news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
سورية قلعة منيعة.. رغم كل المؤامرات... بقلم : د.إبراهيم زعير

رغم تراجع التوتر في الشارع السوري


على وقع توجيه ضربة قاسية لأؤلئك الذين استغلوا التظاهرات العفوية والمطالب المحقة، لتنفيذ مؤامرتهم الدنيئة الخبيثة ضد سورية المقاومة ونهجها الوطني، وخاصة في درعا وبانياس وحمص، التي تتمركز فيها بشكل رئيسي المجموعات الإرهابية المسلحة،المعدة مسبقاً وحتى قبل الأحداث وبسنوات عديدة، تصاعدت بالمقابل لغة التهديد والوعيد من قبل الامبريالية الغربية وخاصة الامبريالية الفرنسية والأمريكية أملاً في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مخططهم المتهالك الآيل للسقوط والهزيمة، بفضل التلاحم الراسخ بين الجيش العربي السوري البطل والشعب الرافض لمنطق الهيمنة والعبودية الاستعمارية.

 

 وافتضاح طبيعة الحملة الإعلامية والدعائية الهستيرية التي تنفذها الفضائيات المأجورة وخاصة الجزيرة" والعربية" وفرانس 24" وbbc " وغيرها بالتوازي والتنسيق مع مراكز القرار التآمري في واشنطن وباريس ووكلائهم في المنطقة العربية، قطر والمملكة السعودية والإمارات، وبعض التيارات المرتبطة بهذه الجوقة، بدءاً من تيار المستقبل والإخوان المسلمين وبعض من يدعون بالمعارضة الموتورين القابعين في أحضان الغرب والذين ينعمون بأمواله وينفذون أملاءاته بتحريض الشارع السوري. وكانت هذه الجوقة بمجموعها، تحلم باقتراب يوم إسقاط النظام السوري أو تفتيت سورية على أساس مذهبي بمحاولتهم إحياء مشروع تقسيم سورية إلى أربعة أو خمسة كيانات والذي فشل إبان الانتداب الفرنسي على سورية، بفضل وعي ومقاومة الشعب السوري لهذا المشروع، وسيفشل اليوم أيضاً بفضل وعي شعبنا وتضحيات قواته المسلحة الباسلة.

 

بطبيعة الحال، لا يمكن فصل ما جرى ويجري في سورية، عن المشهد العام في المنطقة العربية والذي يؤشر إلى طبيعة الخطة الأمريكية الموضوعة لاحتواء الفشل الاستراتيجي للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط ولضمان حماية إسرائيل بعد خروج القوات الأمريكية المحتلة من العراق، المقرر في نهاية العام الحالي، ويبدو إن تفاصيل هذه الخطة، المحركة لتطور الأحداث، تتضمن تنسيق متكامل بين الإدارة الأمريكية واللاعبين الرئيسين الذين تم إسناد تنفيذ الخطة لهم في المنطقة.

 

 وكان العمل يجري منذ أكثر من عامين في موقع القرار الأمريكي، لإيجاد خيوط متينة مع تنظيم الإخوان المسلمين والحركات الدينية المتطرفة خارج سورية وداخلها واستخدم لهذا الهدف ممثلو " الاسلام المعتدل" الذي تعبر عنه تركيا التي قدمت نموذجاً يرضي الولايات المتحدة من جهة ويرضي الإسرائيليين والأنظمة الرجعية العربية من جهة أخرى عن طريق الانسجام مع الحلف الأطلسي والعلاقة مع اسرئيل وأمريكا، وترضية الشارع الشعبي التركي المتعاطف مع القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين.  

 

وبواسطة تركيا التي احتضنت قادة الإخوان المسلمين تحول هذا التنظيم إلى أداة أساسية للامبريالية الأمريكية في إعادة تجديد محاولاتها لاستعادة ترسيخ نفوذها السياسي والاقتصادي والهيمنة على المنطقة العربية الغنية بالثروات النفطية وبموقعها الاستراتيجي في قلب العالم. وتحولت مصر إلى ميدان لاختبار هذه الفرضيات، بمحاكاة النموذج التركي وضمان قيادة الجيش المصري بأن تستمر في التزامات مصر بمعاهدة كامب ديفيد وامن إسرائيل ومصالح أمريكا.  

 

ولكن هذا الاختبار ما زال قيد التجربة، فثورة 25 يناير رفضت هذا التوجه وردت القوى الظلامية عليها بمحاولة إشعال الفتنة بين الأقباط والمسلمين، ولحسن الحظ تم احتواء هذه الفتنة في ميدان التحرير الذي جمع جميع الأطياف تحت شعار الوحدة الوطنية ودعم فلسطين. ولكن الاستفتاء الذي جرى على الدستور المصري اظهر التعاون الخفي بين الإخوان وبقايا حزب مبارك ويعمل الطرفان للفوز في الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة. ويتضمن هذا التوجه أيضاً تحديد الموقف من مسألة الصراع العربي الإسرائيلي، وفق رؤيا بريجنسكي القائمة على شطب حق العودة ومبدأ اقتطاع قسم من أراضي الضفة الغربية المحتلة وضمها إلى الكيان الصهيوني وتثبيت دولة يهودية خالصة مقابل منح الفلسطينيين مساحات من النقب وسيناء بشرط أن تكون الدولة الفلسطينية القادمة منزوعة السلاح، وبذلك فقط تضمن أمريكا أمن إسرائيل.

 

 ولوحظ تمركز الجهود الأمريكية والغربية والتركية حول هذا المحور وقدمت لحماس الكثير من الإغراءات السياسية والاقتصادية وتارة بالتهديد الخفي لإرغامها على القبول. وربما ما نشهده اليوم من صراع في الساحة الفلسطينية يتمحور حول هذا الخيار فالشعب الفلسطيني رفض بأكثريته الساحقة إسقاط مبدأ حق العودة وإلغاء خيار المقاومة ضد إسرائيل. وبقيت سورية هي العقبة والمفصل الحاسم في تقرير مصير الخطة الأمريكية وعليها يتوقف فشل أو نجاح هذه الخطة ، ولهذا رأينا تدخلاً شاملاً وعنيفاً بالشأن السوري الداخلي أمريكياً وأوربيا وعربياً رجعياً تمثل بفرض عقوبات عليها والتهديد بفرض عقوبات أشد والتلويح بأشياء أكثر خطورة وتلاقى هذا التدخل الامبريالي مع تورط حركات مرتبطة بالاستخبارات الأمريكية بالداخل السوري .

 

ولان سورية هي القطب المقاوم والصامد في وجه مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة، فإن مهمة إزاحتها عن طريق هذا المشروع الجاري تنفيذه والضغط عليها من الخارج والداخل عن طريق أخضاعها لشروطه. وبما إن سورية صمدت في وجه هذه العاصفة سيستمر الامبرياليون الأمريكيون وأعوانهم بالضغوطات وبجميع الوسائل والطرق، لان مصير الخطة الأمريكية وأهدافها مرتهن بسورية. ولهذا نجد كيف يجيشون ويحرضون عن طريق الإعلام والضغط وتنشيط التمرد المسلح داخل سورية لإضعافها وإخضاعها. ويعملون لتثبيت أجندات إصلاحية اقتصادية يعبر عنها بالليبرالية الاقتصادية والانفتاح ونسف القطاع العام كركيزة أساسية للصمود الوطني وتعزيز النهج المقاوم لسورية.

 

 لذلك نرى أن المتآمرين على سورية في الخارج والداخل لم يتحدثوا إطلاقا عن ماهية التوجه الاقتصادي الذي يريدونه فهم راضون عن الاقتصاد الليبرالي الذي كان يدفع إليه ويروج له الفريق الاقتصادي السابق الذي تمثله أقطاب البرجوازية الكومبرادورية والطفيلية. وتم التركيز على الإصلاح السياسي وهو مطلب شعبي عام وكذلك محاربة الفساد، ومن الواضح ان المتآمرين لم يكن لديهم أي رغبة بأي إصلاحات سياسية، لكي لا تفوت عليهم ذرائع التآمر، وأكثر ما أزعجهم إن الشعب السوري عبر عن تمسكه بفكرة الإصلاح تحت السقف الوطني والأجندة الوطنية، وهو يأمل بالإسراع بها والعودة عن الليبرالية الاقتصادية، لتفويت المؤامرة على سورية ولعزل التمرد الإرهابي التكفيري وعزل أدوات المشروع الأمريكي الاستعماري في الخارج والداخل.

 

لقد رفض الشعب السوري بقواه الوطنية والتقدمية وبأكثريته الساحقة الانجرار إلى مخطط الفوضى والتخريب وتمسكه بالإصلاح الحقيقي الذي يشكل الأساس المتين لوحدة سورية وقدرتها على مجابهة المؤامرة المتعددة الأوجه والانتصار عليها. فصمود سورية سيجدد عناصر قوة ومتانة خيار الصمود والمقاومة الذي تنتهجه سورية والذي يعبر عنه الرئيس بشار الأسد ويلقى دعم جميع الأحرار في دنيا العرب والشرفاء في العالم اجمع. وقد أصيب السيناتور الأمريكي الصهيوني جو ليبرمان وشركاؤه من المحافظين الجدد وادارته الأمريكية وحلفاؤه الإسرائيليون بخيبة أمل كبيرة برهانهم على " أيام الجمعة" التي كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر لتوظيفها بهدف تطويع سورية وتغيير سلوك نظامها السياسي وإسقاطه. ولم يخطر بباله إن سورية كما كانت عصية على الأخذ من الخارج طوال تاريخها فأنها أيضاً عصية على الأخذ من الداخل وستبقى سورية القلعة الشامخة في مواجهة العواصف الامبريالية السوداء!.

 

2011-06-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)