تأمل كيف تلعب الخمرة برأس الإنسان.. تأمل كيف كان الشارب وكيف أصبح!!

هذا الفرق هو (أسرع مثال) يوضح كيف أن الإنسان نتيجة لما يأكل. والأمر لا يقتصر على الملكات العقلية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى جميع المظاهر الصحية والنفسية ومعدل الحياة والمناعة ضد الأمراض.

وجميع الأطعمة لها تأثير سالب أو موجب، ولكن تتفاوت الفترة التي تحتاجها لإظهار ذلك التأثير. بعض الأغذية ـ كالتي يشك في تسببها بالسرطان ـ قد لا يظهر تأثيرها إلاّ بعد جيل أو جيلين. والبعض الآخر ـ كمشتقات الكحول والأطعمة الفاسدة ـ يظهر تأثيرها خلال ساعة أو ساعتين.. وبالطبع لا خلاف على ما اتضح تأثيره بطريقة سريعة ومباشرة؛ ولكن المشكلة تبقى في الأطعمة التي تقتلنا ببطء ولا نشعر بتأثيرها في الأحوال العادية ـ كالمواد الحافظة والسكريات والنكهات الاصطناعية..!!

* وكنت قبل فترة قد شاهدت برنامجاً عن تجربة علمية تمت في وقت واحد في بريطانيا وأمريكا لدراسة علاقة الطعام بالذكاء والسلوك البشري. وتمت التجربة الأمريكية في إصلاحية للأحداث استبعدت فيها السكريات والأطعمة الاصطناعية واستعيض عنها بالخضروات والفواكه الطازجة..

 أما التجربة البريطانية فقد تمت في عدد مختار من مدارس لندن وقسم فيها التلاميذ إلى مجموعتين رئيسيتين؛ المجموعة الأولى أعطيت أقراصاً متكاملة من الفيتامينات والمعادن، والأخرى أعطيت أقراصاً مشابهة ولكنها خالية من أي مفعول. وفي كلتا التجربتين كان الباحثون يقومون بتسجيل معايير الذكاء وتغيرات السلوك بشكل يومي ودقيق. وكانت النتيجة ارتفاع معدلات الذكاء لدى من تناولوا الفيتامينات والمعادن في لندن، وانخفاض النزعة العدوانية بنسبة 40% في الاصلاحية الأمريكية!

* وكان الدافع وراء التجربتين التأكد من الفرضية القائلة بأن ضعف التغذية واستهلاك السكريات والمواد الاصطناعية يؤثر على ذكاء المرء وسلوكه تجاه الآخرين. وبعد ظهور النتائج أصبح مؤكداً أن كيميائية المخ ودرجة ذكائه تتأثر بنوعية الغذاء بشكل مباشر ـ (ومن جهتي أقول: طالما أن المخ يتأثر سلباً بشرب الكحول خلال ساعة أو ساعتين فما الذي يمنعه من التأثر إيجاباً بالفيتامينات والأغذية الطبيعية خلال أسبوع أو أسبوعين)!!؟

وكان مؤتمر براتيون لعلماء النفس البريطانيين (1998م) قد استعرض مجمل الدراسات المشابهة التي نظمت في مدارس لندن منذ عام 1990م. ووجد أن 70% منها يربط بشكل مؤكد بين تناول الفيتامينات وارتفاع مستوى الذكاء لدى التلاميذ.

* وفي الحقيقة حتى قبل هذه الدراسات لوحظ ارتفاع في مستوى التركيز والذكاء لدى الطلاب الذين يتناولون افطاراً دائماً قبل الذهاب للمدرسة. وبصورة مماثلة وجد أن الموظفين الذين لا يتناولون إفطارهم تكثر أخطاؤهم بشكل فادح بعد ساعتين أو ثلاث من بدء العمل.

وفي كتاب \"طعام الدماغ\" يقول البروفيسور \"بريان جي مورغان\" إن الدراسات التي أجريت على أدمغة الأجنة أثبتت أن مستقبل ذكاء المرء يتحدد وهو ما يزال في بطن أمه.. ففي مرحلة الحمل ينمو دماغ الجنين بشكل هائل وسريع حتى يغدو أكبر عضو فيه. وإن لم تتناول الحامل في تلك المرحلة غذاءً كافياً ومتوازياً ـ يشمل الحديد كأهم عنصر ـ فإن دماغ الطفل (قد لا يؤسس كما يجب)!!