أعتقد أن أيا ً من أصحاب المطاعم ، لن يستقبلني بعد اليوم ، اذا عرف بطريقة ما أنني كاتب هذه الكلمات ! ولست آسفا ً على ذلك حتما ؟!
أعزائي .. استشرت في بلدنا مؤخرا ً موضة جمع المال بأية طريقة كانت ، بالحلال بالحرام لا يهم ، سواء أولئك العاملون في القطاع العام ، أو القطاع الخاص ! ونشأت طرق شيطانية للنصب والاحتيال لا تخطر ببال الأبالسة ... والضحية دائمـــا : المواطن المعتـر !! هذا المواطن الذي يحلم ذات يوم أن يذهب هو وعائلته وبعض محبيه ولو لمرة في العمر الى احد المطاعم ا والمنتزهات .. ثم ما يلبس ان يعتريه هم مقيم جراء فعلته تلك ، يعاني منه مادام عالقـا ً في ذاكرته ، لما لحقه من غبن واستغلال !!
اليوم مثلا ً ، تتعطل حنفية ماء ، أو بريز كهرباء في المنزل ، وقد يكون صاحب المنزل يجهل حتى بعض الاصلاحات البسيطة ، فيقصد محلا ً في الجوار مختصا ً في ذلك ، فإذا ما قام بإصلاح العطل ، وسأله صاحب البيت كم يطلب ، يقول له : خليها علينا أستاذ .. وعندما يشكره الرجل ويطلب منه بيان المطلوب ، يقول له : بس ألف ليرة !!!ويكاد المواطن يسقط على الأرض من هول المفاجأة ، لكنه يدفع صاغرا ً ، ولا خيار لديه غير ذلك !
ما الذي حصل في هذا العالم ، وكم أصبح بعض الناس جشعين وبلا رحمة ، مهما كانت النتائج ، انه أمر غريب فعلا ً !!؟
وهناك قصص أخرى ومنها ما يجري في وظائف الحكومة ، فإن توقيع موظف على معاملة لا يتم – مع بعض الاستثناءات - الا باكرامية ! واذا أعطاه المراجع مائة ليرة مثلا ً ، قال له الموظف وبثقة : ما بتوفي !!! وكأن رأسمالها عليه ذلك المبلغ ؟!
خلاصة الكلام ، وعودة الى عنوان المقال والغرض الأساس من الحديث عليه وهو المطاعم ، فإن كل انسان لا بد أن يقوم ذات يوم باصطحاب عائلته وبعض احبائه الى احد المطاعم ولو مرة في العمر ، يأكلون الطعام ويتمتعون بالمناظر الخلابة والجلسة الجميلة ومتعة الاختلاط بالناس .. لكنه ما أن تأتيه الفاتورة كالقضاء المستعجل ، حتى يكفهر وجهه ، ويلعن الساعة التي قرر فيها القيام بذلك ..
لماذا عندما تجلس في مطعم ، تشعر وكأن كل ما له علاقة به ، يكاد يشلحك حتى ثيابك ؟
الكرسون ، الشيف ، عامل غسيل السيارات خارج المطعم .. حتى صاحب المطعم في بعض الأحيان ! كلهم يشعرونك وكأنك وقعت في شرك ، وعليك أن تدفع ما تحمله من مال ، والا ستفقد متعتك وسرورك ، حتى لو علقت مجرد تعليق لا أكثر ! تصعقك الفاتورة بقوة ، فكلما توقعت انها بحدود مبلغ معين وجدت انها ضعف ذلك على الأقل ، وهي مكتوبة بخط أشبه بالهيروغليفي ، وأرقام مثل تجريد بيكاسو .. أما الرقم النهائي فهي واضح جدا ً وما عليك الا ان تدفع .. هناك مطاعم اذا لم تنتبه،تجمع الاسعار مع التاريخ ومنها ما يجمعها مع رقم الهاتف .. واذا اعترضت ، أقنعوك انها فاتورة سليمة ! واذا استطعت ان تفرض رأيك ، وصدقوك ، وبخوا الكرسون أو الشيف ، وحلحلوا الأمر بطريقتهم الخاصة ، وارضوك بـ: تكرم استـــاذ !!
وان الاشد هولا ً ، ما يحدث في دهاليز مطابخ بعض هذه المطاعم ، فالنظافة تكاد تكون معدومة ، والصحن الذي يقدم للزبون ، يجهل كيف يتم اعداده ! ثمة مطعم شاورما مشهور جدا ً ، سألت احد الكراسين فيه عن دورة المياه ، ولما دخلت وجدت فراغا ً بحدود متر ونصف بمترين ، وهو مطبخ وتواليت ومغسلة، ووجدت عاملا خارجا لتوه من دورة المياه ، يمد يده دون أن يغسلها ليصلح صحن المتبل ، ثم يأخذه مع مجموعة أخرى من الصحون الى احد الزبائن !!!
وفي مطعم آخر خطر لي ان انظر داخل مطبخه فوجدت الفئران تسرح فيها ، وأوراق النعنع والفجل تغسل تمريرا ً تحت الصنبور ، اما الرائحة والقذارة فحدث ولا حرج ؟! اما الرقابة على الاسعار والنظافة ، فهي غائبة أو شبه غائبة ، طالما ان وجبة الطعام جاهزة ، وبعدها البخشيش ، وطالما ان ثمة موظف جائع وآخر لا يشبع ، فلن تحل المسألة مهما مر الزمن !
وبرأيي ، فمن الضروري ان تذهب انت وعائلتك ذات مرة الى المطعم او المنتزه ، ربما ، ولكن صدقوني ، فإن مشوارا ً مع العائلة والأحبة الى أحضان الطبيعة ، وما أجمل بلادنا ، مع بعض السندويشات شغل البيت ،مع ترمس شاي أكرك عجم ، أفضل ألف مرة من مطاعم العالم أجمع ، ولا ابالغ ان قلت : اننا بذهابنا الى بعض هذه الأماكن ، والتي فقد القائمون عليها صفة الضمير ، فإننا غالبا ً ما نذهب بإرادتنا لندفع ثمن مصائب قد تقع فوق رؤوسنا جراء ذلك !! ونصيحـــة لوجه الله ، صــدقونـــي !!