news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الشخصية السوية بالمقلوب . . نظرة تأملية... بقلم : ماجد جاغوب

لا يقدر قيمة الأمان إلا من كان فاقداً له، ولا قيمة الراحة إلا لمن أنهكه التعب، ولا قيمة النوم إلا من أهلكه النعاس ولا قيمة الحرية أكثر من السجين


ولا قيمة الشبع إلا من تضور جوعاً ولا قيمة الماء العذب إلا من كان ظمآن، ولا قيمة نعمة المال إلا من كان فقيراً، ولا قيمة العدالة إلا المظلوم، ولا يقدر نعمة الصحة أو البصر أكثر ممن فقدها بعد أن كان متمتعاً بها، ولا يقدر قيمة الهدوء إلا من يتوقف الضجيج عن اختراق أذنيه، ولا يقدر قيمة البشر المتميزين بروح إنسانية وأخلاق عالية إلا بعد أن يجرب التعامل مع الأشرار .

 

البصيرة غير البصر، وكثير من فاقدي البصر نفوسهم عامرة بالبصيرة وبعض من منحهم الخالق نعمة البصر ضعيفي البصيرة أو فاقدون لها ومن بدأ تجربته في الحياة واصطدم مع الأشرار يحدث خلل في أعماق نفسه يدفعه إلى التعامل بحذر أو سلبية أو بأسلوب الأشرار نفسه مع الآخرين دون تمييز بين البشر بسبب الصدمة التي واجهها في بداية المشوار، وبهذا يخسر نفسه لأن مسلكيته تتحول إما إلى إنسان شرير وإما إنسان سلبي في أحسن الأحوال  

 

والموظف الذي يظل يعاني لمدة طويلة تعامل مديرين يمكن وصفهم بالقساوة والتعالي، لا يتمكن من العمل مع مديرين عاديين متواضعين وهادئين، ويعاني خللاً واضطراباً في نفسيته ومسلكه وتصرفه بدل الشعور بالراحة، ما يؤثر سلبياً في أدائه بسبب انشداد وانشغال تفكيره بالماضي وإن كان الواقع من حوله قد تغير، ما يولد لديه الرغبة في التغيير الدائم لموقع عمله معتقداً أنه المخرج لمأزقه والحل لمعاناته ولكن النتيجة غالباً ما تكون سلبية ومدمرة لحياته

 

 ومن ناحية أخرى ينصح بعض المختصين في علوم النفس الإنسانية بعدم توظيف من تعرض سابقاً لأساليب تعذيب في موقع يخوله التحقيق مع متهمين لأن هذه النماذج وإن كانت شخصياتهم تبدو طبيعية ظاهرياً إلا أنهم عند وضعهم على المحك يتقمصون في الظلام شخصيات من قاموا بتعذيبهم سابقاً مع تطوير أساليب أكثر قساوة، متصورين أنهم يردون الصاع صاعين لجلاديهم ويبررون لأنفسهم غير السوية محاولين إقناع ذاتهم المهزوزة بأنهم ينتقمون لأنفسهم بطريقة عادلة ويتصورن أن من ينكلون به اليوم هو جلادهم بالأمس بسبب تفجر الحقد الكامن في أعماقهم الذي يعمي بصرهم وبصيرتهم معاً علماً أن الضحية بين أيديهم هو ليس جلاد الأمس ويمكن أن يكون بريئاً،

 

 ولكن بسبب سادية المحققين يضطر المتهم إلى الاعتراف بأمور لم يرتكبها، ما يؤدي إلى تضليل العدالة وفقدان بوصلة الحقيقة لمعايير العدل والنزاهة والمصداقية وتتراكم السلبيات التي تغذي روح الانتقام المدمرة داخل المجتمعات .

2011-05-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد