كلمات طالعت أسماعنا وأبصارنا منذ وعينا الحياة..
حكم تعلمانها من الجدات والآباء..
تمسكنا بها حتى حين منهجاً لتعاملاتنا وقناعاتنا..
بعضها سكن زاوية السبورة ليكون (حكمة يومية) نؤمن بصحتها إيماننا بأنفسنا...
بقيت الكلمات وانقلب المعنى في زمن انقلاب كل المعايير الإنسانية ...
صرنا نسمعها بإيقاع مختلف..ونسخر من (الدقة القديمة) لمحتواها ...
الملفت أنها حذفت من زاوية السبورة في ظل تطوير العملية التربوية.. فحتى (الحكمة اليومية) طالها تطوير المناهج !!
(لكل مجتهد نصيب )
ينحني ظهر المجتهد خلف طاولة مكتبه العتيقة ..وتتضاءل قامته أمام تطاول الآخرين..ويغزو الشيب رأسه قبل الأوان من أهوال واقعه.. يحيط به الوهن من كل الجهات ..ويأتيه كل شيء إلا نصيب اجتهاده..فالمجتهد الآن آخر منم يترقى..وآخر من يرتفع..وآخر من يغادر القاع !!
(العلم نور ..والجهل ظلام)
رانت ظلماتٌ فوق ظلمات .. حتى لم يعد نور العلم كافياً لإنارتها..وأصبحنا بحاجة لكثير من الأنوار الكاشفة التي لا نجدها لدى العلم الذي يعاني من تقنين دائم في الكهرباء !!
(من علمني حرفاً .. صرت له عبدا)
نثور على العبودية للكلمة والعلم ومن يتولى حملهما..لنبيع نفوسنا ونضارب بكراماتنا في أسواق البورصة والأسهم ..الكل عبيد لدى صاحب أكبر رصيد مالي..حتى وإن كان لم يتعلم حرفاً !!
(من زرع حصد)
نزرع ..ثم نزرع..ولا نحصد
فالقحط أصاب كل شيء..وإن حدث وحصدنا مؤكد ستكون الثمار مختلفة تماما عن البذور .. لقد طال التهجين كل زراعاتنا !!
(الكلاب تنبح..والقافلة تسير)
القوافل معطلة ..والكلاب تسير..والكل ينبح خلف القوافل العامرة.. إلا الكلاب !!
(اللي استحوا ماتوا)
في الحكاية القديمة ..ماتوا حرقاً خشية أن يخرجوا عراة ..
أحفادهم الآن يتراكضون عراةً في كل مكان دون أن يكون الموت خلفهم ..
فما عاد الخجل سبباً لموت أحد..ولو معنوياً !!
(أنا وأخي على ابن عمي..وأنا وابن عمي على الغريب )
لم يعد هذا التدرج الفطري مستساغاً ..فالمعادلة الأصح الآن : أنا والجميع على أخي وابن عمي ..وجميعهم علي..تحقيقاً لمبدأ الفعل ورد الفعل !!
(الرجل تدب مطرح ما تحب)
باتت الأقدام تدب حيث مصالحها فقط..وهجرت الخطوات الأماكن التي طالما أحببناها ..فما عادت أقدامنا تتحرك بوحي من قلوبنا..ولا عادت قلوبنا تخفق لوقع أقدامنا !!
(اللي ما بيعرفك..بيجهلك)
الكل يتعمد تجاهلك .. ويطالك بالتجريح..ويجتهد لتسويد صورتك التي حرصت على نقاء ألوانها..
الكل يتسابق لقذف أشجارك بالحجارة ..وأولهم الذي يحبك !!
(من صفعني..نفعني)
الصفعة لم تعد تحمل سوى المهانة والانتقام ..فالصافع لا يرفع يده أو قلمه ليؤدب وينبه بقدر ما يرفعهما ليذل ويكسر من المصفوع قدر ما يستطيع ..
(حلاوة الثوب رقعته منه وفيه)
لم نعد ندري ما مكمن الحلاوة في الثوب المرقع التي استشعرتها الأجيال السابقة ..فالآن ما عدنا نمنح ملابسنا الوقت الكافي لتحيى كامل صلاحيتها..ثم نمدد فترة الخدمة لها حتى آخر رمق !!
صرنا نستعجل موتها..ونغيرها كأنفاسنا ..بات كل شيء مهترئ في حياتنا إلا الملابس ..فهي آخر ما يرقع في هذا الزمان