news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
أهمية التربية بالقصة ج 4 ... بقلم : عدنان العلي الحسن

قصة جرة الذهب


كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشترى رجل من رجل عقارا له (أرضا) فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب !!

المشتري (للبائع) : خذ ذهبك مني ، إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أشتر منك الذهب !!

 

البائع (ممتنعا) : إنما بعتك الأرض وما فيها . – يحتكمان إلى رجل - .

الحكم : ألكما ولد ؟

أحدهما : لي غلام .

الآخر : لي جارية .

الحكم : أنحكوا (زوجوا) الغلام للجارية وأنفقوا عن أنفسكما منه ، وتصدقا .

 

من فوائد القصة

1- أداء الأمانة مطلوب لقول الله تعالى : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) .

2- القناعة كنز لا يفنى تعود بالخير والبركة على صاحبها .

3- مشروعية الاحتكام إلى عالم بالكتاب والسنة ، دون الذهاب إلى المحاكم المدنية التي تضيع الأموال والأوقات عملا بقول الله تعالى : (فإن تنازعتم في شيءٍ فردوه إلى الله والرسول)

4- من رضي بما أعطاه الله كان من أغنى الناس لقوله صلى الله عليه وسلم :-

 

أ- (وأرض بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس) .

ب- ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس .

5- الرزق مقسوم ، لا بد أن يصل إليك في وقته ومقداره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت) قال الشيخ الألباني رحمه الله: رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن.

 

6- على المسلم أن يقنع بالحلال ، ويترك الحرام والطمع فيما ليس له ، ويأخذ بالأسباب المشروعة للرزق ، وأن العمل الصالح يكفل له السعادة في الدنيا والآخرة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله وأحملوا في الطلب) .

7- الحكم العادل يرضي المحتكمين .

8- عدم الطمع فيما ليس للإنسان .

كيف نربي أبنائنا على مراقبة الله وأن الله معنا ويراقبنا ؟

 

قصة ابن عمر والراعي :

ذكر هذه القصة ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة ( 2 / 188 )

قال نافع : خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع

فقال له عبد الله : هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة.

 

فقال : إني صائم

فقال له عبد الله : في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم

فقال الراعي : أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر

وقال : هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها

قال : إنها ليست لي إنها لمولاي

 

قال : فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب ...؟ !

فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله ؟؟؟

قال : فلم يزل ابن عمر يقول : قال : الراعي فأين الله

فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله

صفة الصفوة ( 2 / 188)

 

فهذه القصة احتوت على كثير من الفوائد والعبر منها :

الحث على الكرم فعبد الله بن عمر لم يستأثر بالسفرة مع أصحابه دون الراعي وقد مر بهم بل دعاه ليأكل معهم وهكذا فإن الولد الكريم إذا أحضر طعاما إلى المدرسة أو الرحلة فإنه يضيف أصحابه ويعرض عليهم مشاركته فيه

وكذلك الصيام وأن الراعي على الرغم من أنه يعمل عملا شاقا وفي يوم حار لكنه يحتسب ذلك ليوم الحساب والجزاء

 

وكيف أن ابن عمر رضي الله عنهما أحب أن يختبر أمانة الراعي فأعجبه جوابه وقيل أنه بكى لقول الراعي وهو رافع إصبعيه إلى السماء فأين الله

وهنا درس عظيم الآخر وهو تنمية الصلة بالله وخشيته في الغيب والشهادة وغرس روح المراقبة في النفوس كالشاعر الذي قال :

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل     خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل سـاعـة     ولا أن ما تخفي عليه يغيب

ونفس الغرض الذي أراده ابن السماك:

 

يا مدمن الذنب أما تستحي    والله في الخلـوة ثانيكـا

غـرك من ربـك إمهالـه      وستره طول مساويكا

 

وفي القصة العاقبة الحميدة لمن نال هذه الصفات فالراعي الذي سمعنا عنه في هذه القصة كان عاملا يأكل من تعب يده برعي الغنم وكان مع ذلك عابدا يصوم في النهار حتى في الأيام الحارة وكان أمينا في عمله يراقب الله عز وجل في نفسه وأن مطلع عليه فصلته بالله قوية ولذلك رفض المكسب الحرام مع أنه قادر عليه ومتمكن منه ولم يستغل عمله وأمانته ولم يسرق منها فأعقبه الله الحسنى فعندما رأى عبد الله بن عمر تلك الصفات أعتقه واشترى له الغنم ووهبه له

 

فمن عبد يرعى غنم صاحبه إلى حر يملك حلالا كثيرا

وإنه سنة عظمية يجب تربية الأبناء عليها (( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ))

إنها قاعدة لو شربها أطفالنا منذ الصغر لجنبتهم الكثير من الحرام والمنكرات في الكبر

تربية الأبناء على تجنب الغش وتحريمه ؟

 

لما نهى عمر رضي الله عنه في خلافته عن خلط اللبن بالماء وخرج ذات ليلة في حواشي المدينة وأسند ظهره إلى جدار ليرتاح فإذا بامرأة تقول لابنتها إلا تمذقين اللبن بالماء فقالت الجارية كيف أمذق وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق فقالت الأم فما يدري أمير المؤمنين , فقالت الجارية إن كان عمر لا يعلمه فإله عمر يعلم ما كنت لأفعله وقد نهى عنه.

فوقعت مقالتها من عمر فما أصبح دعا عاصما ابنه فوصفها له ومكانها وقال اذهب يا بني فتزوجها فتزوجها عاصم بن عمر فولدت له بنتا فتزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم فأتت بعمر بن عبد العزيز.

ومن فوائد تلك القصة :

 

1- أن ما أثبته القرآن والسنة من الكتب السابقة نثبته أما خلافه فلا نصدقه ولا نكذبه إذا لم عرض النصوص

2- اجتهاد السلف في تربية أبنائهم .

3- استشعار مراقبة الله في السر والعلن .

4- عدم التحرج من تقديم النصيحة للوالدين .

5- اختيار الزوج والزوجة الصالحة للبنت والابن .

2011-02-24
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)