news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
نكات محزنة _4 _... بقلم : الدكتور أحمد أحمد رمان

المشهد الأول :


ضحك ضحكة مجلجلة نافثاً معها كماً كبيراً من دخان الأركيلة , التي ترافقه في كل سهراته , ويرتشف منها الدخان بشغف , وقال  لصديقه : معقول يا صديقي ............ معلق رياضي ؟ معقول أصير معلق رياضي

تبسّم الصديق وعلى وجهه أمارات الجد في الكلام وقال : ولماذا تضحك ؟ و بماذا يفضُلك هؤلاء المعلقون يا أبو صطيف .

 

قال أبو صطيف  : كيف وثب إلى ذهنك هذا الخاطر وأنا لست إلا بياع بطاطا على عربة في سوق الخضرة 

رد الصديق : والله إنك تملك موهبة صوتية لا تعرف قيمتها جيداً , فأنا شخصياً أترنم كثيراً عند سماعك تبيع البطاطا وخاصة عندما يطاول نداءك عنان السماء حين تقول : يبروديـة يا بطــاطــــا .

 

رد أبو صطيف : ولكن أين هو ذلك الرابط بين ( الجعير ) لبيع البطاطا والتعليق على المباريات .

قال : أنا في رأيي الشخصي ليس هنالك فارق كبير عندنا بين بيع البطاطا والتعليق على المباريات الرياضية  والدليل على ذلك أنه عندما يكون هنالك مباراة في كرة القدم يخاطب الرجل ابنه الشاب قائلاً : هل سيعلق اليوم على المباراة بياع البطاطا يا ابني أم بياع الخيار أم ذلك الذي يعمل منادياً في المحكمة صباحاً ومعلق رياضي بعد الظهر .

قال أبو صطيف : ولكن يا رجل هذه المهنة تحتاج إلى حد أدنى من الثقافة .

 

رد الصديق مندهشاً : ثقافة !!!!!! أهلين ثقافة , ألم تسمع ذلك المعلق الذي قال لزميله أثتاء التعليق على إحدى المباريات : كووووووووول زميل غسان من نفس الزاوية وبنفس الأسلوب ومن نفس اللاعب ,..... ولكنه يستدرك بعد عدة ثواني ليقول : عفواً زميل غسان هذا هو الهدف السابق نفسه ولكن يتم إعادته على البطيء .

أو ذلك المعلق الذي قال لزميله في تعليق على مبارة أخرى : اسمع زميل فيصل كيف  تهتف الجماهير بحياة الرياضة والرياضيين ثم يوجه ميكروفون للجمهور الذي كان يهتف بصوت واضح : ...... أمك يا حكم .... أمك يا حكم . 

أو ذلك المعلق الذي يصف انطلاق الكرة نحو المرمى بأسلوب يجعلك تنفلج قائلاً : تمر الكرة زاحفة تعلو العارضة .

 

ضحك أبو صطيف حتى دمعت عيناه وقال : هل أنت جاد فيما تقول ؟, هل من الممكن أن أصبح معلقاً رياضياً بهذه السهولة , ألا يحتاج هذا العمل إلى مؤهلات علمية ؟.

قال الصديق : مؤهلات ....هه هه هه  لا تحتاج يا صديقي إلا إلى واسطة ذات مؤهلات عالية وهذا الأمر اتركه علي واعتبر نفسك صرت معلق رياضي , لكن أريد أن أسألك عن ابنك مصطفى هل تخرّج من الجامعة أم لا .

رد أبو صطيف متنهّدا : والله له حتى الآن في الجامعة عشر سنوات ولم بتخرج منها , بينما عدد سني الدراسة في كليته خمس سنوات . 

 

المشهد الثاني :

أيه يا مصطفى لماذا أنت حزين إلى هذه الدرجة ولم تقرب فنجان القهوة طيلة جلوسنا في الكافيتريا  منذ نصف ساعة .

رد مصطفى حزيناً : كيف لا تريدني أن أحزن يا صديقي وقد رسبت اليوم في نفس المادة التي أرسب فيها دائماً , والله العظيم لقد شكلت لي هذه المادة عقدة في حياتي .

ضحك الصديق وقال معاتباً : أنت شاب ساذج ودرويش يا مصطفى .

اندهش مصطفى ورفع حاجبيه متسائلاً عن ماهية هذا الكلام .

 

قال الصديق : ألم تعلم أن النجاح في هذه المادة يا صديقي يحتاج إلى تبييض الفال ,ضع يدك في جيبك تنقضي حاجتك .

قال مصطفى متلهّفاً : كككككككيف ذلك , أيدي بزنارك ,  لقد شاب شعري من كثرة ما درست هذه المادة حتى صرت أراها في أحلامي , كيف السبيل إلى ذلك ؟ أرشدني الله يسترك .

رد الصديق بكل ثقة : قضيتك محلولة بكل سهولة , فأساتذة الجامعة من أمثال أستاذ هذه المادة له مفتاح وموجة تردُّد لا يعمل إلا عليها كالقنوات الفضائية , ومفتاح هذا الرجل الأستاذ ملحم موظف الديوان , فهؤلاء جماعة أذكياء ويحتاطون بشكل جيد فلا يأخذون الرشوة بأيديهم و إنما لهم مفاتيح .

 

قال مصطفى وعلى وجهه أمارت اليأس : ولكن القضية أصبحت بذلك مؤجلة حتى الفصل القادم .

ضحك الصديق وقال : ألم اقل لك بأنك ساذج ودرويش يا صديقي , سأضطر أن أحل لك المشكلة بنفسي , وما عليك إلا أن تذهب إلى الديوان وتطلب إعادة تصليح ورقتك , وأترك الباقي علي فأنا سوف أذهب إلى الأستاذ ملحم  ولكن قبل ذلك ضع يدك في جيبك و جهّز المعلوم .

 

المشهد الثالث :

- الله يصبّحك بأنوار النبي يا باش مهندس عماد والله أنت منارة هذه البلدية .

 نظر إليه المهندس عماد متسائلاً :  عفواً من حضرتك .

 

قال : أنا أبو صطيف يا باش مهندس الله يصلحك ,  ذاكرتك ضعيفة على ما يبدو , لقد أتيت إليكم في البلدية منذ ستة أسابيع بمعاملة رخصة بناء للطابق الثاني عندي في المنزل , فقد تخرج ابني مصطفى من الجامعة      ( الله يخليلك ) وأريد أن أهيء له سكناً مستقلاً في الطابق الثاني ليتزوج فيه ( عقبال ولادك ) .

- نعم تذكرت !!!! لا نستطيع إعطائك هذه الرخصة .

قال أبو صطيف مندهشا : وما هو السبب ؟ المعاملة كاملة بكل مدفوعاتها وطوابعها وإمضاءاتها و أختامها .

 

رد المهندس عماد مستهزئاً : لن تفيدك كل هذه الأختام والطوابع يا سيدي , لأن بناء الطابق الأرضي لم يكن مرخصاً  أصلاً فكيف سنعطيك رخصة للطابق الثاني .

بدأ العرق يملأ جبين أبو صطيف ثم قال مستهحناً : ولكنني لم أقم أنا ببناء الطابق الأرضي بل أشتريت هذا البيت هكذا كما هو منذ عشرين عاماً , فكيف أدفع ثمن إهمال مالكه أنذاك بعدم الترخيص , ثم استطرد قائلاً : صبر جميل والله المستعان , هل أنا الآن بحاجة إلى تجهيز معاملة أخرى لترخيص الطابق الأرضي .

ابتسم المهندس وقال : وهذا أيضاً لن ينفع لأن الطابق الأرض أيضا مخالف في مواصفاته وبنائه فلا يمكن إعطائك رخصة له على وضعه الراهن .

رد أبو صطيف بعصبية : يعني صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل وكول حتى تشبع .

قال المهندس : إنني أنفذ القوانين , ولست أنا من وضعها وجوابي هذا نهائي .

 

خرج أبو صطيف من البلدية محطم الفؤاد , وإذبه يشعر بيد تربت على كتفه ورجل يخاطبه من خلفه : والله إنك رجل ساذج ودرويش يا أبو صطيف ، ما  رأيت أحداً فعل فعلتك , تعال معي وأنا سوف أحل لك مشكلتك , فحلها عن شرطي البلدية الذي إذا قام بغض الطرف عن بناءك للطابق الثاني فلن يحاسبك بعدها أحد أبدا يا صديقي , ولكن عليك بتبييض الفال .

 

التفت أبو صطيف ليفاجأ بأن الذي يخاطبه آذن البلدية فقال حزيناً : أيدي بزنارك حل لي هذا الموضوع وأنا جاهز لكل ما تريد .

صفق الجمهور بحرارة معلناً  إنهاء عرض الفيلم , و أبدت لجنة التحكيم إعجابها بأحداثه ولكنها شكت من أن الأحداث في الفيلم تسير في نسق واحد لا يتغير , ولكن الفيلم  يتطابق بشكل لا سابق له ( بحسب كلام رئيس لجنة التحكيم ) مع المعايير التي وضعت لتوصيف أفلام ( اللامعقول ) في هذا المهرجان العالمي , الذي يجمع الأفلام التي تتكلم عن الخيال واللامعقول في العالم .

 

وحصل هذا الفيلم على السعفة الذهبية فيه , وطالبت لجنة التحكيم المخرج بأن يكثف من انتاج هكذا أفلام ووعدهم بأن لديه في جعبته الكثير الكثير , ولكن اللجنة نصحت المخرج بتغيير اسم الفيلم من ( هموم عائلية ) إلى ( البؤساء ) .

و فاز الممثل أبو صطيف بجائزة أحسن شرّيب أركيلة في العالم .  

2011-06-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد