news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
إرهاصات الثورة السورية ... بقلم : كمال عيزوق

ستون عاما مضت من عمري ، وأنا اشعر أن وطني هو سوريا ، وامتداد هذا الوطن هو امتداد التراب السوري في الجهات الأربعة ، حدوده الأمن   والأمان والاطمئنان ، والعروبة التي تمتزج بهوائه العليل ، والجمال الذي يعرش على جباله ، ويفترش طرقاته ، والحان الطيور والشجر ، وغناء الحداة والسمر .


وكنا على دراية وعلم ويقين بأن هناك من يحاول أن يسرق منا هذا الوطن ، وان الأعداء على مرمى حجر من أرضنا وسمائنا وشواطئنا ، لان هذا الوطن شوكة في عيونهم وحجر عثر في طريق تحقيق أحلامهم .

 

وكنا من أجل أن نحصن هذا الوطن والمواطن في وجه أعداءه ، نحلم بثورة حضارية سلاحها الفكر والياسمين والورد الجوري ، ثورة تعيد الألق للوطن وتزيده فتنة وجمالا وتقوي عزيمة أبناءه في وجه أعدائهم   ثورة تقضي على الفساد الذي عشش في المآقي والعيون ، ثورة نتجاوز فيها التخلف وتلحقنا بركب الحضارة  ثورة تعيد للإنسان السوري كرامته وتحافظ على شخصيته ، ثورة حبلى بالطموح والتفاعل الإنساني ، حرية شروطها وحدة الوطن وتراب الوطن وكرامة المواطن .

لكن " من أين سندري أن صحابيا سيقود الفتنة في الليل بإحدى زوجات محمد "

من أين سندري حجم المؤامرة الفتنة التي سهر أعداء الله والوطن على نسج خيوطها بأيدي العاقين ، والخارجين على القانون من أبناء الوطن وسربوها في الليل وتحت جنح الظلام بعد أن البسوها النقاب وشحنوها بالسلاح والمتفجرات ،

 

من أين سندري أن أبا جهل سيكون المفتي للثورة ، وسيحلل ذبح وقتل امة محمد ، من أين سندري أن شيوخ الفتنة سيكونوا قادة ثورة .

للوهلة الأولى قلنا أن ربيع الوطن قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وان الغيوم التي ألقت بظلالها السوداء على تراب الوطن ستنقشع على أيدي شباب التغيير والإصلاح .

 وقلنا أن موسم الياسمين قد شارف على الإزهار ، وبراعم الجوري بدأت بالتفتح ، لتحيل الوطن إلى لوحة زاهية رائعة تمتزج فيها الألوان القزحية ، وتنيرها شمس الحرية

لكن لم تلبث الثورة الفتنة أن خلعت نقابها وكشرت عن أنيابها وأشهرت أظافرها المسمومة لتغتال الأمل والفرح والبسمة وتغتال الطموح وتغتال معه الوطن أنشبت أسلحتها في جسد الوطن، ونزف الدم في الشوارع غزيرا ، واطل غربان الفتنة والإسلام أسرابا أسرابا يحللون بفتاويهم الجاهلية سفك الدم السوري ، وتقطيع أوصال الوطن وتحويله إلى خرابات يعيش فيها السوريون تحت عنوان الفرز الطائفي والمذهبي .

 

لقد شعرنا نحن الذين نعيش خارج مدننا وقرانا لأول مرة بالغربة ، وان الأرض السورية تتفتت كما الجليد القطبي تحت وطأة نار الفتنة الطائفية والمذهبية .

شعرنا أن الوصول إلى مسقط رأسنا بات كمن يحاول اجتياز حقول ألغام ، لا يعرف في أي حقل سيموت ، ولا على أي حاجز سيذبح ، أصبحنا نشعر بقسوة نظرات الآخرين من حولنا ، وأننا غرباء لأول مرة في الوسط الذي نعيش فيه ، وأننا بحاجة إلى العناية الإلهية لتنقذنا من هذه الورطة وتأخذنا على أجنحة الريح إلى حيث الأهل والأصدقاء إلى حيث الشعور على الأقل بالأمان مع الآخرين ، إلى حيث التراب الذي سندفن تحته بكرامة واطمئنان .

 

لكن من حسن حظ سوريا أن هناك منقذ أخير، ودرع حصين، وسياج متين ادخره الوطن إلى مثل هذه اللحظات العصيبة.

الجيش الذي قوامه حماة الديار ، حماة الوطن ، حماة العلم ، حماة الوحدة ، حماة الكرامة .

فشكرا لمن أعاد البسمة للأطفال ، لمن زرع الأمل بقدرة الوطن على الصمود في وجه غربان الفتنة .

 لمن أعاد الأمل في لحظة اليأس

 

لمن أعاد الأمن في لحظة الخطر المحدق الذي كاد أن يؤدي إلى الكارثة

لمن أعاد للعلم عليائه وللوطن بقائه

من اجل أن لا تتكرر المأساة ، ومن اجل أن لا يظهر أبو جهل جديد ، ومن اجل أن لا تتنكر الغربان بعمائم الإسلام ، ومن اجل أن لا تخضب الشياطين ذقونها وتقرا الفاتحة على الوطن .

 

من اجل هذا كله :

لتقطع أيدي الفاسدين والمفسدين الذين ساهموا بإدخال سلاح الفتنة إلى حياض الوطن مقابل حفنة من الدولارات .

لتقطع أيدي من نسجوا الفتنة في الداخل والخارج والبسوها لباسا اسودا وزفوها للوطن عروسا بمخالب وأنياب

لتقطع أيدي الذين قهروا المواطن وأذلوه في مكاتبهم ودوائرهم وأمام نوافذهم .

 

لتقطع أيدي الذين اثروا على حساب المواطن ولقمة عيشه .

لتقطع أيدي من قمعوا الحريات وحولوا الوطن إلى زنازين وأوصلوا المواطن إلى الانفجار .

ولنعمل معا تحت سقف الوطن على بناء مجتمع عصري حضاري سماته كرامة المواطن ،وأمنه وأمانه، وهوائه حرية المواطن التي لا يحدها سوى الأنظمة والقوانين .

لك أيها الوطن الغالي ألف تحية من القلب لأننا لترابك ننتمي وبك نحتمي وبدونك نحن مجرد أرقام على صفحات منظمات حقوق الإنسان .

2011-06-02
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)