بعد أخر غيمة مرت فوق الطريق .. الترابي
جلست مقابلاً لأصغر بقعه نور من ضوء القمر ..
واضعاً أوراقي ..
ومستنداتي ..
وأناشيدي ..
وثَملُ بلادي ..
وزجاجة فارغة ..
كنت منطقياً جدا ..ووحيداً جداً
أشرح لليلى كم أنا .. أعشق قدميها
كنت مندفعاً .. كجيش مكسور ..
متضامنٌ مع ذاتي
بولاء عميق .. لعيون ليلى ..
تعدى لما تراه .. تلك العيون السوداء
**
لن أكتب شيئاً ..
متفرغ الآن ..وكئيب
سأدعو كل لجان التفتيش
الشقيقة والصديقة ..
والعميلة ..
والمنحازة..
لأشرح .. بشفافيةٍ
أني أرى بخصلات شعرها
أكثر بكثير مما تسمح به الظروف الدولية
وقرارات الأمم المتحدة ..
وأن بداية تاريخ بلاد الشمس والياسمين
مر بخلق مخمور تحت يديها
وزرع نهاية حدودي
وكياني ..
حيث تنتهي رائحة .. الشال الأخضر .
**
بقنوط
ويد الى السماء
أقص للأعشاب التي .. غمرها العشق
عن ليلى ..
عن الطفلة التي كانت ترتدي
غبار شوارع الضيعة .. لباساً
وتربط جدائلها القصيرة
بشعاع الشمس .. الأشقر
ومن غمازيتها الضاحكتين
تمتلئ بيادر الفلاحين قمحاً و .. عشقاً
عن تلك البريئة الشقية
كيف كانت تغفو .. طفلة
بين رموشها تختبئ ..
كل حكايا الجدات والجان ..
والجوع والجهل
والفقر والمرض
وعروستها الخشبية
وكيف
أصبحت أنثى .. ومملكة
**
جثوت أتنشقها .. و أتعشقها
رقيقة كالماء
غامضة كالغيوم
ساخنة كآهات قلبي
تخطر بين رموشي ..
بتاج بلوري
على سجاد أحمر ملكي
والنهدان أبراج ..
من الشهوة واللذة والرغبة .. والوطنية !
أقنعت حتى انهار بلادي ..
أن تصب في الصحراء
ولم تقتنع بعد بأني .. أعشق قدميها
**
ناجيت.. بصمت السكون الثقيل
عاتبت .. مع النسمة ..
صرخت .. مع أعاصير هذيان الثمل
اشتقت لك ..
أستغلي هذا الاشتياق
فلحظه الدهشة لا تتكرر مرتين
تعبُ أنا ..
من ماضي مهزوم ثقيل
آذيت نفسي فيه ..
أكثر مما يحتمل هذا الجسد
لم أتعلم أبداً بهذا الوطن
أن لا أمشي بثلاث أرجل
عندما أسير بحقل مليء بالألغام
ماذا أفعل وما يجري حولي
من قهر وفقر وعهر
يتراكم لا يسمح لفكرة واحدة
أن تأخذ .. مداها
حاولت المرور من أضيق الأبواب
مشيت بين المتقاطعات
قدرت عمري واهماً
بطبقات الدخان
وبما تحوي الكؤوس من السم
وتلك الأفكار الثورية
التي ما ثارت يوماً
إلا على هذا الجسد النحيل
وها أنا فوق العشب
وتحت حمى الهذيان الممنوع
تشرق الشمس أخيراً
أرمي آخر سيجارة بغثيان
تصحو من غفوتها بلدي
و كل الأوطان وكل الأمم
يصحو كل السادة والعبيد
النازحين والمقيمين
المهاجرين والعائدين
الفاشلين والناجحين
وجدتي..
مع أخر عود كبريت
حضر الجميع ..
ولم تحضر
ليلى .