أعطى الله الإنسان تلك الآلة الذهبية الموسيقية التي تسمى الحنجرة ليتواصل بنغمة الكلمات مع من حوله ولكن هل الأشياء من حولنا تمتلك تلك الميزة التي وهبنا إياها الله نعم ...فالأشياء من حولنا لها حناجر أيضاً .
عندما يشد الوتر على الخشب ليشكلان معاً آلة عود أو كمان أو قيثارة يتآلفان ليُخرجا أجمل الأصوات على هيئةٍ نسميها ألحان حتى المياه عندما تسير على الحجارة فإنها تغني بصوت الخرير.
والورق عندما يتناغم مع غصن شجرته يصدر أجمل حفيف إذا إنها الموسيقى...غناء الطبيعة وكلام الأشياء هي ذلك الشيء الغير ملموس الذي يصل الشعور بالوجدان حلقة الربط بين الروح والإحساس
يُثار إلى مخيلتي في محض هذا الكلام مشهد تجسّد أمامي في حفل افتتاح لمهرجان ثقافي في قلعة من قلاع بلادي
فتاة في مقتبل العمر أعتقد أنها في المرحلة الجامعية.جلست بالقرب من صديق لها في المقعد المتقدم لمكان جلوسي. كانت مليئة بالترقب والفضول لما سيأتي, شارك وقتها في افتتاح المهرجان فرقة سيمفونية أوبرالية على مستوى البلد وكنت من ضمن المدعوين إليها , خرجت الفرقة إلى المسرح وجلس أفرادها كل على مقعده .
ثم بدأت الفرقة بالعزف.كانت المعزوفات مقطوعات كلاسيكية رائعة وتقدم بعض من الشبان والشابات لأداء مقطوعات أوبرالية بأصوات متفاوتة من طبقة السبرانو حتى الآلتو .
كانت أصوات الموسيقى والغناء تدوي لتملأ ذلك المكان البهي ذو الأصالة بجدرانه السميكة العالية التي تشتم فيها رائحة التاريخ امتزج ضباب الليل بالأضواء بعبق الزمان الموغل بتلك القلعة ليتحد بتلك الأصوات والألحان
بعد انتهاء إحدى المقطوعات وقفت تلك الصبية وأخذت تصفق بحالة لا شعورية موجهة الكلام لصديقها قائلة :ليتمجد الله..... أحس نفسي أنني في معبد في حضرة الآلهة !!!!! ما أجمل هذا الإحساس العفوي الصادر عن تلك الصبية!!! هذا الإحساس الذي جعلها تشعر وكان الله كان معنا ابتسمت لهذا المشهد وأخذت أصفق معها وأقول في نفسي ما أروع هذا
فلنغنى دائما ولنحيى مع الموسيقى فحيث توجد الموسيقى والغناء يكون السلام و روح الله.