news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
التشريع بين الضرورة والواقع ... بقلم : علاء الدين مريم

صدر المرسوم التشريعي رقم 29 لعام 2011 و الذي أنهى العمل بقانون الشركات رقم 3 لعم 2008 ومن الملاحظ هنا أن التعديل جاء سريعا وشاملاً


 وإني لأجدها مناسبة أن أقف عند بعض الملاحظات التي أرى من المناسب لفت النظر إليها في مسألة إدارة عملية التشريع للقوانين والمراسيم التي تصدر لملء فراغ قانوني  أو لضرورة عملية تحاكي من خلالها الواقع المعاش لتطويره و تحديثه أو لحاجة اجتماعية تماشياً مع التحولات الاجتماعية وتقدمها و درجة نضوجها وانتقالها إلى مرتبة أعلى من حيث السمو والاتساع أو لتغطية مسألة ما معاشية أو تنموية أو للوقوف عند تلبية حاجات المجتمع بكافة فئاته وأصنافه وأحواله وبالتالي مهما يكن هدف التشريع فإنه يأتي في سياق خدمة الأهداف العامة بشكل أساسي والخاصة بشكل مكّمل لذلك ، ليشارك الجميع في الحياة والمسؤولية وليتقاسموا هموم المجتمع والوطن نحو التطلع لتحقيق الأهداف المشتركة والوطنية والتي تحدث التطوير والتحديث المطلوبان حتماً لعملية متابعة مسألة البناء يداً إلى جانب يد مع تضافر جهود الأفراد والمؤسسات لتحقيق ذلك .

 

ومن هنا فإن مسألة إدارة التشريع وأقصد بالإدارة أي خطوات العمل التي يتطلبها التشريع باعتباره عملية متكاملة الجوانب هذه المسألة تحتاج برأيي إلى إعادة صياغة فبشكل عملي تجري العملية عندنا وفق ما يلي : عندما ترى الإدارة العليا أنه يلزم لأمر ما إصدار قانون معين أو رسم تشريع ما فإنها توعز لمجلس الوزراء بإعداد المشروع اللازم لذلك وهو يكلف الوزارة المختصة والوزارة المختصة  تبدأ عملها بتشكيل اللجان الخاصة والتخصصية لإنجاز ما طلب منها وهذه اللجان تشكل فريق العمل المطلوب وتأخذ بالاعتبار تسمية الأطراف ذات العلاقة ومندوبي القطاعات والجهات ذات الشأن لتمثيلهم بفريق العمل وكل هذه الإجراءات ضرورية وصحيحة من حيث الشكل والأسس المتبعة ولكن من حيث المضمون والجدوى للعمل المزمع القيام به يبقى الإشكال قائماً وذلك في طريقة عمل الفريق المكلف بالمهمة لإنجاز المطلوب وهنا تأتي ملاحظتي الشخصية:

1 – لم تحسن بعد فرق عملنا الجماعي طريقة العمل بهذا الأسلوب  وفق الأسس العلمية والصحيحة والسليمة والتي يعتبر من أهمها تقسيم العمل وتوزيعه وإفساح المجال أمام تبادل المهارات والحوارات والآراء والخبرات بشكل علمي موضوعي وتخصصي وتشاركي

 

2 – عند تشكيل فرق العمل هذه يتم الاختيار على أساس تمثيل من له علاقة بالموضوع فنجد أحياناً أشخاصاً بصفة تمثيلية مع قلة خبرة عملية أو تخصصية فيكون دورهم ضعيفاً أمام أشخاص ذوي رأي متفوق وبالمحصلة تميل الكفة بالرجحان لصالح أحد أشخاص الفريق الأقوياء فيأتي النص متأثراً بالذاتية عنده والتي تختلف بين شخص وآخر بناءً على الخبرات النظرية والعملية المكتسبة لهذا الشخص وبناءً على ميولاته وانتماءاته ومدارسه الفكرية

 

3 – يستخدم فريق العمل عادة الدراسات المقارنة كمرجعية عند إعداد المشروع اللازم أو أنه يعتمد على مراجعة الأدبيات حول الموضوع كالقوانين والمراسيم السابقة وفي كلا الحالتين فإن مراعاة التطورات الحاصلة يجب أخذه بالاعتبار لاختلاف الظروف أو اختلاف البيئات المجتمعية أو اختلاف مرحلة التطور في العلاقات السائدة بشكل عام وهذا ما لا يحدث غالباً إذ أن الترجمة والاقتباس والنقل هو الغالب في معظم الأحيان حتى أن فريق العمل يعجز أحياناً عن إجراء أي تعديل في الاقتباس أو في المصطلح أو أي صياغة جديدة ينجزها بتصرف لتأتي مراعية لما أريد له أن يكون حاضراً في النص الجديد

 

4 – كلنا يلاحظ بأن التعليمات التنفيذية تأتي غالباً في غير السياق الذي يريده المشرع والذي يعكس روح القانون لتصل إلى إفراغه من مضمونه أحياناً وقد نرى أحياناً أخرى أن ذات القانون الجديد يحتاج إلى تعديل أو إعادة نظر في مادة أو أكثر مما جاء فيه ويطالعنا المسؤولون بعد ذلك بالقول بأنه تشريع وضعي وليس منزلاً وأن هناك مجال للتغيير أو التعديل أو يقولون بأن ذلك ستوضحه التعليمات التنفيذية وذلك ما لا يحدث غالباً إذ أن التعليمات التنفيذية تأتي في الاتجاه الآخر ومرد ذلك كله إلى فريق العمل المكلف والذي نحن بصدد الحديث عنه وعن عمله

 

5 – إن مسألة التسويق ( الترويج) المستقبلي للتشريع الجديد يجب أن تؤخذ بالاعتبار عند إعداده وما قصدته بالتسويق للمشروع هو مجموعة الشروحات والتفسيرات والتوضيحات والبيانات والإجراءات والتعليمات المرافقة لتطبيقه وبيان مصالح الفئات المستفيدة وكيفية التعامل معه إلى آخر ما في هذا الباب من أمور أرى أن مسألة توضيحها أمر هام وتعود أهميته تلك إلى أن أصحاب المصلحة الحقيقية والنفع من التشريع المستحدث يدرسون بدقة فوائده وميزاته ونواقصه وعيوبه ومردود ه بالنسبة لهم ومن خلال مصالحهم النفعية وفق القاعدة التي تقارن بين المنفعة المكتسبة والمنفعة المضحى بها بحيث تكون النتيجة لمصلحتهم ليقرروا بعد ذلك طريقة تعاملهم معه وعند قيامهم بمجمل هذا العمل الذي تكلمنا عنه يضعون في حسابهم الخاص وبشكل احترازي وبحذر شديد أن ما شرع هو لمصلحة الدولة فقط ويصب في المصلحة العامة بشكل مطلق

 

وبالتالي لا مصلحة لهم بالتعامل بإيجابية معه وأرى أنه لحل هذا الإشكال وهو واقعي ومبرر لا بد من إجراء مصالحة بين ما هو خاص وبين ما هو عام من منافع ومصالح ولم يعد أسلوباً نافعاً بأن نشّرع ثم نذهب بعد ذلك لتطبيق التشريع وتنفيذه على أرض الواقع بصيغة قسرية أو بفرضه أمراً واقعاً حيث بالإمكان صياغة التشريع وإصداره بما ينسجم مع أساليب تنفيذية تشاركية إلى حد بعيد وتحقق الهدف العام كأولوية ثم الخاص كمرتبة ثانية ومن هنا فإن المطلوب توخي الدقة عند إعداد مشروع القانون أو المرسوم بحيث يأتي لخدمة الأطراف ذات العلاقة ومتوافقاً مع مصلحة معظمهم بل وموضحاً بشكل لا لبس فيه مصلحة هذه الأطراف كافة من خلال النص المفيد والمبسط والذي لا يحمل الغموض أو الالتباس أو تعدد الوجوه

ومسألة التسويق هذه يجب أن تعتمد على وسائل إعلامية متطورة وتقانات متقدمة وأساليب اتصال وتواصل حضارية تواكب مسألة تحديث القوانين وتطويرها

 

6 – إن فكرة عرض التشريع قبل صدوره على مراكز البحوث والدراسات لغرض مناقشته وتفنيده أمر يجعل إمكانية التعديل قبل الإقرار متاحة ومجدية بآن واحد وهنا يمكن القول بأن الصيغة الرسمية تتيح مناقشة التشريع وتداوله في لجنة الإعداد والصياغة وفي لجان الوزارة المختصة وفي لجان مجلس الشعب إلا أن لمراكز الدراسات التخصصية والاستشارية دور مواز هام ومكّمل لدور هذه المؤسسات الرسمية ولا يضير شيئاً بل يعد نافعاً أن يكون النقاش حول التشريع قبل إقراره وليس بعده من قبل المعنيين وغيرهم من المختصين أو من أصحاب المصلحة أو من الأطراف التي يتناولها موضوعه

وبعد فإن عملية تحديث القوانين والتشريعات المستمرة في سورية تعتبر من أهم الخطوات لتصحيح مسارات الأداء الحكومي والمؤسساتي والشعبي لتحقيق التطوير والتحديث بقيادة الرئيس بشار الأسد

2011-03-10
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)