من منا ينسى الكلمة العمرية الخالدة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) لتغدو تلك الكلمة المادة رقم 1 في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان : يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلاً وضميراً  وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء .

وقد استحضرت الكلمة العمرية والمادة الأممية  لما سمعت بحادثة غريبة في بلدي تشعر مدى انهيار الثقافة الإنسانية عند الكثيرين ذلك أنه وفي إحدى أهم عمارات مدننا الجميلة التي تسكنها طبقة  تذكرنا بطبقة النبلاء في بريطانيا إذ طلب سكان هذه العمارة الفاخرة من احدى الورش إجراء بعض الإصلاحات في المبنى بعد الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة ، وبعد حضور عمال الورشة لتنفيذ أعمالهم في مختلف الطوابق فوجئ العبيد ( أقصد العمال ) أنه يمنع عليهم الصعود بالمصعد الكهربائي لأنه يخصص لساكني البناء وطلب السادة النبلاء من الإخوة العبيد الصعود على الأقدام .

وأنه لا يحق لكم استعمال المصعد مع العلم أنّ هؤلاء العمال جاؤوا لتنفيذ أعمال صيانة لمصلحة النبلاء ومع ذلك لم يسمح لهم بالصعود والأعجب من ذلك أنّ احدى الأميرات من بنات تلك العمارة وعند دخولها لتلك العمارة طلب الحارس من هؤلاء العمال بأن يستديروا للجدار ( وراء در )  لأن أنوف وعيون العبيد خبيثة لا يحق أن تشم أو ترى أميرات النبلاء!!!

هذه قصة يحكيها لي أحد هؤلاء العمال الذي استنكف أن يقوم بالصيانة لأنه عومل معاملة العبد كما يقول .

أقول هذا ونحن في القرن الواحد والعشرين قرن المعرفة والتحضر فكيف لو عرفنا أنّ أغلب سكان العمارة ممن تبدو عليهم سيماء المحافظة والإلتزام أم أنها البرجوازية الدينية في ثوبها الجديد

لا أقصد من المثال المذكور _ لان هناك مئات الأمثلة على هدر الإنسان - إلا أنّ النفسية الفرعونية موجودة عند أغلبنا  وأنّ قهر الإنسان موجود  في أعماق مجتمعنا في بيوتنا في مدارسنا في مساجدنا  التي أعجب أنّ أحد أهم المساجد في مدينتنا يستعمل الخيزارنة والعصا في تحفيظ القرآن لمريديه

أننا بحاجة لنشر ثقافة التماثل بدل التمايز والتساوي عوضا عن التعالي لأن مجتمعنا أحوج ما يكون اليوم للإنسان الحر الذي يرنو للأحسن دائما على مستوى مجتمعه ووطنه .