كان يا مكان في قديم الزمان
بلغني أيها المواطن السعيد ذو الرأي الرشيد والصبر الشديد انه كان هناك مدينة تسمى دمشق .
يقصدها التجار و الزوار من أقصى العوالم والبحار. كانت طريقا للحج في ما مضى و ومدعاةً للفخر والرضا .
كان سكانها قلائل ولا يعانون من فقر ولا مشاكل ولا يكنون لبعضهم شرا ولا بلابل مشهورة في مائها وطيب
هوائها .
يحيطها سبعة أبواب ولا يدخلها الأغراب إلا إذا كانوا ضيوفاً أو أصحاب كان شتائها ممطراً وصيفها .
مشمساً وربيعها مزهراً وخريفها مبهراً . مشهورة في زهرة الياسمين والورد الجوري والنارنج و العنب الزيني
والرمان والتين . نجد فيها ما لذ وطاب والفرحة والبسمة ترتسم على كل باب ولا يودعها ضيوفها إلا بالحب
والإعجاب لا يكفي لوصفها خطاب ولا كتاب ولا من الشعر ألف باب , كانت جنة الله على الأرض يشكر أهلها
ربهم على شامهم في كل سنةٍ أو فرض ..وبعد مر السنين ذبلت زهرة الياسمين واسودت سمائها وتلوثت مائها .
أصبح أهلها أغراب وفتحت كل الأبواب وفوق هذا كله ظهرت لهم أنياب وصارت كوادٍ للذئاب .
أمسى فيها الماضي حلماً وتبدل فيها الحب غدراً . باتوا يكرهون الضيوف بحجة غلاء الأسعار وكثرة المصروف
والكل يعامل الآخر على انه خاروف . اختفت من سمائها كل النجوم و تبدلت أفراحها بهموم وزادت فيها الأمراض
وكثرة الشحم وبات يدفع فيها المعلوم لشرطي السير وللموظف بسعر محسوم . فلكل معاملة سعرها ولكل مخالفة
ثمنها زاد فيها الغلاء وقل فيها عدد الأغنياء وباتت غالبية سكانها من المحرومين والفقراء و كل رشوة تدفع
تسمى كف بلاء كثير منهم هاجر للعمل في بلد قبل ثلاثين عاماً كان أهلها وما زالوا يركبون على الجمل
أرجوكم اخبروني ما العمل أأهاجر مثلهم أم ابقي هكذا عاطلاً بلا عمل