news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل الليرة السورية حَقّا بخير كما تحدّث أحدهم ... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

*فِعلا ومن يُؤتى الحكمة فقد أوتيَ خيرا كثيرا .... والحكمة هي أن تستدرك الأمور قبل أن يقع الفاس بالراس ... وأن تُعالِج المشاكل والهموم قبل أن تتفاقم وتتعمّق وتستفحلَ .... وإن وقعتْ الأمور فيجب الاعترافُ بها كي تُوضَع لها الوصفات الصحية والسليمة .. أما إنكارُ وجودها والمُكابرَة ثم المُكابرة ثم المُكابرة حتى تستوطِن وتتجذّر كما أي داءٍ عُضال وتنعدم سبُل العلاج ، فهذا قمة الحماقة والانفصام عن الواقع والنكران ، أو التنكُّر للحقيقة !!.
 


*جرّبنا الخطابات الخشبية الإنكارية والمُكابِرة ما يقربُ من نصف قرن ، وتظلّلنا بظِلِّها طويلا بينما كان الوطنُ والمواطِن يلتهبُ تحت حرارة الشمس الحارقة !!. أحاديث الإعلام وأحاديث المسئولين كانت بِوادٍ وحقيقة الأوضاع والأمور وهموم البشر كانت في وادٍ آخرٍ !!. كان الاعتقاد أن نُكران الواقع والحقيقة وأحاديث الإعلام الخشبية الإنشائية الخطابية إنما تُشعِر الناس بالسعادة والرِضا ، بينما حقيقة الأمر كانت تزيد الناس غضبا وحنَقا واحتقانا وشعورا بأن هناك من يستغبيهم ويهزأ من عقولهم ، وكأنهم موجودون على كوكبٍ آخر لا يرون ولا يسمعون ولا يدرون ولا يعيشون المعاناة كل يوم !!.

 

 

 التذمُّر والشكوى من الأوضاع والأحوال عموما ، كان على مدى الساعة ، بينما الإعلام كان يُزيِّنُ كل شيء على مدى الساعة !!. عقودٌ طويلة حفظنا بها عن ظهر قلب عبارات ومصطلحات الإعلام السوري : الوحدة الوطنية الرائعة .. السياسات السورية الحكيمة والصحيحة والمبدئية والثابتة ... التفاف الجماهير حول القيادة ... التمَاهي بين القيادة والجماهير ... انصهار الجماهير بمبادئ الحزب ... الأعراس الجماهيرية في كل مكان بهذه المناسبة أو تلك .... الخ !!. وإذ بنا نستيقظ ذات صباحٍ من أحلامنا ونصحو على الحقيقة المُرّة التي كانت غائبة بالكامل عن الإعلام وعن مسئولي الدولة !!.
 


*كم من الفنانين السوريين الوطنيين وأولهم (غوّار) نبَهوا من (حكي الجرائد) بطريقتهم الكوميدية الخاصة ، كتعبيرٍ عن أنها لا تنطق بحقيقة الواقع والأمور والأوضاع !!. نحنُ اليوم ندفعُ ثمن ذاك الخطاب الخشبي البعيد عن ملامسة الجراح ، ووضعِ الإصبع على مكامن الألم والوجع والخلل ، وجفاء الواقع والقفز من فوقهِ ،، وانعدام الرأي الآخر !!. كنا كمَن يقرأ ورقة الامتحان ويضعُ الدَرَجة لنفسهِ بنفسهِ ، متجاهلا كل الأخطاء والأغلاط التي لا تسمح لهُ بِدرجَةِ 20% بينما يضعُ لنفسهِ درجة 90% !! ويعيش في هذا الوهم حتى تحين ساعة انكشاف الحقيقة !!.
 

 


*يقول المثل : من شبَّ على شيءٍ شابَ عليه !! وهذا كان حالُ أحدهم (مع الاحترام لشخصهِ) حينما ظهرَ على إحدى الشاشات الأجنبية الناطقة بالعربية مساء 11/ أيار الجاري ، ليُخبرنا أن الليرة السورية بخير ، وأن الدولار ليس قدرٌ علينا ، ولدينا البدائل ، وأن توجهاتنا هي نحو الشرق ... وأن كل شيء متوفِّر بالأسواق السورية ، ولكن يُوجدُ غلاء بسبب العقوبات والمؤامرة الصهيو امبريالية خليجية (حيثُ يعيش الكثيرون من أبناء المسئولين والمسئولات بالدولة) !!.. طبعا ندركُ تماما تأثير العقوبات الدولية ، وحالةُ الحرب الداخلية ، على الوضع السوري وعلى الاقتصاد السوري وعلى الليرة السورية ، ولذلك لماذا لا تُقالُ الحقيقة عن حالة الليرة السورية ؟؟ هل هي فعلا بخير ؟؟. يا ليتها فعلا بخير وبصحة وعافية !!. لأن صحة المواطِن وعافيته ولقمة عيشهِ باتت متعلقة بصحة الليرة وعافيتها !!.
 

 


*ببساطة ما زال هناك إنكار كامل تقريبا للحالة المعيشية المزرية والبائسة لعموم أبناء الشعب السوري نتيجة الغلاء الفاحش والكافر أمام وضع الناس المادّي المُزري !!. نعم كل شيء متوفِّر في الأسواق ولكن ما فائدة ذلك إن كانت عموم الناس لا تقوى على الشراء بسبب الفقر !. هل أولئك المتحدثون يذهبون للأسواق ويرون بأم أعينهم التهاب الأسعار ؟؟. هل رواتبهم تكفيهم لأكل الفلافل مع أولادهم ؟؟ من أين يأتون بتكاليف المعيشة ؟؟. عليهم أن يخبروننا !!.
 

 


*الراتب الذي كان يعادلُ 700 دولارا ، بات اليوم لا يعادل 60 دولارا !! وكل الباعة والتجار يرفعون الأسعار يوميا بحسبِ ارتفاع الدولار على الليرة السورية !! بل حتى المؤسسات الاستهلاكية التابعة للدولة ترفعُ أسعارها بحسب ارتفاع الدولار ، ومعظم المواد الغذائية والاستهلاكية الموجودة بها هي بِغلاء نظيراتها في المحالِّ الخاصّة !!. يعني الدولة تمصُّ دمَ المواطن كما أي بائع وتاجر خاص !!. فلماذا لا يتمُّ رفع الرواتب بما يتناسب مع مستوى الأسعار هذا ؟؟. الدولة ذاتها قد سعّرَتْ الدولار لمكاتب الصرافة بـ 620 ليرة سورية !! يعني أعلى راتب بات يعادل 60 دولارا بالشهر ، والعائلة المؤلفة من أربعة أفراد فقط تبلغ حصة الفرد نصف دولار باليوم !!. قد لا يكون الدولار قدرا على الدولة ، ولكن التجار والباعَة جعلوهُ قدرا على المواطنين !!. فهل بإمكان الدولة ردعهم ؟؟. أكيد ليس بإمكانها ، وبالتالي سنبقى محكومين بسعر الدولار مقابل الليرة السورية وانعكاس ذلك على كل شيء حتى على مزاج المواطنين !!.
 

 


*نتمنى أن يُهانَ الدولار وينحدر لِيُعادِل ليرة سورية واحدة ، أو ليرتين وثلاث ، كما كان أيام زمان !!. ولكن التمنيات شيء والحقيقة شيء آخر !!. الحقيقة تقول أنه على الدولة أن تتّخذ إجراءً ما ، أو حزمة إجراءات تُخفّفُ ، ولا نقول تحلُّ ، من معاناة الناس وبؤسها .. وأن لا يستخفوا بالأمور ، كما العادة دوما ، حتى تندلع أمامهم مظاهرات جياع وحينها يصْحُون على حقيقة جديدة لم يكونوا يحسبون لها حسابا !!. لم يستوعبوا حتى اليوم أن الخطابات لا تُطعِم خبزا ولا شنكليشا ،، ولا تحلُّ المشاكل !!.
 

 


*الظروف والأوضاع التي مرّت بها سورية خلال هذه السنين فضحتْ وعرّت المجتمع السوري على حقيقته !!. توضّح أنه كان مجتمعا مُختبئا خلف المظاهر الكاذبة ، وكل واحدٍ يدّعي الأكابرية والأخلاق والقيم والإيمان ، ولكن حينما حانت ساعةُ الجد تبيّن مستوى ومدى الكذب والغش والخداع والتوحّش والتخلُّف على كل المستويات !!. التاجر والبائع يرفع الأسعار كل يوم للمواد الموجودة على رفوف محلِّهِ منذ سنة ، أو منذ عدة أشهر حينما كان سعر الدولار أقلُّ بكثير ، وحينما اشتراها بأسعار منخفضة ، وبدلَ أن يبيعها بالسعر القديم فإنه حالا يرفع السعر بحسب ارتفاع الدولار !!. أحدهم وأنا اشتري من عندهِ ، يمسكُ بيده قلم التخطيط العريض ويقول لي لا نستطيع مجاراة رفع الأسعار فكل ساعة علينا رفعها وكتابة سعر جديد ، وبعد ساعةٍ كتابة سعر جديد ، وهكذا !!. وطبعا إن انخفضَ سعر الدولار فلا يُخفِّضون الأسعار ولا ليرة واحدة ،، لأن الضمير هكذا يقولُ لهم !!.

 

 

 هل رأيتم ذلك في بلاد (المُشركين) ؟؟. لقد عشتُ طويلا في بلاد (المشركين) وكنتُ أشاهدُ كيف تنخفض الأسعار في مناسبات الأعياد والعُطل ، بينما في بلاد (المؤمنين) ، أهل وأصحاب الجنّة ، يرفعون الأسعار في مناسبات الأعياد ويستغلون حاجات الناس لابتزازها ومص دمها !!. ثم يأتي من يقول لك هذه ليست قيم الإسلام ، وهذا لا يقبلهُ الإسلام ، وهذا صحيح ، ولكن ما هي فائدة أية قِيمْ في أي دين إن كان أتباع هذا الدين لا يعيرونها ذرة من الاحترام والالتزام ولا يطبقونها ولا يعملون بموجبها ؟؟. إنها تبقى حبرا على ورق كما كل الشعارات العروبية والخطابية والإنشائية التي يتغنى بها البعض وهُم أبعد الناس عنها في سلوكهم وحياتهم وممارساتهم !!..
 

 


*لِنرأف بأنفسنا قليلا ، فالدولة أصبحت شبه دولة ، تسودها كل أشكال العَفن من روتين وبيروقراطية ومحسوبيات وانعدَم لدى غالبية كوادرها أدنى حدود التهذيب واللباقة في تعاملهم مع المواطِن !! وقد ترى موظّفة أو موظّفا لا يحمل الثانوية أو الإعدادية يجلس على كرسي خلف طاولة ويتلذذ بالاستهتار بالناس وقلة الأدب في التعامُل معهم !!. والأنكى أن المواطن لا يعرف لِمن يشكو أمرهُ !! فرأس كل مؤسسة ، حتى على مستوى مدير صغير في مؤسسة، بابهُ مغلق ولا وقتا لديه إلا لأصحاب الدعم والواسطة!!.
 

 


* أراهن إن كان هناك موظّفا أو موظّفة مدعومة ، ويداوم ، أو تداوم ، ساعة واحدة في اليوم بالعمل في غالبية المؤسسات التابعة للدولة، أو المنظمات غير الحكومية المتواجدة فوق الأرض السورية ويديرها سوريون !!. وأستطيع ذكر أسماء ومؤسسات بالتحديد !!. وطبعا كذبتهم جاهزة دوما: (إنه أو إنها في اجتماع ) ... وربما الاجتماع هو بين المسئول والسكرتيرة !!.. يُشجعون أبناء الناس وبناتهم للتطوع والقتال ولكن لا يشملون بناتهم وأولادهم بذلك ، ولا يرغمونهم حتى على الالتزام بساعات الدوام الرسمية في وظائفهم !!.
 

 


* كم سمعنا عن تعليمات تفيد بضرورة تخصيص كل وزير يوما في الأسبوع لاستقبال المواطنين !! ولكن هل هناك وزير واحد يُطبِّق ذلك ؟؟. دوما مشغولين ودوما في اجتماعات ، ولكن حينما يكون المواطن مدعوما فتجِد عندهم الفراغ فورا للإصغاء والاستجابة !!. أيُّ أملٍ سينتظرهُ المواطِن من هكذا عقول ؟؟.
 

 


*في المؤسسات الخاصة ، فإن صاحب كل مؤسسة لا يأتي إلا بأقاربه ، وإن احتاج أكثر فيجب أن يكونوا من أبناء مدينته ، وإن احتاج أكثر فيجب أن يكونوا من أبناء طائفته !!. قد نرى استثناءات ولكنها محدودة !!. المجتمع السوري كله تهدّمت منظومته الاجتماعية والقيمية والأخلاقية ولا يتوانى التاجر والبائع أن يمصَّ دمَ البشر برفعِ الأسعار دون أدنى احترام لكل ما نَهَى عنهُ الدين ونهَتْ عنهُ الأخلاق !! لقد انفضحَ المجتمع السوري حتى الأخير وتبيّن أن كل قيمهِ الدينية والأخلاقية كلها كذبٌ وخداع وتضليل ولم تردعهُ عن كل أشكال الاستغلال والاحتكار والغش والكذب والتحايل واللعب بلقمةِ عيش البشر ، لاسيّما في ظل غياب كامل للحكومة وكأن الناس لا تعنيها إن ماتتْ جوعا !! ومن يجب أن يكونوا قدوة في الدولة ، كانوا أكبر مصيبة وأسوأ مثل !!.
 


*وأما الحديث عن الشهداء وذويهم وأولويتهم ، فهذا كلام جرائد وأحاديث إعلامية مُضحكة واستفزازية ليس إلّا ، ومَن رحلَ فقد ذهبَ بحسابِ أهلهِ قبل كل شيء ولا أحدٌ سائلٌ لا عن أهله ولا عن ذويه ، إن عاشوا أو ماتوا !!. يعني باختصار نحن أمام حالة كارثية ،، فأين هم الوطنيون الغيورون الحريصون على الإسراع بالحل لإنقاذ ما بقي من الدولة والشعب والوطن؟؟. هل بقي منهم أحدُ أيضا ؟؟.
 


*أما المزايدون بالوطنيات كذبا وافتراء فعليهم أولا أن يأتوا بأبنائهم وبناتهم من أي مكان يعيشون به ، وخاصّة مَنْ يعيشون في أميركا وأوروبا والخليج ، يعني عند الإمبريالية والاستعمار والرجعية ، أن يأتوا بهم ويزجُّونهم على الجبهات مع أبناء الآخرين ، فأولادهم ليسوا أفضل من أولاد أحد ، بل هُم يجب أن يكونوا في المقدمة على الجبهات لأنهم هم أصحاب المكاسب والامتيازات في الدولة والآكلين للبيضة وقشرتها !!. الناس تعرف أين هُم أبناء وبنات كل مسؤول ومسؤولة من أصحاب المزايدات والوطنيات والمقاومَة الخُلّبية من خلف المكاتب والميكروفونات !. منهم من يذهبون بفصل الصيف لقضاء العطلة عند أولادهم بأميركا وغيرها ، ثم يعودون بفصل الخريف والشتاء ليناضلوا ضد الإمبريالية الأميركية والرجعية !!.
 

 


* الشباب السوري عموما يعيش حالة من اليأس والإحباط ، ولا يرى أية آفاق للمستقبل ... الوظيفة متوفرة للمدعومين والمدعومات ، وغيرهم لا مكان لهم ، ولكن يتمُّ قبولهم فورا كمتطوعين على الجبهات في ميادين القتال ، أما مؤسسات الدولة ومكاتبها فليست لهم ، إنها لأولاد المسئولين والمتنفذين والتجّار ، ومن لفّ لفيفهم !! عشرات آلاف خرِّيجي الجامعات ، إن لم يكن أكثر ، ليست لديهم فرصة عمل بليرة سورية واحدة ، فكيف ستكون مشاعر هؤلاء ، في ظل غلاءٍ غير مسبوق بتاريخ سورية ، ولا مثيلا له حتى في أوروبا أو بُلدان الخليج حيث مستوى الدخول العالية !.
 

 


*أستغربُ كيف لا يشعر بالإحراج أي مسؤول حكومي حينما يظهر على الشاشات ليبيع خطابات وتنظيرات وهو يعرف حقيقة الأوضاع في بلدهِ ، ويعرف أن الغالبية من الناس تعيش حالة جوع حقيقية !!. رُبما هُم لا يرون كيف تتهافت الناس على صناديق التفّاح العفِنة ، أو غيرها ، حينما يضعونها أمام مؤسسات الخُضار والفواكه التابعة للدولة ، قبل رميها بحاويات القمامة ، ولكن خلال زمنٍ قياسي ترى من يضعونها في الأكياس ويحملونها إلى بيوتهم ليطعموا منها أولادهم ، وهكذا لا يتبقى شيئا لِيُرمَى بِحاويات القمامة ، وتُصبِحُ بطون ومعِدات الآدميين بديلا عنها !!.

 

 

وأكيد إنْ أكلَ منها ابن مسؤول فسوف يُصاب حالا بالتسمم لأن معدته متعودة على أصناف التفاح والفاكهة الممتازة ، والشوكولا الأجنبية ، والمياه الصحية المُعبّأة بالزجاجات ، وليس التفاح المتعفِّن الذي يسرح فوقهُ الذباب ويمرح ، المَرمي خارج مؤسسات الخضار بانتظار سيارة القمامة !!. هذا ليس وصفا خياليا ، هذه حالة شاهدتها أكثر من مرّة وأنا أمرُّ أمام بعض مؤسسات الخضار والفواكه خلال رياضة المشي !!.
 

 


*وفوق كل ذلك يخرجُ عليك من يقول الليرة السورية بخير والدولار ليس قدرُنا ولدينا بدائل كثيرة (ولا أعرف لماذا لا نطبقها)،، وهو ذاتهُ من اخبَرنا قبل مُدّة على إحدى الشاشات أن سورية بخير وشعبها بخير ، ولا ينقصهُ سوى القول : ألَا ترون أن الشعوب الأوروبية تزحفُ نحو سورية كل يوم وتغرق في البحار وهي تجازفُ بحياتها بِهدف الوصول إلى سورية للعيش فيها لأنها أفضل مكان للحياة بحسبِ تقارير الأمم المتحدة ؟!. فأليس هذا دليل على أن كل شيء لدينا بألف ألف خير !!.
 

 


*ليستْ المشكلة والخطر في إنهيار أية دولة .. ولكن الخطورة في إنهيار مجتمع .. فالدولة يمكن إعادة بناؤها كما أية بناية تتهدّم ويُعادُ بناؤها .. لقد أعيدَ بناء ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية ، وكان سهلا .. والأسهل كان إعادة التوازن والاستقرار لمجتمعاتهم لأنها بقيت مُحافِظة على قيمها ومنظومتها الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية ، ولم تنهار رغم الهزيمة العسكرية ، فبقيت مجتمعات متماسكة متحابّة متعاونة متلاحمة !! ولكن كيف يمكنُ إعادة بناء مجتمع انهارتْ وتهدّمتْ فيه كل منظومته القيمية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية ووو الخ !! ومنْ سيُعيد بناءهُ إن كانتْ نُخبَهُ قد تساوتْ مع رعاعِه ؟؟. بل حتى من يعملون بالمنظمات الإنسانية لدينا انعدمتْ لدى غالبيتهم الإنسانية ، وحتى الضمير ، وحتى التهذيب !! وكل واحد اللهم أسألك نفسي وعائلتي ، ويدعس على ظهور بقية البشر !!.
 

 


*طبيعة كل دولة وطبيعة نظامها السياسي ينعكس بشكلٍ مباشر على طبيعة العلاقات في المجتمع بين الناس !!. حينما يسود القانون والنظام والمعايير وتكافؤ الفُرص بأية دولة ، ترى مواطنيها ملتزمون بالقانون ويتصرفون بطريقة متمدنة ومتحضرة ،، والعكسُ صحيح !!. المواطِن السوري الذي تعوّد دوما على الفوضى وغياب القانون ، إلا على الضعفاء ، ويرى ويراقب ويتابع كل أشكال الخلل والفساد والإفساد والواسطات واحتكار السلطة والمال ، واستغلال أملاك الدولة من سيارات وبيوت ووظائف وامتيازات وثروة وأموال ، التي هي أساسا أموال الشعب ، فهذا المواطِن لا يُمكنُ له إلا أن يكون فوضويا في كل شيء ،، وحتى إن كان في طريقهِ إلى المطار للسفر خارج سورية فإنه يُمارس الفوضى لآخر لحظة حتى عند بوابة الخروج إلى الطائرة ، وكلٍّ يُسابقُ الآخر ليدخُل قبلهُ !!.

 

 

 ولكن ما إن يصل إلى باريس أو لندن أو حتى دُبي وأبو ظبي إلا وتراهُ تحوَل إلى إنسانٍ آخرٍ مختلفٍ ، يُراعي الدّور ، ويحترم النظام ويتقيد بالقانون ولا يرمي حتى منديلا أو عقِب سيجارة على الأرض بعكسِ كل ما يفعلهُ في بلدهِ !!. ويحرص على الظهور دوما بالمظهر المتمدن والحضاري بسلوكهِ وتصرفاته وحياته ،، وكل شيء !!.
 

 


* انهيار المنظومة الأخلاقية في أية دولة كانت المقدمة لانهيار الدول عبر تاريخ الشعوب !!. وإنما الأممُ الأخلاق ما بقيتْ فإن هُم ذهبتْ أخلاقهم ذهَبُوا ،،، وفي بلادنا ذهَبتْ أخلاقهم وبعدها ذهَّبُوا ، ثم ذهبَوا إلى دُبي ليشتري واحدهم البُرج بمائة مليون دولارا سبقَ وجمعها من " رواتبه وتعويضاته " حينما كان في موقع السُلطة والمسئولية !!. فكيفَ لن تبقى الليرة السورية بخير ، ويبقى الشعب السوري بألف خير !! وكل زيادة أسعار والجميع بخير !!.

 




https://www.facebook.com/you.write.syrianews/?fref=ts

 

2016-05-18
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد