news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
اللحمة الوطنية في سورية ... بقلم : فيصل سرور

يخطئ كثيراً ويجهل أكثر من يتوه في الأوهام والخيالات والخزعبلات من يظن أو يعتقد أو يتمنى أن يرى أن سورية عبارة عن تجمع فسيفسائي مصفوف إلى جانب بعضه البعض بشكل عشوائي ومجرد أن تمر عليه هبة ريح سموم فإن هذه المنظومة الفسيفسائية ستتبعثر وتتلاشى أو أنها سوف تتصادم مع بعضها البعض .


 لأن من يرجع إلى تاريخ سورية ويتفهمه بحيادية وموضوعية وذهن مفتوح سيجد في مجريات وتطور هذا التاريخ منذ مطلع الفجر الحضاري للعالم وإلى الآن نتيجة واحدة ثابتة وحقيقية ومؤكدة وواقعية هي أن فسيفساء سورية البشري والديني الملون من مزيج غني ومتنوع من العرقيات والإثنيات والأديان والمذاهب هي مزيج حضاري وإنساني طبخ على نار هادئة لتتكون منه طبخة لذيذة ومتميزة اسمها سورية .

 

-   فعلى المستوى الإنساني: لكل إنسان في هذا العالم موطنان بلده الأم وسورية كما يؤكد المؤرخون.

-   وعلى المستوى الدولي: يضم النسيج السوري الأرمن والأكراد والشركس وهو ظاهر في أسماء العائلات السورية العريقة.

-      وعلى المستوى العربي: يضم النسيج السوري مختلف العناصر العربية وهذا ظاهر في أسماء العائلات السورية العريقة التي نجد فيها الكنى والألقاب المعبرة مثل الحجازي والبيروتي والبغدادي والمصري والحضرموتي والطرابلسي والنابلسي والجزائري والمغربي … إلخ.

 

-         وعلى مستوى المحافظات السورية نجد في دمشق مثلاً في أسماء العائلات الدمشقية العريقة أسماء من مثل الحمصي والحلبي والحموي … إلخ.

بحيث أنه من النادر أن نجد أسرة سورية لم تمتزج في أصولها البشرية عناصر من التنوع الجغرافي أو العرقي أو الديني فسورية هي بداية الحضارة والتاريخ البشري وهي أم العالم بحق وهي البلد الوحيد في العالم الذي طبق عملياً وبشكل عفوي نجم عن معطياته التاريخية مقولة الرسول العربي كلكم من آدم وآدم من تراب.

لذلك فإننا لا نتمالك أنفسنا من الضحك والاستهزاء بمن يظن أو يتمنى أن تكون اللحمة الوطنية في سورية قابلة للتفكيك والانحلال لأن هذه اللحمة الوطنية بطبيعة تكوينها التاريخي والحضاري هي لحمة بشرية متماسكة ومتمازجة ومتماهية وعصية ومنيعة على التفكيك فالنسيج الوطني السوري متشابك وممتزج بشكل لا يمكن انفصامه وهذا النسيج لا يعرف إلا سورية أماً والقائد الحكيم أباً له.

 

ومن يظن الأحداث الأخيرة هي أحداث سيئة نوافقه ولكن نلفت النظر إلى أن رب ضارة نافعة وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم نعم فمن إيجابيات الخضة التي عاشتها سورية في الأيام الماضية قد حمل إيجابية كبيرة هي تسليط الضوء الساطع والباهر على الخصوصية السورية التي تمتاز بها عن جميع الدول العربية والأجنبية وهي خصوصية الانصهار البشري في بوتقة واحدة اسمها سورية وهي بوتقة تاريخية وحضارية جديرة بأن تصهر ليس سكان سورية وحدهم بل أن تصهر العالم كله لأنه ليس في هذا العالم شيء ليس أصله من سورية ومن يظن أن الفسيفساء السورية هي مجرد تعايش فهو مخطئ فليحضر لسورية وليرى أن هذه الفسيفساء تعيش حياة عادية وطبيعية وعفوية ولا يوجد أي شيء اسمه تعايش عندنا فنحن نعيش خصوصيتنا السورية بكل عفوية وتلقائية ولا يوجد لدى أي سوري فكرة عن مفهوم التعايش فهو مفهوم غريب عن ثقافتنا وهو مفهوم غير سوري إنه مفهوم ينبع من ثقافة غربية لا تملك فهماً لطبيعة الثقافة السورية والتاريخ السوري.

 

وستظل سورية أبية شامخة وطناً حراً مستقلاً سيداً ليس لكل السوريين فقط بل لكل العرب ولكل شرفاء العالم فسورية منذ فجر التاريخ هي أم الفقير واللاجئ والمضطهد والمعذب عربياً أو غير عربي في هذا العالم الذي يجد تلقائياً فيها مكانه ودوره محفوظاً وإنسانيته مصانة ومكرمة فيذوب وينصهر في دفء الشعب السوري الحنون الودود الإنساني الذي لا يعرف أي نوع من أنواع التمييز بين البشر ولا يتسع قلبه ووجدانه لأي نوع من أنواع التعصب والعنصرية فالإنسان السوري هو الإنسان في نقاء الفطرة الإنسانية السليمة التي أعطت العالم الكثير الكثير ولم تأخذ من هذا العالم الجاحد إلا النكران والجحود والتآمر.

 

وأيضاً وفي هذا السياق فإنه علينا أن لا ننسى ( وهذا ما قلته في مقال سابق ) بأن من حق المواطن أن يطرح ما يقتنع به من الآراء وأن يطلب ما يريده من الحقوق والحاجات ولكنه يؤمل بأن على هذا المواطن أن يجمل بالطلب وأن يدخل البيوت من أبوابها وبأن الأدب في الطلب هو أول شروط الاستجابة لهذا الطلب وأن يكون المسؤول ذو آذان صاغية وأن يحترم المواطن دون استهزاء أو انتقاص من مكانته وخاصة المسؤولين الخدميين والمحليين.

 

وأعود وأقول إن الخصوصية السورية عصية على فهم الحاقدين والموتورين والمغرضين ولكن هذا لا يوهن من عزيمتها ولا ينقص من قدرها لأن حب سورية من الإيمان ولأن الإرتقاء إلى النقاء السوري والسماحة السورية هي سبيل الوصول إلى الإنسانية الحقة لذلك كان حقاً على الله أن ينصرها ومن يحميه الله لا يخاف من أشرار الناس والمفسدين في الأرض.

2011-04-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد