news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
لكن المزيفة ... بقلم أصف محمد

يقول أنا معجب ومفتون بالحضارة الغربية وما توصلت إليه من إنجازات معنوية ومادية مدهشة، والأرقام الهائلة التي وصلت إليها المجتمعات الغربية في النمو الاقتصادي والرخاء الاجتماعي تستحق الوقوف عندها والتفكير مليا بها.


 وأتمنى أن نصل إلى يوم تصبح فيه شوارعنا نظيفة تشبه شوارعهم ومدننا جميلة منظمة كمدنهم، ونبني الجسور والساحات على شاكلة جسورهم وساحاتهم ..............ولكن ماذا عن المشكلات التي تعصف بتلك المجتمعات؟ ماذا عن التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي الذي وصلت إليه ؟

 بالنهاية أعتقد بأن  تلك الأمم تتجه إلى الزوال لا محالة وتلك الحضارة ستصبح أثرا بعد عين -هنا يصدر حكمه المبرم بتجريم وفسق ولا أخلاقية تلك المجتمعات- ونحن كمجتمع شرقي نشأنا على أن نكون يدا واحدة لا يمكن أن نتحول إلى النزعة الفردية التي تنهش المجتمع الغربي وتهدد بنيانه  -لماذا كل هذا الحقد على النزعة الفردية  هل هي سيئة بالمطلق؟ ألم تكن أحد العوامل الأساسية في نهوض المجتمعات الغربية؟ ألم  تقم الحضارة الغربية نتيجة نضالات مفكرين ومثقفين وكتاب قامت أعمالهم على الإبداع الفردي- !

يقول بأن الغرب يتقدم علينا وعلينا الاعتراف بأنه يسبقنا بعشرات السنين في الوقت الحالي في كثير من المجالات  ولكن لا نستطيع أن نكون مثل الغرب ولا يمكن أن نتشبه بهم فنحن نتميز عنهم بأننا شعب عريق له ماض عظيم، وتاريخنا مليء بالكثير من النقاط المضيئة، والأهم بأن لنا عاداتنا وتقاليدنا التي لا يمكن أن نتجاوزها بسهولة فهي هويتنا التي تميزنا بين شعوب الأرض هنا تبرز بشكل واضح الأنا المنتفخة التي لا تخلو من نفحة عنصرية في غير محلها-  .

يقول أنا مع حقوق الإنسان وخاصة خاصة المرأة وأنا مع إعطائها كامل حقوقها، باعتبارها إنسان له كيانه وبالتالي لها حق التصرف بكل ما تملك, ولكن مع مراعاة وضع وخصوصية مجتمعنا أي أننا نسعى في سبيل نيل المرأة لحقوقها,ولكن على طريقتنا ووفق منظورنا فنحن بالنهاية مجتمع شرقي لديه أعرافه وقيمه ومقاييسه وعلينا الانطلاق من هذه الخصوصية عند مقاربة هذا الموضوع وإلا نكون قد وقعنا في المحظور.

يقول أنا مع حرية الرأي بشكل كامل لأن أحد أهم المبادئ الأساسية في بناء المجتمعات والأمم هو احترام الرأي الآخر مهما كان مختلفا لا بل حتى مناقضا، وأنا لا أسمح فقط  بتوفير مناخ من الثقة يؤدي إلى إطلاق الأفكار الأخرى بل أناضل في سبيل أن يصل صوت من يخالفني الرأي.

ولكن يجب الانتباه والتركيز دائما على نقطة هامة وهي ألا يتجاوز الرأي الحدود المتعارف عليها في المجتمع خاصة مجتمع متعدد الاتجاهات كالذي نعيش فيه فالانصهار الاجتماعي خط أحمر لا يجب الاقتراب منه تحت أي اعتبار –بالطبع دون أن يفوته التذكير بأن الاتجاه الذي يمثله هو الصحيح وينبغي على الآخرين إتباعه-.

يقول أنا من أشد أعداء  الفساد وثقافة الفساد التي يروج لها البعض عن خبث أو حسن نية فلا شيء يبرر أن يكون المرء فاسدا إلى هذا الحد ولا أن يبيع نفسه للشيطان , ولكن نحن نعيش في زمن صعب لا مكان فيه للمتعففين يجب عليك أن تنتزع لقمتك من بين فكي الوحش كي تستطيع الاستمرار وبما أن الفرصة تأتي مرة واحدة في العمر فلا بأس من استغلالها.

تسكن لكن المزيفة عميقا في وجدان الكثير منا، ويعشق البعض منا المنطق التبريري إلى حد الجنون. متى تسللت هذه الكن إلى قاموسنا اللغوي؟ فطردت لكن الحقيقية واستولت على مكانها وتقمصت شخصيتها، ربما يجب التذكير هنا بأن لكن الحقيقة تعني التصدي للأخطاء والخطايا بجرأة وموضوعية، وهي تعني أيضا الوقوف أمام المرآة بصدق لمشاهدة عيوبنا والاعتراف بوجودها للتعرف عليها ومواجهتها بدلا من الاتكاء على حائط اللكنة المزيفة النافية التي لن تأخذنا إلى مكان سوى الغوص بنا إلى واد سحيق يغرقنا في مزيد من الجهل والتخلف والانعزال عن مواكبة تطور المجتمعات الأخرى في هذا العالم.

 لكن الحقيقية ولكن المزيفة تشبهان بعضهما إلى حد كبير وتكادان تتطابقان فكلاهما تشكلان المحور الذي بني حوله وقام عليه الجدل الإنساني "لكن" مع فارق بسيط في الاتجاه.

 

2010-10-30
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)