يكن سوى سِتارة للديكور والاختباء خلفها ،، والكثيرون يجادلون لو كان ذاك الحزب فعليا قائد دولة ومجتمع لما حصل كل ما حصل أصلا ، لا في الدولة ولا في المجتمع !.
 


*كانت المؤسسة الحزبية في الحزب (القائد) في وقتٍ ما هي صاحبة الكلمة الأقوى ، فأصبحت المؤسسة العسكرية والأمنية هما صاحب الكلمة الأقوى ، وبات الحزبُ يتبع الأمن بدل أن يكون القائد للجميع !!. وباتَ أكبر مناضلٍ حزبي يحتاجُ إلى تزكية من عنصر في الأمن ليتبوّأ أي مركز !! وهذا ما قلب الدولة كلها رأسا على عقب !!. وكان العامل الذاتي والشخصي يلعبُ دورهُ الأساس في كل تلك التقارير بالأشخاص، وأحيانا تلعبُ به العلاقات الشخصية والعائلية ، أو سواها !!.

 

 

 وقد يكون كاتب التقرير من معارفك ولكن لا يريدك أن تطفو وتُصبِح معروفا وتُغطِّي عليه في العائلة أو القرية أو المنطقة !! هذه حقائق وليست تكهنات ،، وهذا النهج والأسلوب كان من أسباب ترهُّل الدولة ، وتغييب الكفاءات والمؤهلات والخبرات ، بسبب التقييمات غير الموضوعية ،، والدليل كمْ من أصحاب المناصب من وزراء وسفراء كانوا من أقرب الناس للأمن الذي رشّحهم لتلك المناصب ، وهم اليوم من كبار المعارضين !.
 


*فحتى قيادة الحزب (القائد) حينما كان بالدستور القائد للدولة والمجتمع لم تكن تستطِع ترشيح أحدٍ لمركزٍ صغير دون تقييم أمني أولا ، وإن كان التقييم يناقض تقييم القيادة فالكلمة الفصل للتقرير الأمني !!. فتصوّروا أن يكون الشخص على سبيل المثال مناضلا في الحزب الذي يُطلَقُ عليه قائد دولة ومجتمع لِعقود طويلة ويُعطي بكل شرف وأمانة وإخلاص وصدقٍ ووطنية ، وفجأة يكتشِف أنه غير موثوق لدى الأمن حينما يترشّح لِشغلِ مركزٍ ما لأنه كان يُشير للسلبيات وينتقد الأخطاء والنواقص والسيِّئات ، فيأتي التقرير الأمني السطحي ليُخالِف تقييم القيادة ، ويُصبح التقرير هو الحقيقة وليس نضالهِ المشهود على مدى زمنٍ !

 

 

 فالمناضل هو من يُصفِّق فقط دون أن يفتح فمهُ بكلمة !! والمُضحِك أنه بعد ذلك لا يفصلونه من الحزب، وإنما يتركوه لحاجة المهرجانات والمسيرات والتصفيق ولكن بلا أي دور على أساس أن الأمن مُعترِض عليه!. يعني يتركونه في الحزب ولكن كحزبي غير موثوق لشغل المراكز وإنما صالِحٌ للسير في المسيرات، والمشاركة في المهرجانات، والدبكة والتصفيق في المناسبات الانتخابية !.
 


* إذا السلبيات والأخطاء وغياب المحاسبة والقانون والعدالة والقضاء النزيه ، وسيادة عقلية المزارع والشخصنات والمحسوبيات، واستغلال السلطة والنفوذ للثراء وتكديس الثروات، وزيادة الفقر والبطالة وتخصيص المناصب والمراكز في الدولة للمقرّبين والأقارب لهذا المسئول أو ذاك، وعدم إجراء أية إصلاحات على الصعيد السياسي واستمرار نهج التعيين والقوائم الجاهزة مُسبَقا حتى لعضوية مجلس الشعب وليس فقط للقيادات الحزبية والنقابية ، وذلك بعد تزكية ومباركة الأجهزة أوّلا .. واتساع الفجوة جدا بين الأغنياء والفقراء ، كل ذلك ، فضلا عن أمور عديدة أخرى شكّلت تراكمات كان من الواضح أنها قد تنفجر بأية لحظة ، وكان الإنسان العادي البسيط ومن خلال معايشته للناس وللواقع يشعر بذلك ويتحدّث به .. وكانَ السؤال متى ستنفجر وليس هل ستنفجر!!.
 


* أحد رجال الأعمال والصناعة السوريين الحلبيين المعروف بولائه الشديد للدولة السورية يقول على إحدى الشاشات الوطنية ذات مرّة ، بعد انتقاده للحكومة : ( يا ريت نطرد للخارج النِشح ياللي عنا من فاسدين وحرامية ومزاودين و انتهازيين وعلاكين… ونجيب بدالهم بس خمسة بالمية من السوريين الشرفاء في الخارج ( ..
 


* ولا أدري لماذا طلبَ أن نأتي بـ " الشرفاء " من الخارج وكأن سورية خلَتْ من الداخل من الشرفاء !!.. كلّا يا سيِّد لا نحتاج للاستيراد من الخارج فالبلد ما زالت مليئة بالشرفاء وذوي الضمير الحي المؤهلين والمقتدرين وأصحاب الكفاءات الذين تنضح قلوبهم وعقولهم بالغيرة والوطنية وتحترق أعصابهم على وطنهم وهم يرون بأم أعينهم كيف أن من لا يصلحون من طلابهم هم من يتبوّءون المراكز والمناصب ومِن تراجُعٍ إلى تراجع، وهم مهمّشون ومقصيون ومُبعدون في بيوتهم فقط لأنهم مقتدرون ومن أصحاب الضمير الحي والكلمة الصريحة الجريئة والصادقة، التي لا تعرف ثقافة الانبطاح والتمسُّح والتملُّق والنفاق والكذب وتزيين الأخطاء ، وتقولُ للأعور بعينه أنت أعور .. وتلامس مكامن الخلل مباشرة بلا مواربة ولا مجاملة ولا محاباة .. فإبعاد هذه النوعية دوما، كان من أبرز العوامل لوجود (النشح) الذي تتحدّث عنه !.
 


* حصل ما حصَلَ في سورية ، وتمّ استغلال الأزمة والمطالب الشعبية والتطلعات المشروعة فورا ومنذ البداية ، وانحرفت الأمور عن مسارها الصحيح ، ووجد المتربِّصون ضالّتهم لتحقيق ما كانوا يصبون إليه منذ أجلٍ طويل في تحطيم سورية التي تشكل قلب بلاد الشام ... وسورية تعيش اليوم مأساة لم يشهدها شعبٌ في العالم والمطلوب إيجاد الحلول الجذرية والعملية والواقعية والصحيحة حتى لا تتكرر المأساة كل بضعة عقود ، فالترقيع لا يفيد وسورية اليوم كدولة هي أشبهُ بسيّارة قديمة مهترئة لا يفيد معها الترقيع من هنا وهناك وتحتاج إلى تبديل بالكامل بأخرى جديدة لأن هذا أوفرُ من استمرار الترقيع وإضاعة الوقت بالإنفاقُ عليه ..إنها تحتاج إلى نموذج ونمطٍ جديد ونهج جديد على كافة الأصعدة السياسية والحزبية والإعلامية والنقابية والزراعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقضائية والتربوية وحقوق الإنسان ... الخ ..

 

 

 وهذا ما حصلَ في دول الإتحاد السوفييتي السابق حيث انتقلت لنهجٍ ونمَطٍ سياسي جديد والبدء من مرحلة الصفر تقريبا في تأسيس دولٍ جديدة على مفاهيم وأسس جديدة بعد مرحلة من الفوضى الكبيرة ، وبقي الجميع داخل اللعبة السياسية بعد اعتماد الجميع للديمقراطية والتداول على السلطة بشكلٍ سلمي ومن دون دماء!!..
 


*ورغمَ أنه في الحالة السورية لم تعُد الأمور بهذه البساطة إلا أنه لا يوجدُ شيئا مستحيلا حينما تتوفّر النوايا الطيبة والإرادة الصادقة !!.
 


*وعلينا أن نحمد الله بأن هناك في هذا العالم دولا تُساعدُ السوريين للخروج من هذه المأساة بعد أن فشلوا في إيجاد أي حل فيما بينهم حينما كان ذلك ممكنا في البداية ، وقبل أن تنغمس كل الأيدي الإقليمية والدولية وتتدحرج الأوضاع ٍ لتصل إلى هذا المستوى من الدمار والمنسوب من الدماء !.
 


*فلعلَّ اجتماعات نيويورك وما سيليها ستكون بداية الطريق ليصل السوريون للنتيجة التي وصل إليها الليبيون في الاتفاق على حلٍّ يقبل به الجميع ويُخلِّص البلاد والعباد من هذه المأساة وتبعاتها وآثارها ونتائجها !.
 


*ولا بُد أخيرا من السؤال : هل علينا أن نشتم هذا الغرب ونُحمِّله المسئولية عن كل مآسينا ومصائبنا ، أم علينا أن نشكرهُ ، إذْ مَنْ كانَ سيمكنهُ تحقيق اتفاق بين الليبيين ، ومن كان سيجمع اليمنيين ، ويتوسّط بين السوريين .. الخ .. هل هي جامعة الدول العربية أمْ منظمة التعاون الإسلامي ؟. صحيح هناك مبعوثين دوليين ولكنهم يعملون تحت رعاية الدول الغربية أكثر منه تحت رعاية الأمم المتحدة !.
 


*هل يصحُّ القول في هذا الغرب قول أبي نوّاس ، (أو ابن الرومي والله أعلمْ): دعْ عنك لَوْمي فإنَّ اللوم إغراءُ + وداوِني بالتي كانتْ هي الدّاءُ ..

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

2015-12-25
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد