*هناك من تحدِّثهم من الشرق فيجيبونك من الغرب!! تحدِّثهم من الجنوب فيجيبونك من الشمال !!تحدثهم عن روسيا فيقولون لك : ولماذا ليس عن أمريكا؟. تسأل عن هدف روسيا الأخير في سورية فيقولون لك : ولماذا لا تسال عن هدف أمريكا وإسرائيل، وهكذا !.
*جوابي: لن نسال ما هو هدف الأمريكي والإسرائيلي الأخير في سورية لأنه سيبدو سؤالا ساذجا جدا، إذْ أنّ الصغير والكبير يعرف أن هدف الأمريكي هو ذاتهُ دوما هدف الإسرائيلي، وهذا هدفه واضحٌ يعرفهُ القاصي والداني وهو تفتيت دول المنطقة وشعوبها إلى دويلات طائفية وإثنية متناحرة متحاربة تتسابقُ لكسبِ رِضاهُ ويسهلُ عليهِ السيطرة عليها!. إن هدف إسرائيل ومن خلفها أمريكا هو تهديم آخر بيت سوري على آخر مواطن سوري!.
هذا أمرٌ بديهي ولا يحتاج إلى تذكير إلا لدى من لا
ذاكرة لهم، ولا أدلُّ على ذلك من جواب نَتِن ياهو حينما سُئِلَ عن الحرب في سورية
فقال: لستُ مع أي طرفٍ ولكنني مع استمرار الحرب بينهما!. يعني هو يريدُ استمرار
الحرب حتى تفنى البلاد والعباد بالكامل، وهذا منتهى الحقد واللؤم والتشفِّي، فهل
يعي السوريون المتحاربون ما يضمرهُ لبلدهم وشعبهم هذا الإسرائيلي الخبيث، وهُم بهذه
الحرب ينفذون لهُ كل مخططاته دون أن يخسر جنديا واحدا!.
*الجميع يقول لك أنه واعٍ لمخططات الإسرائيلي ولكن مما يحزُّ في النفس أن هناك من
يلجأ للإسرائيلي للاستقواء على الآخر!! فمَن منا لا يتذكَر تصريح ذاك المسلّح الذي
قال بعد استقباله لصحفي إسرائيلي في كانون أول عام 2012 في ريف إدلب أنهُ يرحِّب بـ
شارون إن كان معهُ ضد "النظام" !.
بل ما يُدمِع العين أكثر أن تقرأ تعليقات من مؤيدي هذا الطرف أو ذاك الطرف تقول
لماذا حلال على عدوي أن يستعين بالإسرائيلي وحرامٌ عليَّ؟.
*وأما عن السعودية ودول الخليج ، فحينما انفتحَ عليهم نظام الحُكم الحالي في
أوائل السبعينيات، فهو لم يستشِر أحدا ، وهو من شطبَ كل العبارات السلبية التي كانت
تُطلَق على أنظمة الخليج وفي مقدمتها مصطلح (الرجعية العربية) تحت عنوان (التضامن
العربي)!. أعرفُ أنه كان هناك تيّارا حزبيا قويا منزعج من ذاك الانفتاح على أنظمة
الخليج وكان ناشطيه يرددون : من السذاجة الاعتقاد أنه يمكن جرَّ أنظمة الخليج
والأردن خطوة واحدة للأمام، بل هم من سوف يجرُّون نظام الحُكم السوري الجديد إلى
الوراء !!
وهذا ما حصل!. فقد تمكنوا من شراء ولاء
شخصيات كانت صاحبة قرار في البلد إلى جانبهم وبعضها كان يقول : لو احتاج آل سعود
نصف الجيش السوري لأرسلناه لمساعدتهم، وذلك بعد حادثة الحَرَم في أواسط
السبعينيات!. وتشابكت المصالح التجارية والمالية والبزنس بين بعضها فجرُّوا
المسئولين السوريين إلى مواقعهم، وليس العكس !!.
* وهناك من يؤكِّد حتى اليوم، ورغم كل ما حصل، أنه بمجرّد أن تأتي إشارة خضراء من
نظام آل سعود ، وأي نظام خليجي آخر، نحو الحُكم السوري، ويوحي بإمكانية عودة
العلاقات كما كانت إلى سالفها، فإنه (أي نظام الحُكم) سوف يُغيِّر خطابه ولهجته
حالا، وسوف يقابلهم بالرغبة في مد الجسور من جديد، تحت مائة عنوان وعنوان ، ويتناسى
كل شيء، ومن يعترض على ذلك سيتهمونه بمائة تهمة وتهمة، أقلها أنه لا يعي أين تكمن
مصلحة الوطن!. وتجَارُب الماضي حاضرة في هذا الخصوص، وعلى أصعدة عربية وإقليمية
متعددة !. وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الحالي في إحدى مقابلاته أنه مع الحوار
مع أي بلد خليجي بما فيها قَطَر (تحت ذريعة المصلحة السورية) ، فالتبرير موجود على
الفور !.
*المشكلة أن السياسة السورية لا ترسمها مؤسسات، وإنما شخصنات، وتبقى أسيرة ومتغيرة
بحسب الشخصنات والأمزجة ، والتبريرات حاضرة دوما، وسهلة دوما ، رغم أنها لم تكن
مقنعة في أي وقت !.
*بكل الأحوال الدماء تسيل في سورية، وليس في السعودية ولا في قطَر أو سواها، ولذلك
مهمتنا أن نتحدّث عن سورية وكيف نُوقِف فيها سيل الدماء!. كفانا هروبا من الحقيقة
واختباء خلف نظرية المؤامرة ، فهناك مشكلة مع جزْء كبير من الشعب السوري لها
أسبابها ومبرراتها، ونعتِهم بالتآمر كلام سخيف !.
*نحنُ كُنا على مدى زمنٍ أمام عقول مسئولة في الدولة السورية بارعة فقط بالاستفزاز
وبخلق الخصومات والعداوة مع أبناء شعبهم، أوّلا بسبب الحماقة، وثانيا بسبب
الأنانية، ومنهم من ما يزال موجود ويشغل أعلى المواقع، وأجزم، من خلال معرفةٍ
قريبة، بأنه لا يستحق أكثر من نائب رئيس بعثة دبلوماسية في دولة أفريقية ، ولذلك
لديه عُقدَة من أهل الكفاءة والشخصية القوية!.
*ما هي الحاجة ليبقى أي وزير أو مُحافظ أو سفير أو مسئول على أي مستوى، أكثر من
أربع سنوات، وتُعطَى الفرصة لأكبر عدد ممكن من كوادر الوطن!. كيف لن يُصاب واحدهم
بجنون العظَمة حينما يجدُ نفسه في منصبه لسنين وسنين، ومن منصب إلى منصب، ويعتقد
بأنه لا يوجد له مثيلٌ في الوطن،، بينما بغمضة عين تجد ألف بديل وأكفأ منه !. فكيف
لن يُصاب بجنون العظمة والغطرسة والعجرفة والتعالي على البشر !!.أليسَ هذا النهج
والسلوك هو استفزازٌ للبشر واستعداء لها على النظام؟. بل أليس استعداء من النظام
للبشر واستفزاز لها ؟. فكيف تستعديني وتطلب مني أن لا أكون خصمك ؟.
*وعَودَة للحالة السورية، فهذه لا يمكن إيجاد حل سياسي لها إلا بتوافق كافة
الأطراف، وبينها ممثلي التنظيمات المسلحة المتواجدة على الأرض والمتحكمة في
الميدان، والراغبة بالحل السلمي، والموافِقة على الدولة الديمقراطية التعددية
التداولية التي يحكمها دستور علماني (أو مدني ، فلا فرق) !. وسوى ذلك فيبدو تفكيرا
غير منطقي وغير معقول !.
*كنا ممنونين للفيتو الروسي في مجلس الأمن مُعتقدين أنه حَمَى وجنّبَ سورية التدخل
العسكري الأمريكي والأطلسي المباشر على غرار ما حصل في ليبيا، ولكن للأسف فتلك
الفيتو المتكرر لم يُنقِذ سورية من الدماء والدمار والنزوح والهجرة والتشرُّد في
كافة أصقاع الدنيا، وما بين القطبين الشمالي والجنوبي، بحيث صار السوريون يخجلون من
هويتهم السورية ويُنظَرُ لهم في كل أرجاء المعمورة كشعبٍ مُشرّدٍ في وطنه وخارج
وطنهِ ، فما بالَكمْ بكيفَ هي نظرة العالم للمُشرّدين ؟!. وما حصل في هذا المضمار
لم يكن ليحصل أسوأ منه حتى لو كان هناك تدخلا عسكريا أجنبيا ، وكأن الفيتو الروسي
بدا أنه لم يحمي شيئا من حيث النتيجة!.
*تفاوضَ الروسي مع الأمريكي في جنيف1 وخرجوا ببيان عن سورية بغياب كل السوريين، ثم
تفاوضوا في فيينا 1 و فيينا 2 مع عدة دول إقليمية ودولية وخرجوا بخارطة طريق للحل
بغياب كل السوريين أيضا!. وكل ذلك قد يكون مفهوما من قاعدة أن السوريين المتحاربين
أعجز من أن يتّفقوا على خارطة طريق للحل في سورية بأنفسهم وبعد أن خرجت أوضاع وطنهم
من بين أيديهم، وبعد أن وضعوا سورية في مهبِّ الرياح الدولية العاتية ، بفِعلِ
(وطنيتهم وحكمتهم وشجاعتهم على بعضهم وعلى شعبهم) !!.
*جاءت الطائرات العسكرية الروسية وتمَّ تخصيص قسمٍ من مطار حميميم المدني قرب
اللاذقية ليكون قاعدة للطائرات الروسية في محاربتها للإرهاب!. وعلينا هنا الاعتراف
أن ذاك التواجُد العسكري الروسي قد وجدَ ارتياحا وتأييدا في الأوساط الشعبية لأهل
جبال الساحل وغربها، وشرقها في مناطق سهل الغاب لأنهم شعروا بالأمان، وبأن خطر
الموت الذي كان يهددهم عن قُربٍ قد ابتعدَ بعد مجيء الروسي!. ولا أعتقدُ أن أولئك
سينزعجون من وجود الروسي مهما طال به المقام، بل على العكس سيشعرون بالقلق والخوف
في حال رحيله وأنهم سيُصبحون بلا غطاء أمام الجماعات الطائفية المتطرفة والمتعصبة
المدعومة تُركيا وإقليميا والتي تُهدِّدُ ليلا نهارا بأنها سوف تقتصُّ منهم على
خلفية طائفية ومذهبية صرفة، برّرتها فتاوى الشيخ ابن تيمية منذ القرن الثالث عشر،
وتم تطبيقها في مراحل متعددة مظلمة من التاريخ !.
*طبعا لا يستطيع أحدٌ أن يزايد هنا على غيرهِ ، فهناك من طالبوا مرارا بالتدخل
الأمريكي والأطلسي ولو استجابوا لهم لكانوا في قمة السعادة والسرور!. فالتدخل
الروسي عدوانٌ واحتلالٌ بالنسبة للبعض لأنه لا يخدم مصالحهُ، ولو كان بدلا عنهُ
التدخل الأمريكي والأطلسي لأصبح فتحا وتحريرا، ومن هنا أقول، للأسف، أن مفهوم
الوطنية لدى السوريين ضاعت به كل المعايير وغابت به كافة الحدود ، وليس من حق أحدٍ
أن يزايد بالوطنية على الآخر!. فالكل لجأ للخارج وللأجنبي ويتظلّل به !.
*الروسي يرددُ دوما حرصهُ على الدولة السورية ومؤسساتها من الانهيار، وانه غير
متمسِّك بأشخاص، وهذا كلام جميل، فكلنا حريصون على الدولة السورية ومؤسساتها لأن
الدولة شيء، والنظام أو الحكومة التي تديرُ شؤون الدولة شيء آخر!. فالدول لِكُل
مواطنيها، وهي موجودة منذ زمنٍ بعيدٍ في التاريخ ومستمرّة وستبقى، ولكن الحكومات أو
الأنظمة التي تُديرُ وتحكمُ الدول فهذه مُتغيِّرة مهما طال وطاب بها المقام،
والحكومات أو الأنظمة يُسيطر عليها أشخاص ومن لفَّ لفيفهم وقد تكون لطبقة وليس لكل
الشعب!. ومن هنا يبدأ الصراع بين الشعوب وبين الحكومات أو الأنظمة التي تحكمُ
دولها، حتى تستعيدها لكل الشعب وليس لطبقة فقط !.
*ولكن السؤال: كيف سيحافظ الروسي على الدولة ومؤسساتها في سورية، وعلى وحدة تراب
سورية وشعبها، وتجنيبها التفتيت، إن لم تكن هناك إرادة حقيقية في السعي لنقل سورية
نحو الديمقراطية والتعددية والتداول على السلطة، واحترام الحريات العامة في تشكيل
المنظمات والنقابات والأحزاب والإعلام الحر، واحترام كافة حقوق الإنسان التي ضمنتها
صكوك حقوق الإنسان العالمية، ويشعر كل مواطن بالوطن أن الدولة له وليست فقط لطبقة
أهل السلطة والمتنفذين ومن لفّ لفيفهم ؟.
*لقد تحدّث الرئيس بوتين في لقائه مع صحيفة بيلد الألمانية عن أخطاء في سورية، وعن
الحاجة لإصلاحات دستورية وتغيير الدستور، والحديث عن إصلاحات في الحالة السورية هو
ترقيعٌ لم يعُد يخدم الحالة السورية التي تحتاج إلى تغيير كامل في النهج السياسي
الذي ساد فيها على مدى عقود طويلة، ليحلَّ مكانه نهجا جديدا يقوم على الديمقراطية
والتعددية وتداول السلطة من خلال انتخابات حرة وشفافة يَشهد عليها العالم !.
*روسيا تبدو من خلال كل توجهاتها ونهجها وكأنها تحاورُ وتفاوضُ حول مستقبلها هي
وأنها ليست بوارد أية خارطة طريق تنقل سورية نحو الديمقراطية والتعددية والتداول
وإنما بوارد استنساخ نسخة أخرى عن ما يُسمّى (أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية) التي
قامت بعد سبعينيات القرن الماضي، وكانت مجرّد جبهة شكلية لا دور حقيقي وفعّال لها،
وعبارة عن ديكورات ومساحيق تجميل!. أي بمعنى آخرا يبدو وكأن روسيا ترغب في أن
تستبدل مفهوم الجبهة السابقة بأحزاب وشخصيات جديدة (لا تختلف بفاعليتها وتأثيرها
على الساحة السورية عن الجبهة السابقة)
وإن كان هذا هو مفهومها للإصلاح فهو كارثة!.
وهذا يعني مجرّد تغيير في ألوان الطرابيش ووضعها على ذات الرأس!. أو تغيير بِلَون
البدلات وربطات العنق وإلباسها لنفس الجسد!. يعني بقاء ذات النهج السياسي القديم مع
إعادة الدوكرة والتزيين!. وحينما نتحدّث عن نهج سياسي فنحن لا نقصدُ أشخاصا وإنما
نقصد منهج دولة وآلية عمل دولة باتت في عالمنا المعاصر بالية ومنتهية الصلاحية
وتقتضي الضرورة استبدالها بنهجٍ وآلية أخرى تقوم على الديمقراطية التعددية
والتداول، ولا يفيد في الأمر أية عمليات ترقيع وتجميل !.
*أسماء الأشخاص أو الأحزاب التي طرحتها روسيا للجلوس على طاولة الحوار والتفاوض
باعتبارها مُعارِضة، لا ترقى في جوهرها لمفهوم المعارَضَة، وهي أطرافٌ يصحُّ القول
فيها أنها مُنتقِدة أكثر منها مُعارِضة، لأنها أميلُ إلى الترقيع والتجميل منها إلى
التغيير، وهي بذلك أشبهُ بتيّارٍ كان في حزب البعث وكان يرفع الصوت وينتقد أكثر من
تلك المُعارضَة المشار إليها(ولو كان أصحاب القرار يصغون لهم منذ أواسط السبعينيات
لكانت سورية تجنّبتْ كل ما أصابها من ويلات، ولكنها مشكلة كبيرة حينما السياسي يخضع
للعسكري ، وليس العكس)
وبهذا المعنى يصحُّ القول فيهم أنهم كانوا
مُعارضَة من قلب حزب البعث أكثر من أولئك الذين تتبناهم روسيا، (ولذلك لم يكن أولئك
البعثيون مقبولين أبدا من القيادات الحزبية وبدُوا كأنهم يغردون خارج السرب ،مع
أنهم كانوا الأكثر شعبية في محيطهم الحزبي)!. هذا إذا ما اقتنعنا أن من تتبناهم
"الشقيقة" روسيا يمتلكون أحزابا بالفعل ولها تأثيرها ووجودها المؤثِّرْ على
الساحة وليست أسماء وتسميات بِلا مُسمّى !.
*نتفهّمُ تماما مخاوف روسيا وخشيتها من تمدُّد الإرهاب والتطرُّف إلى شمال القوقاز
إن لم تتصدّى له في عقرِ دارهِ ، ولكن هذه المخاوف لا يمكن تبديدها نهائيا، إلا
بالسعي لنشر وترسيخ الديمقراطية العلمانية (أو المدنية فلا فرق) والتعددية وتداول
السلطة، وطي صفحة الاستبداد والشمولية في الحُكم في كل المنطقة، بحيث لا يشعر أحدٌ
بالتهميش والإقصاء والظلم وأنه غريب في وطنه!. الظلمُ يخلق الإرهاب والتطرف وكل
أشكال العنف والحقد على من يمارسوه وعلى من يقف خلفهم، أيٍّ كانوا ومهما كانوا !.
ولا يجوز لعاقلٍ أن يتصرّف كما ذاك الأحمق الذي سألوهُ أين هي أذُنِكَ اليُسرى
فمدَّ يدهُ اليمنى من فوق كتفهِ الأيمن وخلْفَ رقبتهِ ومسك أذنهُ اليسرى ليقول لهم
: هذه هي أذني اليسرى !.
* الالتفاف على الأمور لا يحلُّ شيئا وإنما يؤخِّر الحل ويجرُّ مزيدا من الدماء
ومزيدا من الدمار !. الحل واضح وهو في قبول الجميع بدولة سورية جديدة بِحلّةٍ
ديمقراطية وتعددية حزبية وسياسية وانتخابات حرة نزيهة كل أربع سنوات في ظل نظام
برلماني وعلماني أو مدني ، فلا فرق ، يتساوى في ظله الجميع على أساس المواطَنَة،
ولا نرى به طبقة أسياد من الحكّام والمتنفذين يحتكرون كل شيء هم وأبنائهم،
والغالبية من طبقة المحكومين والتابعين والخانعين!. فما هو شعور أي مواطِن روسي
حينما يرى نفسهُ رقَما على بطاقة هوية في وطنه لا مكان له، ولا لأبنائه في الدولة
لأنها تخصخصت لمصلحة طبقة معينة ومصلحة أبنائهم وبناتهم؟. ألَنْ ينتفض على هكذا
دولة وعلى النِظام المتحكِّم بهكذا دولة ؟.
*إن كانت العدَالةُ أساس الحُكم فالظلم أساس الانتفاض على الحُكم!. وأي حلٍّ ترقيعي
للحالة السورية فإنما يحمل بذور انفجارهِ بداخله في أي وقت!. الترقيع في أي ثوبٍ
يكونُ ضعيفا وقد يتمزّق بأية لحظة!.
*للأسف فإن روسيا ومنذ قرنٍ من الزمن، لم تتمتّع بنظام حكم ديمقراطي حقيقي وفعلي
وتداول على السُلطة بشكلٍ شفّاف كما هو قائم في الديمقراطيات الغربية العريقة!. فقد
عاشت في ظل الأحادية والشمولية وعبادة الفرد على نحو أكثر من سبعين عام في القرن
الماضي إلى حين انهيار الحُكم الشيوعي، ومن ثم عاشت مرحلة كبيرة من الفوضى بعد
الانهيار السوفييتي ولأكثر من عقدٍ من الزمن، ومع بدايات هذا القرن تبوّأ السلطة
الثنائي بوتين وميدفيديف ، وتداولا رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء، وما زال هذا الحال
قائمٌ حتى اليوم
ومن هُنا ، فليست لديهم قيمٌ وتقاليد وثقافة
ديمقراطية مُترسِّخة، وما زالت لديهم ثقافة الوصاية على الحُكم والسلطة !. فالعملية
الديمقراطية هي ممارسة مستمرة وغير مقتصرة على النتائج التي تفرزها الصناديق، بل إن
نتائج الصناديق تعطي فقط الأهلية القانونية والشرعية لقيادة العملية الديمقراطية
وترسيخها في كافة الميادين ، وليستْ تعليقا لها أو تهميشها!.
*الروسي بالنسبة لي هو صديقٌ كما كان السوفييتي، ولأنه كذلك فأتوقّعُ منه أن يكون
الأحرص دوما على تخليص سورية وإنقاذها من هذه الدوّامة الدموية التي غرِقت بها،
وهذا لا يكون إلا بنظرة شمولية عامة ومقاربّة موضوعية ومنطقية، لمصلحة سورية الوطن
والشعب وليس سورية الأفراد والأشخاص!.فالمهم أولا وأخيرا هو سورية الوطن وسورية
الشعب وليس سوى ذلك !! لعلّ الروسي يسعى لأجل ذلك ونحن لا ندري !! من يدري؟.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts