news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
القدس ترتدي ثوب الحداثة ... بقلم معاذ الصمودي

تعتبر نهاية العقد الأول من القرن العشرين بوابة لدخول مدينة القدس عصر الحداثة، خاصةً مع دخول الكهرباء، ويذكر الجوهرية في كتابه "القدس العثمانية" أن أول من أحضر الكهرباء إلى القدس عمارة لنوتردام دي فرانس الذين جاؤوا بموتور لتوليد الكهرباء لإنارة هذا المعهد العظيم، فكان المار على هذا البناء يشاهد إنارة الكهرباء من المدخل الرئيسي ومن شبابيك العمارة.


ويقول جوهرية: "ولحسن الحظ ولأول مرة كنت وتوفيق مع والدي عندما كان سهران مع حسين أفندي فبعد السهرة بجانب البلدية أحضرنا له حماره فركب ومشينا من حوله إلى أن وصلنا مدخل لنوتردام وكان يعرف البواب فوقف وطلب من البواب أن يطلعنا على كيفية إنارة هذه الكهرباء فدخلنا معه إلى أول الإيوان فجاء وأدار زر كان على الحائط إذ انطفأ نور الكهرباء الذي كان على المدخل والقسم الأول من إيوان النوتردام وأصبح المحل مظلماً، ثم وبأقل من لمح البصر وضع يده على هذا الزر وأداره فأضاء المكان بالحال وتعجبنا من مشاهدة هذه العملية وقلنا أنه والحق يقال لأعظم من الوكس وخرجنا وبقينا مدة طويلة ونحن نقص ما شاهدناه للأصدقاء وللوالدة وللإخوان فيدهشون، وطبعاً انتشر هذا الاختراع بالتدريج في كثير من العمارات الفخمة".

  الفونوغراف:

وبعد فترة وجيزة انتشر في مدينة القدس أول فونوغراف لأديسون الذي كان يسجل الأصوات، وبدأ المتري الزاير عازف الفلوت يسجل أصوات البنات وهن يغنين تراتيل مثل رن صوت في الأعالي وهذا هو اليوم السعيد وبعض الأغاني الدارجة في ذلك الزمان وبعض الزغاريد، واجتمع الكبار والصغار في المدينة حول هذا الاختراع وكلهم دهشة، ولم ينتشر الفونوغراف في القدس بسبب ثمنه المرتفع والذي قُدر بخمس وعشرين ليرة فرنسية ولم تُباع أكثر من عشرة آلات في المدينة كلها

السينما توغراف:

ظهر السينما توغراف لأول مرة عام 1910م، وكانت تذكرة الدخول بشلك للواحد من العملة التركية، وكانت السينما صامته تعرض في القاعة والمسرح الموجود في عمارة فاينكولد في شارع يافا مقابل عمارة المسكوبيه.

تحليق أول طائرة في أجواء مدينة القدس :

وردت أوامر من قبل الحكومة في صيف عام 1914م بهبوط طائرة لأول مرة في القدس، وحُدد موعد هبوطها في الساعة الثانية عشر ظهراً.

 ويصف الجوهرية ذلك اليوم بالتالي :

"هرعت الحكومة والجيش والشعب كافةً من باكر اليوم المحدد، وكان على ما أذكر طقساً حاراً جداً وإني لا أبالغ إذا قلت بأنه لم يبقَ في مدينة القدس سوى عددٌ قليل، ولما كان والدي حياً  ركب الحمار وذهب ليرى الطائرة، وذهبنا معه وكأنه موسم، وجمهورٌ مجتمعٌ تحت حرِّ الشمس والبائعين المتجولين يبيعون كل أنواع  ألاأكل والشراب، حتى أني أذكر أن الناس اضطرت إلى شرب شربة الماء الصافي نظرًا لعدمه في ذلك اليوم من السقايين". 

ويذكر الجوهرية أن الطائرة لم تصل وسقطت فوق سمخ في طبريا، وقُتل من فيها من الطيارين العسكريين هما نوري وإسماعيل، وكانوا من خيار الشبان المتعلمين في فن الطيران الذي كان جديداً في العالم.

ويصف خليل السكاكيني مشهد استقبال الطائرة بالتالي:

أفطرت وذهبت إلى البقعة، فكان الناس يتوافدون إلى المحل المُعد لنزول الطيارة حيث ضُربت الخيام ورُفعت الأعلام واصطفت تلامذة المدارس الوطنية، واجتمع جمهور كبير من الناس لا يقل عن عشرات الألوف وأنظارهم شاخصة إلى الأفق الشمالي من حيث قدروا مجيء الطيارة

وبعد فترة من حادث تحطم الطائرة هبطت طائرةٌ حربية وفيها ضباط من الجيش العثماني والألماني معاً، وكانت أول مرة تهبط فيها طائرةٌ في مدينة القدس

السيارة الأوتوموبيل :

وصلت أول سيارة أوتوموبيل إلى مدينة القدس في عام  1912م من نوع فورست، ووصفها أهل قرية العيزرية بأنها عربةٌ بدون خيل،  ولفتت أنظار الشعب بدهشة، وسارت السيارة في شارع يافا القدس، وكانت رحلتها بواسطة معارف كولونية الأمريكان المستر فستر.

 فانوس السحر:

وهو عبارة عن صورة مكبرة على الحائط أو الشاشة ملونة بالألوان الطبيعة، ومن أهم المستفيدين من هذا الاختراع التلاميذ، وخاصةً عندما يريدون الإطلاع على مناطق أثرية في بلاد العرب، وأخصها شرق الأردن مثل البتراء وجبل الملح المعروف في البحر الميت وبعلبك، ومن الأساتذة الذين استفادوا من هذا الاختراع بإعطاء التفاصيل الكافية والوصف الوافي للتلامذة الأستاذ إلياس حداد المربي في مدرسة شنللر في عمارة الدباغة.

الإذاعة :ظهر جهاز المذياع في القدس قبل تأسيس إذاعة القدس، وانتشر في بيوت بعض الأثرياء لارتفاع سعره، وكانت تُسمع الأغاني والموسيقى من أثينا والقاهرة.

ثم ظهرت أول إذاعة في القدس ناطقة باللغة العربية عام 1936م في فندق بالاس بالقدس، ثم افتُتح مقرها الجديد في شارع مأمن الله في عام 1939م، وحضر الحفل عددٌ كبيرٌ من وجهاء القدس وكبار الفنانين والموسيقيين العرب، وكان أول صوت يصدح في هذه الإذاعة هو صوت الشاعر الوطني إبراهيم طوقان الذي أدار القسم العربي في الإذاعة، وشنت سلطات الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية حملات عدوانية على إبراهيم طوقان وعلى ما يذيعه.

ولا تُعبرّ هذه الاختراعات فقط عن دخول مدينة القدس عصراً جديداً، بل إن هنالك علاماتٌ أخرى تدلّ على ذلك مثل: سلطات البلدية والخدمات البريدية والمؤسسات المالية والمدارس الحديثة وانتشار دور النشر والطباعة وإستديوهات التصوير، ويُعتبر تدشين برج الساعة في أعلى سور البلدة القديمة فوق باب الخليل بمناسبة الذكرى اليوبيلية للسلطان عبد الحميد الثاني عام1906م علامةً أخرى لزمن الحداثة، ودخول فكرة الوقت المحدد وبدء العمل بزمنٍ منتظم.

المراجع :

القدس العثمانية في المذكرات الجوهرية.-

القدس الانتدابية في المذكرات الجوهرية.-

هنا القدس دار الإذاعة الفلسطينية تاريخ وذكريات، بشار منافيخي. -

القدس كمدينة عثمانية، عصام نصار. -

 

2010-10-30
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)