استيقظ صباحا" وأنا لم أنم بعد لأن أحلامي ما تزال تتحدث بمفردات الاعلام المغرضة ومازال الدم يفور في شراييني التي لم تعد تستطيع التمدد أكثر وقلبي مازال ينبض بقوة ولم يعد قفصه يستوعبه.....
أدير التلفاز أمسك الهاتف أمسك الموبايل افتح الانترنيت أضع ورقة وقلم وأسجل الارقام اتصل هنا وهناك اكتب هنا وهناك وكلما سمعت أو شاهدت أو قرأت خبرا مزيفا".. خبرا" مضخما".. تعليق يدفعك لشفير الهاوية .. محاور حفظ درسه جيدا" وهاهو يستعرض عضلاته .. اتصال حقوقي خرج من هنا و ناشط من هناك لا أدري عما يتكلم وربما هو نفسه لا يدري عن أي بلد يتكلم .. مذيع متأتئ يضحك وهو يتلعثم .. مذيع آخر يتطاول على من يفوقه مئة سنة ضوئية فكرا" وعلما" فيندى الجبين خجلا" .. شاهد عيان منقول وغير منقول أو مستنسخ .. أشرطة فيديو تجعلك تقف لحظة وتشعر بالشفقة على مرضى العقول والنفوس ..
نساء تصرخ وتستغيث وامعتصماه وحتى الآن لا ندري لمن ستكون الدعوة موجهة ..دعوات تحريض تثير الاشمئزاز.. تسمية نبشوها من قبرها وأعيدت للنور بعد أن انقرضت منذ أكثر من خمسة عشر عاما" وحين ظهرت وقتها كانت لمعنى مختلف عما وجهوها إليه اليوم .. حقائق تقلب وتغير وتحرف .. أصدقاء يطعنون في الظهر بشكل يدمع الأعين .. خونة خرجوا ليستشرفوا فتعجب لسخرية الأقدار وتتساءل لماذا هم بالمنفى إذا"؟؟.. حتى الأقزام تاريخا" وأخلاقا" وانتماءا" أرادوا أن يدلوا بدلوهم .. عندها أبدأ بالعمل ..اتصل ..أتكلم ..أكتب ..أعلق .. أصفهم بكل الألقاب .. وفي النهاية حين أيأس منهم لا أجد نفسي سوى رفعت يدي لله وقلت: الله أكبر ...
قد مضى شهر ...وأنا أنام في السادسة صباحا" واستيقظ في السادسة صباحا" ولازال بيدي فنجان القهوة .. وأمضي النهار بطوله والليل بعرضه أقلب بين القنوات الفضائية، متعطشة لأخبار وطني، خائفة على أمن وطني، باكية مستغيثة لا تمزقوا وطني وقد كثرت الذئاب المتسلقة ، متضرعة اللهم احمي وطني، اللهم ارحم أطفال وطني، اللهم احمي شباب وطني فقد كثرت التضحيات..
اليوم الجمعة... وقد اقترب عيد الجلاء استيقظت في الصباح.. جمعت القنوات المغرضة .. وقبل أن أضعها في سلة المهملات ... ابتسمت وقلت لها: عذرا" وسائل الاعلام المغرضة فإن قلبي بات في خطر...... فتحت التلفاز على الشام اف ام استمعت لفيروز وللأخبار ... في الظهيرة فتحت على الفضائية السورية .... وفي المساء فتحت على قناة الدنيا....ابتسمت شعرت بالاطمئنان أقنعة كثيرة تسقط ويسقط معها من كانوا رجال.... وأمي سورية تبقى مترفعة شامخة شموخ السرو والجبال ...حمدت الله فلقد تجاوز قلبي الآن مرحلة الخطر وأصبحت وسائل الاعلام المغرضة هي في خطر... ولتبحث في مكان آخر عن وطن من ورق وعن أناس من ورق...