تدهشني دائما طرق الناس في معالجة الإحباط والشعور بالتدني , فتراني أنظر إلى الناس و أتعجب من طرقهم في تخطي ذلك الشعور الذي يصيب كل واحد منا ويشعره بأنه لاشيء و أن أصغر إنسان على هذه الأرض هو أفضل منه علما وثقافة و فكرا و نجاحا..
وأمام حلولي الذاتية في الانكفاء على الذات و إيجاد الحلول الناجعة و التي غالبا ما تكمن في الركض مجددا وتصليح الذات من جديد و عدم الاستسلام، بدأت أنتبه إلى حلول من حولي فبعد أن كانت تزعجني بدأت أرأف لأصحابها
وبدأت أشعر بالحزن عليهم بدل من الانزعاج منهم.....
وعلى الرغم أن هذا الاستنتاج أخذ من الوقت طويلا ولكنني وصلت إليه قبل فوات الأوان...
فإذا وجدت حولك كائناً يسخر منك طوال الوقت فأعرف أنه من هؤلاء..
كائنٌ يذكرك في كل لحظة أنه من غير المعقول أنك لا تعرف فلاناً من الأشخاص أم فلاناً من الكتاب , كائنٌ يسخر من أنك تتكلم لغتين... فمالك بهذا التعب كائنٌ يسخر أنك لم تتوقف عن العلم والتحدي... كائنٌ يسخر من عدم مللك من الخوض في أمور لا تأتيك بنتيجة و هي كما محاربة طواحين الهواء...
كائنٌ يستغرب أنك لا تعرف معرفة ولا تلم إلمام مدرسي التاريخ و الجغرافية و السياسة والإعلام وعلم النفس والفلك .....
كائنٌ يستغرب من أنك لم تقرأ كل كتب العرب و الغرب و كتاب القطبين..... كائنٌ يستغرب كمِّ أصدقائك القليل....
محبطٌ طبعا أنت من استغراباته كلها... تقف أمام نفسك في المرآة مكشرا وكأنك ترى شيئاً مقرفاً لا يستحق له أن يعيش في هذا العالم الذي يملؤه المثقفون والمتعلمون و الرفيع و المستوى...
اكسر هذه المرآة و اذهب لترى كل واحد في مرآته.... ستعرف كم هم ضعيفون و منكسرون؟؟؟؟... سترى أنهم وقفوا
زمن لهاثك و استمرارك......سترى أن سنوات من التعب تفصلك عنهم ...ستدهشك حقيقة أنك أنت الذي لك الحق في تقييمهم وليس العكس.... ستكتشف أنك كنت أنت تلك الحاوية التي تخلصهم من إحباطهم و انكسارهم
وضعفهم...
فإذا استسلمت لهم كنت فريسة سهلة وعادوا إلى أنفسهم منتصرين استعادوا قليلا من قوة استمدوها من توجيه أصبع الاتهام الموجه إليهم في الأساس ليكملوا مشوارهم المكسور...
تسمع دائما ذلك المثل الذي يتكرر عن الشجرة المثمرة، بات يتردد على كل لسان حتى بدون تفكير،فلتؤمن به و لكن لا تنسى أن الشجرة المثمرة بحاجة لماء و شمس و هواء وإلا فقدت ثمارها واحدا تلو الآخر......
وكل اكتشاف و أنت بخير....