news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هكذا تورد الإبل رد على رد... بقلم : آرا سوفاليان

الأخت هيفاء حماد: الحوار الراقي والمتمدن يعتبر مسألة حضارية وضرورة ملحّة وينال عندي أشد درجات الاحترام، لقد كان رد حضرتك من حيث المبدأ راقياً، فإذا كان الآتي والوارد بين قوسين هو موجز قناعاتك فلا أملك إلا أن أحترمك وأقدرك ( موجز قناعتي بأن الله تعالى هو من يحاسب وهو الحكم العدل ، ولا نملك أن نكفر أي شخص .  


وان الظواهر الطبيعية من زلازل، وبراكين وغيرها ، هي بتقدير من الله جل جلاله ، ولا ندرك حكمته سبحانه وتعالى في تقديرها . وليس من الإسلام الشماتة في ما يصيب أي إنسان أو شعب مهما كانت ديانته أو اعتقاده ، لان ديننا ، دين الرحمة والرأفة ، ولأننا نؤمن بالله الرحمن ، الرحيم ، الرؤوف ، الحليم  ، الحكم العدل) وفي وصف حضرتك للمثقفين تقولين: (هناك مثقفي الرفوف وهم من يكدس الكتب دون قراءتها، ومثقفو العناوين وهم الذين يكتفون بقراءة العناوين فقط دون إبحار، ومثقفو الطيور وهم كالطيور يلتقطون حبة من كل مكان فيشبعون دون أن يستطعموا بطعم أي حبة )

 

 وأنا أقول لحضرتك أنني أميل للعبارة القدسية الآتية "اقرأ   ما أنا بقارئ"  "اقرأ   ما أنا بقارئ"    "اقرأ   ما أنا بقارئ"   "  اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم" ، لقد كان صلى الله عليه وسلم أمياً لا يقرأ واليوم نصف الكرة الأرضية تقرأ ما كان يقرأ.

وبالتالي فأنا وبعد الأذن من حضرتك لا أعلق أهمية على قضية مثقف النسبية هذه؟  فأنا لا أنتمي لأي نوع من الأنواع الثلاثة السابقة رفوف أو عناوين أو طيور وأفضّل أن أكون أمياً مع أنني وفي هذا العمر 56 سنة أحضّر لنيل شهادة دكتورا.

 

تقولين: (في معرض تعليقك استشهدت بالغزو الصدامي وقضية حاضنات الأطفال . ولم تكتف بذلك بل رحت تضرب مثلا بأعمال السرقة والنهب التي حصلت في العراق وكأن العراق وحده الذي حصل فيه سلب ونهب)

لم أكتف بذلك؟؟؟ استحلفك بالله العظيم هل هناك ما هو أشد فظاعة من ذلك؟؟؟ ورحت أضرب المثل بأعمال السرقة والنهب التي حصلت في العراق وكأن العراق وحده الذي حصل فيه سلب ونهب؟؟؟ استحلفك بالله العظيم أن  تجيبي عن هذا السؤال البسيط: هل إذا حدثت سرقات في بلدان أخرى فهذا بحد ذاته مبرر لتحدث سرقات في العراق... أنا يا سيدتي أوضحت في مقالتي أنني أكره الفوضى الخلاقة وأخاف اليوم على بلدي سوريا منها ومن حقي أن أسر بمخاوفي وأضمنها مقالاتي وهذا حق طبيعي ومشروع ، فبرجي التجارة العالمية تكلف تشييدهما سنين طويلة وبيوت مال، وهدمها ابن لادن في لحظات.

 

أسوق إلى حضرتك هذه المقارنة المذهلة بحد ذاتها لعلك تصلين إلى ما أقصد... بعد الغزو الأميركي للعراق نقلت الفضائيات مقطع لمواطن يحمل على ظهره كونديشن مخلخع ترك مكوناته الأساسية حيث سرقه، وقد سرقه من دائرة حكومية وهو يعرف أن الكهرباء لن تعود إلى بيته حتى على الأمد البعيد بعد أن تولت الطائرات الأميركية تدمير كل محطات توليد الكهرباء في العراق، وقد نقلت الفضائيات بالأمس القريب مقطع فيديو لمواطن ياباني وفي لحظة الزلزال، يعيد إلى الرف كيس خبز أخذه للتو لأنه يدرك أن في ظل ما حدث فانه لن يتمكن من تسديد ثمنه وبالتالي لا يستطيع امتلاكه؟  وهذا شرع بوذا يا سيدتي فما هو رأيك؟؟؟ 

 

 المسألة أنني لا أخص الشعب العراقي بأنه أضاع ما أضاع  بل الشعب العربي ككل وهذه أزمة فكر وتربية وضمير وحب وطن هذه الأزمة التي قد تذهب بالأمة والوطن معاً، وبعد هذا هل لا زلت تصرّين حضرتك على وضعي مع أبو زيد في خانة واحدة؟ توقفي الآن حضرتك عن قراءة هذا الرد واستعرضي الفضائيات في هذه اللحظة فتدركين صواب ما أقوله.

 

إنا لا أعرف إن كانت العراق قد دافعت عن الكويت في مواجهة غزو إيراني ولكنني أعرف تماماً أن العراق عاضدت الجيش العربي السوري وقاتلت معه في حرب تشرين التحريرية في العام 1973 وكنت وطلاب صفي في ثانوية أمية رديف للجيش وفي وحدات الجيش الشعبي وتم تسليحنا وتدريبنا جميعاً، وكانت في مدرستي وحدة استطلاع وإشارة عراقية كان الآمر فيها برتبة عقيد ويدعى ودود كان الضباط العراقيون أنداده  ينادونه ودود سيد البتشه ... وهي عبارة لا أعرف معناها ربما تكون سيد الباشوات وقد طلب منا معاونة هذه الوحدة في تثبيت الهوائيات على أسطحة المدرسة وباحاتها، وأعرف تماماً ومعي كل الشعب السوري أننا كعرب سوريون نقدر هذه المساعدة ونعطيها حق قدرها ولا ننساها لأنها نبض وحدوي أصيل وها نحن كسوريين نرد ديوننا تجاه العراق وشعبها.

 

وبالنسبة لشلالات الغزو الصفوي المجوسي فهذه لا أعرفها والذي أعرفه أننا نحن من أعلن الحرب على إيران وليس العكس، أما هذه التسميات التي يقصد بها  ما يقصد أعرف كما يعرف غيري أنها تنافي الشريعة الإسلامية وتحض على التفرقة والفتنة، والفتنة شيء مكروه،  فهؤلاء مسلمون حيث لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى... وهذا ثابت، أما بالنسبة لنا كمسيحيين فكلمة مجوس وردت في الإنجيل تصف أناس جاؤوا من بلاد العجم ، دخلوا المغارة التي ولد فيها السيد المسيح يحملون إليه هداياهم وهي الذهب واللبان والمرّ.

 

وأود الإشارة هنا إلى موقف مشرف وقفه الشعب الإيراني وحكومته في مواجهة الأرمن، إبان مجازر الأرمن في العام 1915 عندما استقبلوا جموع الهاربين من الموت من شعبي ومنحوهم الحماية والأمان ورفضوا تسليمهم للأتراك رغم التهديد والوعيد، معرضين شعبهم ووطنهم لخطر نشوب حرب مع السلطنة العثمانية وحقنوا دمائهم وأرواحهم وقاسموهم الزاد ورغيف الخبز ومنحوهم حق العمل وحرية العبادة وسمحوا لهم بناء الكنائس والمدارس ومنحوهم الهوية وحق المواطنة الكامل وجواز السفر، وقد فعل العرب في سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين نفس الشيء، ولا زالت أرمينيا وحتى اليوم تعترف بالفضل وقد سمحت ببناء

 

(الجامع الأزرق في يريفان)  وهو من أكبر الجوامع وأجملها في المنطقة، وهو من أجمل الأوابد المعمارية التي تساير فن العمارة الإسلامية، ويحتوي على المكتبات ومجالس الشعائر و الوعظ والإرشاد والتعليم، ويتم فيه تعليم اللغة العربية والفارسية وتعليم القرآن الكريم، أما مسألة توصيف عباد الله بالمجوس وهم مسلمين فهذه مسألة يمجها الذوق العام، ويمكن زج من يفعلها في نفس الخانة التي يتقوقع فيها أبو زيد وهذا مثال واقعي مأخوذ مما قالته صاحبة الرد في اتهامها لكاتب المقالة و يفند التهمة التي يتم بموجبها اتهام الكاتب بأنه يفعل فعلة أبو زيد.

تقولين أيضاً: غزو الكويت كان بمثابة الكي ( آخر الدواء الكي لأنها لم تستجب لنداءات التحذير  والعصا لمن عصا .(

وأقول لحضرتك: بأي حق تصدر نداءات تحذير وبالأصح نداءات تهديد من قبل دولة عربية لدولة عربية أخرى هي عضو في جامعة الدول العربية وعضو دائم في الأمم المتحدة.

 

وهل ترضين حضرتك تطبيق رواية آخر الدواء الكي والعصا لمن عصا على العراق وهل هذا الكلام يليق بالعراق وترضينه له، وقد رضيتيه للكويت ثم هل يليق هذا الكلام بك أصلاً كمواطنة عربية وبلاد الرافدين موطن الحضارة  وتتحدث ابنة الرافدين عن الكي والعصا، أنا لا أرضى بهذا لك حتى ولو رضيتيه لنفسك!!!

وفيما يتعلق بالحاضنات وبالسرقة والنهب تقولين: (ما يخصني في هذا الموضوع هو مسألة الحاضنات التي أوردت ذكرها ، والتي كانت تمثيلية اعترفت بطلتها وكتاب السيناريو على مرأى ومسمع من العالم اجمع بتلفيق التهمة . وان ما حصل من سرقة ونهب كان بمجاميع من المرتزقة الذين دفعتهم الكويت وإيران )

هل تقصدين أن الذي رأيته على الفضائيات من خروج الجنود وإلقاء محتويات الحاضنات وأخذ هذه الحاضنات بعد تخليتها  إلى العربات العسكرية هو تمثيلية وسيناريو ودمى بلاستيكية للخدج لزوم السينما؟

 

طيب ولكن ألا ترين معي انه أعظم سيناريو عرفته البشر منذ بدايات السينما لأنه يلامس الحقيقة بقوة ؟ وهل تقصدين أن الكويت أرسلت المرتزقة لتسرق نفسها وشعبها؟

هذه شطحات خيال لا أستطيع بثقافتي المتواضعة (ككاتب رفوف أو عناوين أو طيور) تدبرها ولا تحملها ولا تصديقها.

أما القشة التي قصمت ظهر البعير فهي قول حضرتك: (الكويت يا سيدي ترسل للعراق تبرعات عبارة عن أمصال لقاحات الأطفال المعطرة بفيروس الايدز ، وكذلك حليب الأطفال المدعم ببكتريا الكولون ، والأدوية المسرطنة والأغذية غير الصالحة للاستهلاك البشري ، والماء الملوث وتعوي في الفضائيات بأنها تبرعت للعراق ، هذا إضافة إلى اسطوانات الغاز التي قتلت الآلاف ، والبيض الملوث بفيروس الأنفلونزا الوبائية وغيرها كثير مما لا تتسع له مجلدات) .

 

وسيتم الرد على هذه القشة بالسؤال الآتي: من الذي يجبر من يرسل الإعانات على إرسال هذه الإعانات لطالما أن القضية طوعية وإنسانية وغير إجبارية؟

ومن هذا المرسل الذي يرسل أشياء كهذه وهو يعلم أنه سيفتضح أمره بعد أخذ أول عينة للتحليل وأسمه مكتوب على هذه العينة؟

ما الفائدة من كيل الاتهامات التي لا يصدقها العقل ولا يقتنع بها الطفل الرضيع؟

أما استخدامك لعبارة (وتعوي في الفضائيات) فأعتقد أنها سقطت سهواً  ويجدر بحضرتك الاعتذار عنها  احتراماً لبلدك العراق أولاً، وللعرب عموماً ثانياً، وللإنسانية وانتِ عضوٌ فيها ثالثاً.

 

وفي النهاية ورداً على ردك الذي أرهقني لأنه يتشعب كثيراً ويطال كل شيء تقولين: (كنت قد أبديت إعجابي مسبقا بمقاربتك بآيات من القرآن الكريم في كتاباتك ، ولكني وجدتك ممن يقرؤون ( ولا تقربوا الصلاة ) فقط وتتحاشون قراءة ( وانتم سكارى ) ، فاستحلفك بالله ان لا تستشهد بآيات الكتاب الكريم بعد ذلك ، لان ذلك اسلوب لتروج ما تكتب فقط .

واتمنى ان تقرأ كتبك التي على الرف ، ولا تكتفي بالعناوين ، فحبة من كل حقل لا تكفي.

 

سيدتي: لا أعرف إن كنت حضرتك قد أبديت إعجابك مسبقاً بما أكتب ومع ذلك فأنا مدين لك بالشكر لهذا الإعجاب وفي الحالتين، ويؤسفني أن أقول لحضرتك بأنني لا استطيع إجابة طلبك ولا يمكنني أن أحلف بأن لا أستشهد بآيات الكتاب الكريم بعد ذلك... لأن طلبك الأخير هذا هو الذي دفعني لتجشم عناء الرد فأنت بهذا الطلب يا سيدتي تطبقين قاعدة من احتكروا رحمة الله وجنته حصريا لهم... فهذا كتاب الله ونزل رحمة للعالمين ولا يمكنك احتكاره ولا تملكين في هذا المسلك حق وصاية ولا تملك، ولا منع!، ولا يمكنني منعك من قراءة كتبنا، ولا يملك اليهودي ان يمنعك من قراءة كتبه، ولا يملك اليابانيون ذلك! أما فيما يتعلق بمسألة الترويج فلي الفخر في ذلك ولا أعتبر ذلك مذمة ولا يهمني ما قصدتيه أو تعمدتيه لتقدمي عني إيحاء من نوع معين.

 

قيل لأعرابية من أكثر ما تحبين من أولادك فأجابت : المريض حتى يشفى والصغير حتى يكبر والغائب حتى يرجع والحزين حتى يفرح والجائع حتى يشبع والسجين حتى يرى نور الحرية، والعراق اليوم  يا سيدتي  وكما كان منذ البداية موضع حبنا وفخرنا ومجدنا ولعل الأغنية الآتية تبكي كل سوري وأنا منهم: يا زارع بزر القروش إزرع لنا حنة...وجمالنا غربن وا ويللي للشام وما جنَّ دق الحديد بالحديد وا ويللي تسمع لهو رنّة، جرحك يا قلب خزّن ولا تستشينا يا زارع بزر القروش ازرع لنا حنة.

وبالتالي فإن موقفي من العراق وأهل العراق  معروف وموجود بإسهاب في بعض مقالاتي ومنها:

 

لبلبي بغداد الحبيبة ... بقلم آرا  سوفاليان

http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=64121

جاء يبحث عن دار أم لجين... بقلم آرا  سوفاليان

http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=45982

وتحية لك يا ابنة الرافدين وأعرف أن ما طالني منك هو بسبب الدم الحار، ولكن ثقي بما سأقوله لك بأنه لن تقم قائمة للوطن العربي إلا بعد خفض الشاهدة واليد اليمنى بالكلّية والكف عن تنظير الناس وتكفيرهم وتمجيسهم، وتغيير نظرة الريبة والتفرقة والكره ومد اليد لتعانق اليد من الشام لبغدان (أو بغداز) ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان.

 

2011-05-11
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد